الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القذف هو اتهام الذكور والإناث بالفاحشة (زنا أو لواط) دون بينة

السؤال

بالنسبة لكبيرة قذف المحصنات.. هل يقاس عليها الاتهام باللواط؟؟ حيث إنه بلغني عن شاب قتل في بلادنا أنه قتل بسبب فعل اللواط، وقد نقلت هذه الرواية لآخرين ولكن تداركت نفسي وقلت إن هذه الرواية حسب ما بلغني دون جزم مني. فهل يعتبر ذلك قذفا مني لذلك الشاب خصوصاً أنه متوفى؟؟ وما الحكم في استعجالي هذا ثم تداركي للأمر ؟؟وهل إذا كنت متأكداً تماماً ولكن بدون أربعة شهود يعتبر أيضاً قذفا قياساً على أحكام قذف المحصنات ؟؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن القذف يشمل اتهام الذكور والإناث بالفاحشة دون بينة، سواء قذف بالزنى واللواط، وهل تناولت آية النور التي تحدثت عن قذف النساء المحصنات اتهام الرجال بالنص أو القياس محل خلاف عند المفسرين كما ذكره القرطبي وابن العربي، ولا يليق بالمسلم أن يتكلم بكل ما سمع دون تأكد فإن ذلك يلحق بالكذب المحرم، لما في الحديث: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. رواه مسلم. ولاسيما إذا تعلق الأمر بقذف مسلم، ومعلوم أن مسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش الذين جلدهم النبي صلى الله عليه وسلم حد القذف في حادثة الإفك المعروفة لم يكن منهم إلا التكلم بما كان يلقيه المنافقون حول عائشة رضي الله عنها من الكلام الباطل.

وعليه، فإذا كنت قد نسبت بنفسك هذا الشاب إلى فعل اللواط بناء على ما سمعت فهذا قذف محرم، ولو تداركت بعد ذلك وقلت حسب ما بلغني، أما إذا كنت قد أخبرت أن بعض الناس يقولون إنه قتل بسبب اللواط فهذا نقل لما يقوله بعض الناس وليس بقذف، ولكنه مع ذلك لا يجوز نظرا لما فيه من الإساءة إلى هذا الميت وأهله، ومعلوم أن ما يقوله هؤلاء لو كان حقا لكان الواجب ستره وعدم إشاعته فكيف وليس عليه بينة، وقد قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النور:19} قال ابن كثير: هذا تأديب لمن سمع شيئا من الكلام السيئ وتكلم به فلا يكثر منه ويشيعه ويذيعه، فقد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا أي تختارون ظهور الكلام عنهم بالقبيح، لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وقال ابن عاشور: ومن أدب هذه الآية أن شأن المؤمن أن لا يحب لإخوانه المؤمنين إلا ما يحب لنفسه، فكما أنه لا يحب أن يشيع عن نفسه خبر سوء لذلك يجب عليه أن لا يحب إشاعة السوء عن إخوانه المؤمنين.

وقال السعدي: فإذا كان هذا الوعيد لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة واستحلاء ذلك بالقلب فكيف بما هو أعظم من ذلك من إظهاره ونقله، وسواء كانت الفاحشة صادرة أو غير صادرة.

واعلم أن الوقوع في فاحشة الزنا أو اللواط لا يثبت إلا بأربعة شهود يرونه عيانا، فلا ينفع تأكدك من حصوله دون تحقق هذه البينة.

فالواجب هو ترك الحديث عن الموتى لأنهم أفضوا إلى ما قدموا، وراجع في كيفية التحلل منهم وفي المزيد فيما ذكرنا الفتاوى التالية أرقامها: 42517، 97420، 94285، 95091، 10849، 94656.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني