الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تارك الصلاة والصيام

السؤال

في حالة وجود شخص مسلم وموحد بالله عز وجل ومؤمن بكتبه ورسله وملائكته ومسلم بأنه الخالق الباري، ولكن لا يصلي ولا يصوم، فهل يثبت عند السؤال في عذاب القبر؟ جنبنا الله وإياكم، وجزاكم عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الشخص المذكور إذا كان يترك الصلاة والصيام جحوداً لوجوبهما ومات على ذلك فإنه يعتبر كافراً بإجماع العلماء والعياذ بالله تعالى، ومن مات كافراً فإنه لا يثبت عند السؤال ولا يوفق بل يضله الله تعالى كما دل على ذلك الكتاب والسنة، أما إن كان يتركهما تكاسلاً فقد اختلف في كفره في مسألة الصلاة، والجمهور على أنه فاسق مرتكب لكبيرة من أعظم الكبائر، فإن مات على ذلك فهو في مشيئة الله إن شاء غفر له وثبته عند السؤال وإن شاء عاقبه وأضله عن إجابة سؤال الملكين، فإن من عصاة المسلمين من يتلكأ عند السؤال فلا يوفق للإجابة الصحيحة فيضرب والعياذ بالله تعالى، وإليك التفصيل في حكم تارك الصلاة والصيام في كلام أهل العلم وفيما سنحيل عليه من الفتاوى السابقة.

قال النووي في المجموع: فرع: في مذاهب العلماء فيمن ترك الصلاة تكاسلاً مع اعتقاده وجوبها فمذهبنا المشهور ما سبق أنه يقتل حداً ولا يكفر، وبه قال مالك والأكثرون من السلف والخلف، وقالت طائفة: يكفر ويجرى عليه أحكام المرتدين في كل شيء، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وبه قال ابن المبارك وإسحاق بن راهويه وهو أصح الروايتين عن أحمد وبه قال منصور الفقيه من أصحابنا كما سبق. وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة والمزني لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي.. إلى أن قال: ولم يزل المسلمون يورثون تارك الصلاة ويورثون عنه، ولو كان كافراً لم يغفر له ولم يرث ولم يورث، وأما الجواب عما احتج به من كفره من حديث جابر وبريدة ورواية شقيق فهو أن كل ذلك محمول على أنه شارك الكافر في بعض أحكامه، وهو وجوب القتل. وهذا التأويل متعين للجمع بين نصوص الشرع وقواعده التي ذكرناها، وأما قياسهم فمتروك بالنصوص التي ذكرناها، والجواب عما احتج به أبو حنيفة أنه عام مخصوص بما ذكرناه، وقياسهم لا يقبل مع النصوص، فهذا مختصر ما يتعلق بالمسألة. والله أعلم. انتهى.

وبالنسبة لسؤال الكافر فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح بعد ذكر الخلاف في سؤال الكافر ونقل ما روى عبد الرزاق من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين قال: إنما يفتن رجلان مؤمن ومنافق وأما الكافر فلا يسأل عن محمد ولا يعرفه، قال: وهذا موقوف والأحاديث الناصة على أن الكافر يسأل مرفوعة مع كثرة طرقها الصحيحة فهي أولى بالقبول. انتهى.

وقال القرطبي في كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة: ومن الناس يعتاص عليه أن يقول الكعبة قبلتي لقلة تحريه في صلاته أو فساد في وضوئه أو التفات في صلاته أو اختلال في ركوعه وسجوده. انتهى.

وللفائدة في الموضوع يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27799، والفتوى رقم: 41760.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني