الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأكل والتصرف بمال اليتيم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهيوجد لي ابنتا عم متوفى وهن يسكن معي في نفس البيت و يأكلن وينمن عندي ويوجد لهن راتبشهري مقداره 120 دينارا أردنيا، هل يجوز لي أن آخذ هذا الراتب وأضمه إلي راتبي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فبنتا عمك إما أن تكونا بالغتين وإما أن تكونا غير بالغتين، فإن كانتا بالغتين راشدتين ‏فادفع إليهما مالهما إن طلبتاه، قال الله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ ‏آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ ‏غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا ‏عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) [النساء:6]‏.
ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، ولا حرج أن تتفق معهما على أخذ جزء ‏من الراتب مقابل السكن والنفقة، كما أنه لا حرج في أن تتفق معهما على أخذ الجزء الباقي ‏لتنميته لهما بالتجارة.‏
وعلى كلٍ فالبنت مادامت راشدة لا يحق لأحد أن يتصرف في مالها إلا بإذنها. قال شيخ ‏الإسلام ابن -تيمية رحمه الله- تعالى في معرض حديثه عن حكم إجبار الأب لابنته البكر ‏على الزواج: ( فإذا كان أبوها لا يتصرف بالقليل من مالها بدون إذنها فكيف يكرهها ‏على بذل بضعها، وعشرة من تكرهه ولا ترغب في البقاء معه)‏.
وإن كانتا (بنتا عمك) غير بالغتين، فإن الله يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً ‏إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) [النساء:10]‏.
فأكل مال اليتيم ظلماً من كبائر الذنوب، ولكن الله تعالى رخص للفقير القائم على ولاية ‏اليتيم أن يأكل من ماله بالمعروف، قال الله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ ‏فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ ‏كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا ‏عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) [النساء:6]‏.
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: " أنزلت هذه الآية في ولي اليتيم ( ومن ‏كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف) بقدر قيامه عليه. قال ابن كثير: ‏قال الفقهاء: له أن يأكل أقل الأمرين: أجرة مثله، أو قدر حاجته. واختلفوا هل يرد إذ ا‏أيسر؟ على قولين: أحدهما: لا، لأنه أكل بأجرة عمله وكان فقيراً، وهذا هو الصحيح عند ‏أصحاب الشافعي، لأن الآية أباحت الأكل من غير بدل.‏
الثاني: نعم، لأن مال اليتيم على الحظر، وإنما أبيح للحاجة فيرد بدله، كأكل مال الغير ‏للمضطر عند الحاجة) ‏
والأول أرجح.‏
ولا بأس من المخالطة في الطعام والشراب، وهو المقصود بقوله تعالى: ( ويسألونك عن ‏اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء ‏الله لأعنتكم) [البقرة: 220] أي ضيق عليكم.‏
‏ والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني