الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من وقع في حـَدٍ فستره الله تُرْجى له المغـفرة

السؤال

شخص ارتكب الزنا ثم ندم على ما فعل يريد أن يعرف هل عليه شيء أو لا ؟ وما هي عقوبة الزاني بالدنيا والآخرة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الزنا كبيرة من الكبائر التي رتب الله عليها حداً في الدنيا، وعقاباً في الآخرة، أما الحد في الدنيا فإنه لا يثبت إلا بالبينة أو الإقرار، والأولى لمن لم تقم عليه البينة أن يستتر بستر الله تعالى ولا يفضح نفسه، فإن من ستره الله في الدنيا ستره في الآخرة، قال ابن حجر في فتح الباري: وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك.
وعليه بالتوبة إلى الله تعالى بترك المعصية والندم عليها والعزم على عدم العودة إليها أبداً، روى الإمام أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الندم توبة. وصححه الأرناؤوط.
وليعلم أن عقوبة الدنيا تسقط عقوبة الآخرة، ومن لم يعاقب في الدنيا نظراً لتعطل الحدود، أو عدم قيام البينة على الفاعل أو عدم إقراره على نفسه بذلك فالأولى أن يستتر بستر الله عليه، وهو تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، ففي صحيح البخاري من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وحوله عصابة من أصحابه: تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه.
قال ابن حجر: قال القاضي عياض: ذهب أكثر العلماء إلى أن الحدود كفارات واستدلوا بهذا الحديث. انتهى
وهذا الذي رجحه ابن حجر في الفتح، وقد وردت روايات أخرى تصرح بهذا، منها ما رواه أحمد في المسند عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أذنب في الدنيا ذنباً فعوقب به، فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنباً في الدنيا فستر الله عليه وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه. وحسنه الأرناؤوط.
وفي المسند أيضاً عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصاب ذنباً أقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته. وصححه الأرناؤوط.
ولمعرفة كيفية التخلص من وباء الزنا راجع الفتوى رقم:
16688.
ولمعرفة الكثير عن التوبة من الزنا راجع الفتوى رقم:
1095 والفتوى رقم:
1117.
وإننا ننصحك بصحبة الصالحين، والإكثار من النوافل من صلاة وصيام وصدقة وغيرها، والابتعاد عن مواطن المعاصي والفتن.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني