الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هي صلاة الزحافة، وهل يجوز لي أن أصلي ركعتين بعد الوتر وقبل الفجر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فالمراد بالصلاة الزحافة هو صلاة ركعتين بعد الوتر جالساً، واختلف أهل العلم في ‏مشروعيتهما.‏
فذهب كثير من أهل العلم إلى عدم مشروعيتهما بحال، لقوله صلى الله عليه وسلم: ‏‏"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" ‏
ومنهم من قال: إن هاتين الركعتين هما ركعتا الفجر.‏
ومن أهل العلم من ذكر أنهما ركعتان صلاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الوتر ‏وقبل أذان الفجر، أخذاً بظاهر الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ‏كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، يصلى ثماني ركعات، ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو ‏جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح.‏
قال ابن تيمية رحمه الله: (وأكثر الفقهاء ما سمعوا بهذا الحديث ولهذا ينكرون هذه، وأحمد ‏وغيره سمعوا هذا وعرفوا صحته، ورخص أحمد أن تصلى هاتان الركعتان وهو جالس، ‏كما فعل صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك لم ينكر عليه، لكن ليست واجبة بالاتفاق، ‏ولا يذم من تركها"ا.هـ.‏
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (3/277): (هذا الحديث أخذ بظاهره ‏الأوزاعي وأحمد فيما حكاه القاضي عنهما، فأباحا ركعتين بعد الوتر جالساً. وقال أحمد ‏لا أفعله ولا أمنع من فعله. قال: وأنكره مالك: قلت: الصواب: أن هاتين الركعتين فعلهما ‏النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالساً لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، وبيان جواز ‏النفل جالساً، ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة ... وإنما تأولنا ‏حديث الركعتين جالساً لأن الروايات المشهورة في الصحيحين وغيرهما عن عائشة مع ‏روايات خلائق من الصحابة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى الله عليه وسلم ‏في الليل كان وتراً، وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخر صلاة الليل ‏وترا، منها "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً،" "وصلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت فأوتر ‏بواحدة" وغير ذلك، فكيف يظن به صلى الله عليه وسلم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه ‏يداوم على الركعتين بعد الوتر ويجعلهما آخر صلاة الليل؟ وإنما معناه ما قدمنا من بيان ‏الجواز، وهذا الجواب هو الصواب، وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث ‏المشهورة ورد رواية الركعتين جالساً فليس بصواب، لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن ‏الجمع بينها تعين.‏) انتهى.
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني