الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقوم بالعادة السرية أثناء الصوم وتصلي بلا غسل جهلا بوجوب الغسل منها

السؤال

عندما كنت صغيرة كنت أمارس العادة السرية ـ قبل البلوغ ـ حتى تزوجت، وبعد ما تزوجت كنت أمارسها ـ يعني كانت عادة عندي ـ والمصيبة أنني لا أغتسل بعدها وأصلي وأصوم، وفي رمضان عندما تكون أمي في المطبخ عصرا، أدخل غرفتي من أجل أن أمارس تلك العادة، وأخرج لأساعدها وأنا صائمة وأكمل الصوم والصلاة دون أن أغتسل، وعدم اغتسالي ليس استهتارا، وإنما لأنني لم أكن أعرف أنها عادة سرية، حتى أخبرني زوجي أنها تعتبر بمثابة الجماع، وصيامي وصلواتي كلها وأنا غير طاهرة، والله إن التفكير أتعبني جدا، فماذا أفعل بصيام 12 سنة ـ تقريبا؟ علما بأنني قرأت فتوى مشابهة أن أحد الشيوخ أخبر أن علي أن أقضي سنتين، كيف يمكن أن أقضي 12 سنة، وكنت جاهلة بأمور الجماع ولا أعرفها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالاستمناء ـ وهو ما يسميه بعض الناس بالعادة السرية ـ مفسد للصيام في قول جمهور أهل العلم، ويترتب عليه وجوب الغسل إذا حصل إنزال.

جاء في فتاوى الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى: الاستمناء في نهار الصيام يبطل الصوم إذا كان متعمداً ذلك وخرج منه المني، وعليه أن يقضي إن كان الصوم فريضة، وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، لأن الاستمناء لا يجوز في حال الصوم ولا في غيره، وهي التي يسميها الناس العادة السرية. هـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: إذا استمنى الصائم فأنزل أفطر، ووجب عليه قضاء اليوم الذي استمنى فيه وليس عليه كفارة، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع، وعليه التوبة مما فعل. هـ.

وهذا إذا استمنى فأنزل، أما إذا لم ينزل المني، فإنه لا يفطر، قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: لو استمنى بدون إنزال فإنه لا يفطر. هـ.

وأما كون السائلة فعلت تلك العادة جاهلة، فإن من فعل مفسدا من مفسدات الصوم جاهلا فقد اختلف الفقهاء هل يفسد صومه بذلك أم لا؟ على قولين, قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: الصَّائِمُ إذَا فَعَلَ مَا يُفْطِرُ بِهِ جَاهِلا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ: فَهَلْ عَلَيْهِ الإِعَادَةُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ لا يَجِبُ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ, وَلا يَثْبُتُ الْخِطَابُ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ، وَهَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ظَنُّوا أَنَّ قوله تعالى: الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ـ هُوَ الْحَبْلُ الأَبْيَضُ مِنْ الْحَبْلِ الأَسْوَدِ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَرْبِطُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا، ثُمَّ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَذَا مِنْ هَذَا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُرَادَ بَيَاضُ النَّهَارِ, وَسَوَادُ اللَّيْلِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِعَادَةِ. هـ.

وسئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ كما في مجموع فتاواه: عن شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته، فما الحكم؟.

فأجاب: الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط : العلم، والذكر والإرادة. هـ. وهذا القول هو المفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 18199.

وعليه، فإذا كانت السائلة فعلت تلك العادة وحصل منها إنزال وكانت جاهلة بأنها تفسد الصوم، فصيامها صحيح ولكن صلواتها التي صلتها وهي جنب غير صحيحة عند جمهور العلماء وتلزمها إعادتها, وانظري الفتوى رقم: 120273، لمعرفة الخلاف فيمن صلى جنبا جاهلا بوجوب الاغتسال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني