الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر على البلاء وترك الجزع

السؤال

أرجوكم ساعدوني... قبل كل شيء والله العظيم أني صادقة بكل حرف أكتبه لكم -قبل كل شيء زوجي طلقني قبل 10شهور بعد عشرة 15سنة وكان سبب الطلاق زواجه بمغربية وقانون المغرب لا يسمح بالتعدد، وأنا ليس لي أحد بهذه الدنيا أمي توفيت منذ 15 وأبي قبل 8 سنوات ولي ولدان هم معي أنا أربيهم وأبوهم يصرف علينا كل شهر، فأنا بالأصل قريبته، والمشكلة أنه أول ما طلقني فكرت بالانتحار مرارا وتكرارا، ولكن خوفي من الله وخوفي أن زوجة الأب هي التي تربي أولادي من بعدي وخوفا على أولادي منعني من ذلك فأنا إنسانه الحمد لله متدينة ومؤمنة لا أقطع صلاتي وطيبة وحنونة وقد تحجبت بعد الطلاق فورا والحمد لله، مشكلتي هي كلمة الطلاق وكوني لوحدي بالمنزل والأولاد دائما بالمدرسة أجلس وحدي بالساعات أكلم نفسي وأتحدث عن الذكريات الجميلة والرائعة وصورة أبي أولادي لا تفارقني أبداً (كل يوم بجيب سيرته كل يوم بحلم في مستحيل ما قعد وأجلس أمام الصور وشريط العرس مستحيل) وصورته دوما في بالي أحن إليه وأشتاق لحضنه وأقول كيف عشرة 15سنة تذهب بسرعة البرق حتى أنه لا يكلمني فقط يتحدث مع الأولاد، فأنا في مصيبة لا أجد أحدا لكي أتحدث إليه حيث إنني بعد الطلاق سفرني إلي بلدي بعد أن كنت بالخليج مع شغلي وصديقاتي وجيراني وسيارتي وطبعا العيشة والمستوى المادي الذي كنت أعيشه ليس كالآن كل هذه الاشياء خسرتها وهو لم يخسر شيئا الأولاد يتحدث إليهم كل أسبوع ويشاهدهم بالكاميرا وأنا أغلي من الداخل حياتي أصبحت بلا هدف أو معنى ولا قيمة لها، الساعه 9 أكون نائمة ليس هناك من أتحدث إليه لا أحب الخروج من المنزل لا أحب أن أتكلم مع أحد أشعر إذا خرجت من البيت أن الكل ينظر إلي على أنني مطلقة، أعتقد أنهم كلهم يعرفون الجيران عندي لم أخبرهم بشيء أقول لهم إنه يعمل بالخليج ونحن عدنا بسبب غلاء المعيشة هناك لا أستطيع أن أنسى لأن الماضي جزء من حياتنا ولأن حياتنا بدأناها من الصفر فقد تزوجته وكان في آخر سنه من الجامعة حيث أبي رحمه الله يعني عمه يكون بالأصل هو الذي أعاشنا عنده 5 سنوات حتى قدر أن يقف على حاله وبعدها ذهبنا للخليج وكافحنا وصبرنا كثيراً حتى آخر سنة وأصبح والحمد لله معنا فلوس بعد أن اشترينا بيتنا هذا الذي أجلس فيه أنا وأولادي، أرجوكم أنا آسفة لأني تأخرت وأطلت الحديث لكن لا تقولوا لي اشتغلي لا أريد كل ما أفعله هو أنني أذهب إلي الصلاة دوما بالجامع فأنا لا أفعل شيئا سوى الأكل والشرب وتدريس الأولاد وشغل البيت ليس لي أصدقاء أو حتى أخوات لدي أخت في بلد ثان أشعر أنني أعيش بلا هدف فلم يعد للحياة طعم وقد أخذت عهداً على نفسي لا أريد أن أرتبط بأي أحد لأني باقية على وفاء وحب أبي أولادي ولأني أتمنى أن يكون لي زوجا بالآخرة وليس سهلا على المراة أن تتكشف على زوج أو رجل آخر غير زوجها وليس سهلا أن أرتبط بشخص آخر وأعرف طبعه وعاداته والله أعلم كيف يكون مع أولادي هذه الفكرة ليست واردة أبداً على بالي إنني أعيش على أمل واحد لا غير، وهو أن يكره زوجته الجديدة لعلها تكون نزوة ويعود لي مع أنني قلت له لا أريد منك أي شيء سوى أن أبقى على ذمتك حتى لا أصبح مطلقة فأرجوك رحمة لي ولأولادي لا أدري لماذا جاءته هذه القسوة مع أنه كان إنسانا حنونا يحبني ويحب أولادي كثيراً أقول دوما لعلنا طرقنا بالعين لعلها سحرته لأن كرهه لي غير طبيعي وقبل الطلاق أخبرني لا أريد أن أطلقك لأني أكرهك فأنا سوف أردك فقط لأن القانون هناك، وها هو يخبر أولادي لن أعود لأمكم مهما حصل لقد يئست كثيراً ودائما أكلم نفسي أصبحت أحب أن أجلس بمفردي وأكلم نفسي ومع الصور وأنا قدر ما وصفت لكم حالي قليل، لأنني أشعر أنني ظلمت وهذا ليس عدلاً مرات يعني يمكن يوم أو يومين فقط ما بكيت فيهم، أما باقي الأيام دوما ببكاء وبصوت عال خصوصا أنني بهذه المصيبة لم أجد أحدا بجانبي لا أم ولا أب حتى أخي وأختي بعيدين عني حتى أن أولادي أصبحت نفسيتهم مثلي ومستواهم الدراسي نزل والله يمكن لو أذهب إلى الدكتور سيكتشف عندي مائة مرض لا أدري ما الحل، لا تقولوا لي مع الوقت ستنسي لا، مستحيل ولا تقولوا لي أن أرمي الصور والشريط لا أقدر فالكل يعلم أن زوجي كان أحب علي من أولادي وكان هو كل حياتي، فأرجوكم فأنا دائما أحس بألم في رأسي ودائما أبكي، أحب أن أقول اللهم لا اعتراض وإن الله مع الصابرين لكن أنا فعلا بحالة اكتئاب وحالتي النفسية جداً رهيبة.
وشكراً لكم وألف شكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يفرج عنك الهم ويزيل عنك الكرب، واعلمي أن الحياة دار ابتلاء وينبغي للمسلم أن يصبر على الابتلاء، فإن عاقبة الصبر خير، والجزع لا يأتي بخير فات ولا يدفع شراً آتيا ، فنوصيك بالصبر وكثرة دعاء الله تعالى بأن يفرج عنك الهم، وعليك أن تستحضري أن هذه الدنيا فانية، وأن ما يقدر الله تعالى للمسلم فهو خير له، قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وليس من شك في أن ما ذكرته من وحشة شديدة يعتبر مأساة كبيرة، ولكنه من الخطأ أن تقولي إن حياتك قد أصبحت بلا هدف، فهذا الكلام لا يليق بمسلمة تؤمل الثواب من الله، وترجو الدار الآخرة، فالهدف الكبير للمسلم والذي لا يحول دونه هدف هو الجنة.

والدنيا بحذافيرها لو كانت تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء، كما ورد في الحديث الشريف، فهوني على نفسك وتوجهي إلى الله بصدق وإخلاص، وابحثي عن صديقات صالحات يساعدنك في تحمل المصيبة ويؤنسن وحشتك، وواظبي على الأدعية التي تزيل الكروب والهموم، ومنها ما ثبت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها. رواه أحمد وهو صحيح.

وأخرج أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت. وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم. وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني