الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا"

السؤال

في تفسير قوله تعالى: "لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر"، قيل: إن لكل منهما ضوؤه، وهذا يخالف العلم؛ حيث إنهما واحد.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الشمس والقمر ليسا شيئًا واحدًا، فكل منهما كائن مستقل، يجري في فلك مستقل، كما قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ {الأنبياء:33}.

ولكن القمر يستمد نوره من الشمس، وهي بعيدة منه، وقد فرق الله تعالى بين الشعاع الصادر منهما، فقال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {يونس: 5}، وقال تعالى: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا {نوح: 16}.

وفي هذا يقول ابن كثير: يخبر تعالى عما خلق من الآيات الدالة على كمال قدرته، وعظيم سلطانه، أنه جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء، وجعل شعاع القمر نورًا، هذا فن، وهذا فن آخر، ففاوت بينهما؛ لئلا يشتبها، وجعل سلطان الشمس بالنهار، وسلطان القمر بالليل. اهـ.

ويقول الشوكاني: قيل: الضياء أقوى من النور، وقيل: الضياء هو ما كان بالذات، والنور ما كان بالعرض، ومن هنا قال الحكماء: إن نور القمر مستفاد من ضوء الشمس. اهـ.

وقال البيضاوي: وقد نبه سبحانه وتعالى بذلك على أنه خلق الشمس نيرة في ذاتها، والقمر نيرًا بعرض مقابلة الشمس، والاكتساب منها. اهـ.

ويقول العلامة الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع: القمر سبب كسوفه حيلولة الأرض بينه وبين الشمس؛ لأن القمر يستمد نوره من الشمس، كالمرآة أمام القنديل. اهـ.

وراجع تفسير الآية، وللمزيد في الموضوع رجع الفتويين رقم: 12479، ورقم: 39301.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني