الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يستحب فعله لمن طلبت منه الزواج ولا رغبة له فيها

السؤال

نا شاب مسلم من بلد عربي، أحببت فتاة فرنسية من أصول عربية، هي مسلمة -والحمد لله- لقد تعلقت فيَّ لدرجة كبيرة جدا، وتتمنى مني أن أترك بلادي، والذهاب إليها لتزوجها. أخبرتها أننا أصدقاء، وأنه ليس لديّ أمل في تزوجها، لكن دفعني الشوق، وعدم كسر قلبها إلى التحدث معها من جديد، وقد أخبرتها هذه المرة أنني سأفعل ما بوسعي للقدوم إليك وتزوجك. لا أعرف هل ما أقوم به صحيح أم خاطئ؟ هل أنا ألعب بمشاعر هذه الفتاة؟ للعلم ليس لدي أمل ولا حتى 1% في أن أتزوجها يوما ما. ماذا أفعل؟
أفتوني، بارك الله فيكم. وإن كان لا بد من الانفصال عنها انصحوني بطريقة لا أحطمها بها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أنه لا يجوز لك أن تكون على علاقة من ذلك القبيل مع امرأة أجنبية خارج إطار الزواج، فإن هذا باب من أبواب الفتنة عظيم، والإسلام جاء بسد الذرائع، وإغلاق أبواب الشيطان لتدنيس النفس، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.

ومن أفضل ما يرشد إليه المتحابان النكاح، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. قال ابن القيم في الجواب الكافي تعليقا على هذا الحديث: ونكاحه لمعشوقه هو دواء العشق الذي جعله الله داءه شرعا وقدرا.... اهـ. ولكن إن كان الواقع ما ذكرت من أنه لا سبيل لك للزواج منها، فاقطع كل علاقة لك بها إن أردت لنفسك ولها السلامة والعافية. وانظر للمزيد الفتوى رقم: 9360، ففيها بيان كيفية علاج العشق.

وكونك تظهر لها كأنك ستتزوجها، والحال ليس كذلك فيه نوع من الغش والخداع، وما عليك إن تأثرت لأجل بعدك عنها أو عدم زواجك منها. وقد سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة عرضت عليه نفسها للزواج منها، ففي الصحيحين عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله؛ جئت أهب لك نفسي. فنظر إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله؛ إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها.... الحديث.

قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وفيه أنه يستحب لمن طلبت منه حاجه لا يمكنه قضاؤها أن يسكت سكوتا يفهم السائل منه ذلك، ولا يخجله بالمنع؛ إلا إذا لم يحصل الفهم إلا بصريح المنع فيصرح.... اهـ.

فأعرض عنها، فلعلها تفهم أنك لا رغبة لك فيها، فإن احتجت للتصريح لها بذلك، فاكتب لها رسالة بعبارة لطيفة تبين فيها عدم إمكانية ما ترغب فيه من الزواج، حتى لا تظل متعلقة بك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني