الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام

السؤال

أنا سيدة عمري 28 سنة متزوجة ولدي ثلاثة أطفال، بعد زواجي بمدة قصيرة وأنا أعاني من سلوك زوجي فهولا يغض بصره، دائما أطلب الهداية له ولكن دون جدوى، فهو يريد أن يعمل علاقة مع أي سيدة تضحك في وجهه، مع أني أقف بجانبه دائما ولا يوجد في حياتي شيء غير رضا ربي وزوجي وأهلي، تكلمت معه كثيرا فكان رده أنه يريد أن يتزوج من سيدة ثرية ليسعدني أنا وأولاده، أنا دائما أحس بالظلم من زوجي، أنا يئست من حياتي عندما أشكو لأهله يقولون لا هذا خطأ، وعندما أكلمه يقول أنت تغارين من أي أحد أكلمه، أنا أريد الحل الذي أحس فيه بالعدل معي، مع الشكر الجزيل للموقع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من طبيعة المرأة التي جبلت عليها الغيرة على زوجها، وهذا شيء لم تسلم منه أي امرأة مهما بلغت من الدين والتقوى، ولو سلمت امرأة من هذا لكان أولى بذلك أمهات المؤمنين الطاهرات المطهرات.

أخرج مسلم في صحيحه عن عروة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: ما لك ياعائشة أغرت؟ فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك... الحديث. والحقيقة أنه ليس في الغيرة حرج ما دام ذلك في حدود المعقول.

أما إذا كانت المرأة تحاسب زوجها، وتغار عليه في كل صغيرة وكبيرة يعملها، وتشك في كل تصرفاته التي قد لا تكون محل ريبة فهذا غير مقبول لأنه يحول الحياة الزوجية إلى جحيم لا سعادة فيها ولا هناء، وانظري الفتوى رقم: 1995. ولكن إن كان زوجك كما ذكرت فإنه على خطر عظيم، لمخالفته لأمر الله بغض البصر عما لا يحل النظر إليه، كما قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور:30}.

ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم القائل: يا علي: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. رواه الترمذي وأبو داود.

والنظر بريد القلب إلى الزنا، وسبب لسقمه ومرضه، ففي المستدرك عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه الله عز وجل إيماناً يجد حلاوته في قلبه.

والقلب إذا مرض وسقم أثر ذلك على البدن كله، وإذا تطور الأمر وصار عشقاً هلك البدن والدين جميعاً. فمن نظر نظرة العاقل إلى هذه المفاسد أقلع عن هذا الذنب، ولا يهلك على الله إلا هالك.

ولله در القائل:

كل الحوادث مبداها من النظر * ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها * فتك السهام بلا قوس ولا وتر

والمرء ما دام ذا عين يقلــــــــبها * في أعين العين موقوف على الخطر

فعلى زوجك أن يتقي الله تعالى في نظره ولسانه، فليس هذا طريق البحث الصحيح عن الزوجة كما يدعي، بل لذلك وسائله وطرقه كما بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 621 5814، 14799. وعليك أن تصبري عليه وأن تحسني تبعلك له، وأن تنصحيه وتأمريه بالمعروف وتنهيه عن المنكر بحكمة وموعظة حسنة، وينبغي إطلاعه على هذه الفتوى وغيرها مما أحيل إليه من فتاوى خلالها.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني