الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى دعاء النبي: اللهم أحيني مسكينا...

السؤال

أستفسر عن معنى دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم أحينى مسكينا وأمتنى مسكينا واحشرني فى زمرة المساكين"، فهل هذا يعنى المسكنة لله والذل له أم أن معنى المسكنة هو الفقر الذي هو ضد الغنى وما يشتمل عليه المعنى من ضيق الحال وشظف العيش؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد جاء في تحفة الأحوذي قوله: (اللهم أحيني مسكينا) قيل هو من المسكنة وهي الذلة والافتقار، فأراد صلى الله عليه وسلم بذلك إظهار تواضعه وافتقاره إلى ربه إرشادا لأمته إلى استشعار التواضع والاحتراز عن الكبر والنخوة، وأراد بذلك التنبيه على علو درجات المساكين وقربهم من الله تعالى قاله الطيبي رحمه الله. (واحشرني في زمرة المساكين) أي اجمعني في جماعتهم بمعنى اجعلني منهم، لكن لم يسأل مسكنة ترجع للقلة؛ بل للإخبات والتواضع والخشوع. اهـ

وقد يظن البعض أنه -صلى الله عليه وسلم- يقصد بدعائه المسكنة التي هي بمعنى الفقر، وقد يستدل لذلك بما زاده الترمذي من قول عائشة: لم يا رسول الله؟ قال: إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا. وبما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: قال أبو عبد الرحمن: وجاء ثلاثة نفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وأنا عنده فقالوا: يا أبا محمد؛ إنا والله ما نقدر على شيء لا نفقة ولا دابة ولا متاع. فقال لهم: ما شئتم، إن شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسر الله لكم، وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان، وإن شئتم صبرتم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا. قالوا: فإنا نصبر لا نسأل شيئا.

إلا أن هذا يعارضه ما أخرجه النسائي وغيره عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الفقر، وأعوذ بك من القلة والذلة... الحديث. ويعارضه ما أخرجه مسلم من قوله -صلى الله عليه وسلم- في دعائه: اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر.

وعليه، فالمسكنة في دعائه -صلى الله عليه وسلم- إنما تعني -كما قال المباركفوري-: الذلة والافتقار إلى الله، إرشادا لأمته إلى استشعار التواضع والاحتراز عن الكبر والنخوة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني