الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال الاقتداء بالإمام الذي يلحن في الفاتحة وغيرها

السؤال

شكرا على الموقع المفيد ، أدام الله فضلكم، أرجو الإجابة على السؤال التالي ، دخلت زاوية معدة للصلاة لأصلي صلاة (لا يتم الجهر فيها بقراءة الفاتحة) (الظهر أو العصر) فسارع رجل (غير عربي) للإمامة للصلاة، وفي هذه الحالة لا ندري هل يحسن قراءة الفاتحة أم لا، غير أن هؤلاء عندما يقومون من (الركوع) أحيانا يقولون (سمأ الله لمن همده) بدلا من (سمع الله لمن حمده) وأحيانا ينطقونها صحيحة في ركعة و بالخطأ في الثانية . فما الحل جزاكم الله خيرا ؟ ، هل نأتم بهم ؟ أم نصلي فرادى ؟ وإذا ائتممنا بهم وظهر خطأ نطقهم هل ننوي المفارقة في الصلاة ونصلي بحركات مشابهة كما سمعت فيما مضى من بعض طلاب العلم الأفاضل ؟، وما على المرء إذا كانت بعض هذه الصلوات غير صحيحة ؟ هل يعيد ما لا يحصيه من هذه الصلوات ؟ ، أم يعتمد على زيادة النوافل من الصلوات ؟ ، علما بأنني أميل للرأي القائل بأنه لقضاء الفوائت من الصلوات فإنه يزيد المرء من النوافل والله أعلم ، أعذرونا على جهلنا ! ، وفي حال الصلاة التي يتم (الجهر فيها بقراءة الفاتحة) وظهر خطأ الإمام في بعض الحروف في الفاتحة علما بأن هذا مما عمت به البلوى (أقول لك أن هناك من الأئمة المعتمدين في المساجد الصغيرة من يخطئ في الحروف فيقولون مثلا إهدنا الصراط المسطقيم بدلا من المستقيم وغيرها كثير وأنتم لا شك تعلمون ذلك) فما بالكم بالإمام عندما يكون من العامة من العرب كحالتي ؟ أو وغيرهم من الجنسية الهندية أو الباكستانية ...... إلخ ؟ شاكرين لكم جهودكم الرائعة وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يطالب المأموم بالبحث عن قراءة الإمام في السر لأن ذلك مما يعسر، بل له أن يصلي مع جماعة المسلمين حيثما وجدها، فإن تبين له أن الإمام يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى نوى مفارقته وأتم صلاته، ولا يجوز له الاقتداء به بعد أن علم حاله، فإن اقتدى به بطلت صلاته وعليه إعادتها سواء كانت صلاة واحدة أو أكثر، فإن لم يعلم عدد تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحالة أعاد من الصلوات ما يغلب على ظنه أنه عدد ما عليه من فوائت الصلاة، هذا كله إذا كان المأموم يحسن قراءة الفاتحة، فإن كان مثل الإمام في اللحن صحت صلاته، ويجب عليهما التعلم وإصلاح ما تصح به صلاتهما إن أمكن ذلك، أما اللحن في غير الفاتحة مثل إبدال الحاء عينا من التسميع فلا يبطل الصلاة ولا يبيح مفارقته لأنه لحن في غير الفاتحة، ويرى المالكية أن اللحن إذا كان غير متعمد لا تفسد به الصلاة ولو كان في الفاتحة سواء في ذلك الإمام والمأموم، وعلى هذا القول لا يشرع للمأموم مفارقة الإمام الذي يلحن في الفاتحة إذا لم يتعمد اللحن، لكن يكره الاقتداء به إن وجد من هو أحسن منه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم تعلم أن الشخص الذي اقتديت به يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى فصلاتك صحيحة لأن المسلم له أن يصلي مع المسلمين حيثما كانوا، ولا يطالب بالبحث عن قراءة الإمام في السر، لأن ذلك مما يعسر.

قال ابن قدامة في المغني: إن صلى القارئ خلف من لا يعلم حاله في صلاة الإسرار صحت صلاته ; لأن الظاهر أنه لا يتقدم إلا من يحسن القراءة، ولم يتخرم الظاهر. انتهى.

فإن سمع قراءته وعلم أنه يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى مثل من يبدل حرفا بحرف نوى مفارقته وأتم صلاته، ولا يجوز له الاقتداء به بعد أن علم حاله، فإن اقتدى به بطلت صلاته وعليه إعادتها، سواء كانت صلاة واحدة أو أكثر، فإن لم يعلم عدد تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحالة أعاد من الصلوات ما يغلب على ظنه أنه عدد ما عليه من فوائت الصلاة، هذا كله إذا كان المأموم يحسن قراءة الفاتحة، فإن كان مثل الإمام في اللحن صحت صلاته، ويجب عليهما التعلم وإصلاح ما تصح به صلاتهما إن أمكن ذلك، أما اللحن في غير الفاتحة مثل إبدال العين همزة من التسميع فلا يبطل الصلاة ولا يبيح مفارقته.

قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة; لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ الذي يجعل الراء غينا، والأرت الذي يدغم حرفا في حرف، أو يلحن لحنا يحيل المعنى، كالذي يكسر الكاف من إياك، أو يضم التاء من أنعمت، ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأمي، لا يصح أن يأتم به قارئ. ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله ; لأنهما أميان، فجاز لأحدهما الائتمام بالآخر، كاللذين لا يحسنان شيئا. وإن كان يقدر على إصلاح شيء من ذلك فلم يفعل، لم تصح صلاته، ولا صلاة من يأتم به.

إلى أن قال: تكره إمامة اللحان، الذي لا يحيل المعنى، نص عليه أحمد. وتصح صلاته بمن لا يلحن ; لأنه أتى بفرض القراءة، فإن أحال المعنى في غير الفاتحة، لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به، إلا أن يتعمده، فتبطل صلاتهما. انتهى.

ويرى المالكية أن اللحن إذا كان غير متعمد لا تفسد به الصلاة ولو كان في الفاتحة سواء في ذلك الإمام والمأموم. وعلى هذا القول لا يشرع للمأموم مفارقة الإمام الذي يلحن في الفاتحة إذا لم يتعمد اللحن، لكن يكره الاقتداء به إن وجد من هو أحسن منه.

قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير في الفقه المالكي: وحاصل المسألة أن اللاحن إن كان عامداً بطلت صلاته وصلاة من خلفه باتفاق، وإن كان ساهيا صحت باتفاق، وإن كان عاجزاً طبعاً لا يقبل التعليم فكذلك لأنه ألكن، وإن كان جاهلاً يقبل التعليم فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعليم أم لا؟ وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحن أم لا، وإن أرجح الأقوال فيه صحة صلاة من خلفه وأحرى صلاته هو لاتفاق اللخمي وابن رشد عليها. انتهى.

هذا إضافة إلى أن المتأخرين من الحنفية يرون صحة الاقتداء بمن يبدل حرفا من الفاتحة نظراً لعموم البلوى بذلك عند كثير من الناس حيث لا يقيمون الحروف إلا بمشقة.

وراجع الفتوى رقم: 60642.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني