الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخطأ مع قريبه فهجره وحمّله هو وحده المسؤولية

السؤال

كان لدي قريب يصغرني سنا ببضع سنين وكان شابا طيبا ودودا وكان لديه تطلعات وطموحات ليست لأي شاب في سنه مثلها، المهم كان يبوح لي بكل أسراره ومشاكله لأنه وجد بي الشاب الذي يفهمه ومع الزمن حدث بيننا ود ومحبة أشهد الله أنها كانت من طرفي محبة في الله، وقررت أن أرفه عنه وأساعده فكنت أنصحه للخير وأنصحه ألا يقع في أخطاء وقعنا فيها ونحن في نفس سنه وكنت أصحبه معي للإنترنت كي أعلمه هذا العلم وأدخله على مواقع يستفيد منها ويتعلم منها ما ينفعه وكذلك تعلم مني احترام الآخرين وأسلوب الحديث وكنت دائما أنصحه ألا يترك الصلاة في أوقاتها مهما كان السبب، المهم استمر هذا الحال مدة طويلة وكنت فرحا جداً لأني كنت أساعده حتى لا يقع في الخطأ لأني كنت ألاحظ من خلال مشاعره أنه لديه إفراط في الحب والمحبة للبشر وخاصة مع الأصدقاء، استمررنا على هذا الحال ونتائج مساعدتي له كانت إيجابية ومشجعة... إلى أن وقعنا في مكيدة من مكائد الشيطان اللعين الذي قال لرب العزة (وبعزتك لأغوينهم جميعا) فلقد التقينا ذات يوم وكنا وحيدين مع بعض وباح لي بحبه لي وأنه منذ زمن كان يحبني وثارت شهوتي وقبلته ولم يرفض بل وضممته لصدري ولم يرفض وأنا في النهاية بشر ولم أتمالك نفسي ووقعنا في المحظور حتى النهاية وبعد ذلك عدت لوعيي وعرفت أننا أخطأنا خطأ كبيراً وعرفت أن الشيطان ضحك علينا وتبت إلى الله عز وجل، وتفرقنا عن بعض أنا وصديقي الذي يبلغ من العمر 23 سنة، ولكن بقى ضميري يؤنبني ويعذبني بل لا أنام الليل من التفكير فيما حدث بيننا فلقد تحولت حياتي إلى جحيم لا يطاق وأكثر من هذا أن صديقي حملني المسؤولية كاملة عما حدث وكأنني اغتصبته وهذا لم يحدث أبداً فلقد كان موافقا على كل ما حدث بل كان يستمتع لدرجة أنه كان يبوح بكلام غريب يدل على الاستمتاع ولكنه قال لي أنت المسؤول وقال لي إنه لن يسامحني أبداً وهذا ما يعذبني ولا أنام الليل منه... حاولت إقناعة بأن الشيطان ضحك علينا وأغوانا ويجب أن نتعاون لكي نكفر عن ذنبنا ولكنه مصر على موقفه، وللعلم أنا في كل مناسبة دينية أذهب له وأطلب منه المسامحة، حاولت إقناعه أنه لا حل إلا بنسيان الماضي والبدء بصفحة جديدة ولكنه لا يريد أن يفهم وأنا دائما أتحدث عنه بالخير أمام الناس وهو في بعض الأحيان يهينني وأنا لا أرد عليه لأني أريد الإصلاح، سؤالي هنا: كم قلت لكم أني أتعذب مما وقعنا فيه من ذنب عظيم فماذا أفعل حتى أرضي ربي وهل من واجبي أن أرضي هذا الصديق وكيف أقنعه بأننا أخطأنا نحن الاثنين معا وهل هو المظلوم وأنا الظالم أم أنني أنا المظلوم لأنه ساعدني في الوقوع في المعصية لأنه لو رفض فإني لن أستمر وأنا أعرف نفسي جيداً.... ساعدوني ساعدكم الله.... أريد إجابة مفصلة لأنني أريد أن أرتاح؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الشيطان عدو الإنسان وهو له بالمرصاد، فإذا وجد منه غفلة أوقعه في الردى، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:6}، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21}، فما حدث منكما لا شك أنه من إغواء الشيطان، فالواجب عليكما المبادرة إلى التوبة، ومن صدق في توبته تاب الله عليه فرحمة الله واسعة.

والذي يبدو هو أن كلاً منكما مخطئ، فقد أقدم على هذا الفعل باختياره، فهو الذي جنى على نفسه، ولا ينبغي التلاوم أو اتهام أحدكما الآخر بأنه الظالم وأنه هو المظلوم، بل عليكما الإحسان في المستقبل والحذر مما قد يوقعكما في هذا الذنب مرة أخرى، ونوصيك بأن لا تشغل نفسك بهذا الشاب، بل عليك أن تقبل على ما ينفعك من أمر دينك ودنياك، وأن تحرص على مصاحبة الأخيار الصالحين. وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 112744، 105631، 98463.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني