الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنعقد اليمين بإنشاء كلام النفس وحده

السؤال

بعد ما أصبت بالحساسية من أحد أنواع الأكل، أصبحت أخاف من الأكل ومجرد ما آكل من أي شي أحس أني مخنوقة أو أشعر بكتمة من الأكل .
السؤال أني أي أكل أشعر بذلك بعد يكون في داخل نفسي أني لا آكل هذا الأكل، مما يجعلني أشك أني حلفت على أني لا آكله أم لا، أهلي أحيانا عندما يطلبون أن آكل مع الكلام أحلف وتكون النية لن آكل هل يحتاج إلى كفارة يمين لكل نوع؛ آكل مثلا الجبن ثم بعدها البيض. أم لا فقط كفارة واحدة علما أني كفرت عن بعضها...وأحيانا أحلف داخل نفسي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن شك هل حلف أم لا، فالأصل أنه لم يحلف حتى يتيقن أنه حلف، وعليه فلا كفارة عليه عندئذ، جاء في الموسوعة الفقهية: الشك في أصل اليمين هل وقعت أو لا، كشكه في وقوع الحلف أو الحلف والحنث، فلا شيء على الشاك في هذه الصورة؛ لأن الأصل براءة الذمة واليقين لا يزول بالشك اهـ. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 31532.

ثم إنه يشترط عند أكثر أهل العلم في اليمين المنعقدة الموجبة للكفارة: (التلفظ باليمين) فلا يكفي كلام النفس عند الجمهور خلافا لبعض المالكية، حيث حكى القاضي عياض من المالكية عن بعض المتأخرين منهم الخلاف في ذلك، قال ابن حجر في فتح الباري: ذكر عياض أن بعض المتأخرين منهم خرج من قول مالك: أن اليمين تنعقد بالنية. أن الاستثناء يجزئ بالنية.

وحكى القرافي المالكي الخلاف في ذلك فقال في الفروق: وقع الخلاف في انعقاد الطلاق بإنشاء كلام النفس وحده أو لا بد من اللفظ، كذلك وقع الخلاف في اليمين.

وقال في موضع آخر: وكذلك اليمين أيضا وقع الخلاف فيها هل تنعقد بإنشاء كلام النفس وحده أو لا بد من اللفظ.

وذكر ذلك الخلاف من المالكية أيضا الحطاب في مواهب الجليل.

جاء في الموسوعة الفقهية: في ذكر الشرط الرابع من الشرائط التي ترجع إلى الحالف في اليمين المنعقد: التلفظ باليمين ، فلا يكفي كلام النفس عند الجمهور خلافا لبعض المالكية . لا بد من إظهار الصوت بحيث يسمع نفسه إن كان صحيح السمع، ولم يكن هناك مانع من السماع كلغط وسد أذن. واشتراط الإسماع ولو تقديرا هو رأي الجمهور، الذين يرون أن قراءة الفاتحة في الصلاة يشترط في صحتها ذلك. وقال المالكية والكرخي من الحنفية: لا يشترط الإسماع، وإنما يشترط أن يأتي بالحروف مع تحريك اللسان ولو لم يسمعها هو ولا من يضع أذنه بقرب فمه مع اعتدال السمع وعدم الموانع اهـ.

وعليه، فحديث النفس باليمين لا حنث فيه، ولا يوجب الكفارة.

ومن حلف أن لا يأكل في ظرف أو حال معينة، فالظاهر أنه حلف على مطلق الأكل، لا على أنواعه المختلفة، وعليه فلا يلزمه عند الحنث إلا كفارة واحدة.

والظاهر أن السائلة الكريمة تعاني من شيء من الوسوسة، وهي مرض يعتري بعض الناس وله علاج نافع، قد سبق أن بيناه بالتفصيل في الفتوى رقم: 51601 ، وننصحك بعدم اللجوء إلى الحلف على مثل هذه الأمور، فإن الله تعالى قال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89}.

ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 78979، 93559 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني