الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل حول مؤخر صداق المرأة

السؤال

قرأنا رد فضيلتك على السؤال الخاص بمؤخر الصداق في حالة وفاة الزوجة قبل الزوج، حيث أفتيتم بأنه يجب على الزوج دفعه لأهل الزوجة المتوفاة.
هل في هذه الحالة يدخل ضمن التركة، وبالتالي يرد جزء منه للزوج على أنه إرث من الزوجة المتوفاة؟
أم هذا المؤخر لأهل الزوجة فقط، وليس للزوج حق في أخذ جزء منه على أنه ميراث من الزوجة؟
يوجد سؤال عن قيمة مؤخر الصداق عند وقت سداده للزوجة: مثلا استمر الزواج ثلاثين عاما، وتوفى أحد الزوجين بعد ثلاثين عاما مثلا من الزواج، وكان مؤخر الصداق ألف جنيه مثلا عند عقد النكاح.
هل تستحق الزوجة بعد ثلاثين عاما ألف جنيه أم أكثر، لأن الجنيه أوالأوراق المالية قيمتها تتغير كثيرا؟
فأفتى بعض الشيوخ بأن يرجع لقيمة الذهب منذ ثلاثين عاما ويعلم عدد الجرامات التي كان يمكن شراؤها بألف جنيه، ثم يستفسر عن ثمن هذه الجرامات الآن ويدفع قيمتها بالجنيه، مثلا الألف جنيه تكون مثلا عشرين ألفا الآن، لكن بعض الناس يرفض ذلك قائلا: الألف ترد ألفا لأن العرف على ذلك، والعرف يحل محل الشرع في هذه المسائل، ولم يكتب أو يشترط في عقد النكاح المؤخر بقيمته عند وقت وجوبه، وأيضا يحتجون بأن ثمن الذهب لونقص إذا يجب خفض قيمة المؤخر، لكن أهل الزوجة لو ذهبوا للمحكمة فالقاضي سيحكم لهم بقيمة الجنيه الموجود في عقد النكاح.
ما هو القول الفصل فى مؤخر الصداق هل تدفع القيمة بالجنيه عند وقت وجوبه، أم يقوم بالذهب ويدفع ثمن الذهب بالجنيه؟
وماذا عن ما لو أراد الزوج أن يبرئ ذمته من الديون، فقام بعد فترة من الزواج بإعطاء مؤخر الصداق للزوجة، وبعد عشرين عاما توفى أحد الزوجين فطالب أهل الزوجة بقيمة المؤخر عند الوفاة، ورفضوا ما فعله الزوج من سداده منذ عشرين عاما لأنه عند الوفاة زادت القيمة بالأوراق المالية، مثلا ألف جنيه أعطاها الزوج لزوجته منذ عشرين عاما ،هذه الألف تساوي الآن عشرين ألفا، فهم يريدون عشرين ألفا ويرفضوا ما فعله الزوج من سداد المؤخر قبل وقت وجوبه؟
وماذا لو توفى الزوج قبل الزوجة ولم يسدد مؤخر الصداق هل يصلى عليه أم لا، لأنه مديون بالمؤخر للزوجة ،وحتى يتم سداده للزوجة لا بد من استخراج إعلان وراثة وهذا يأخذ بعض الوقت لكن الدين موجود كتابة في عقد النكاح؟
وماذا يجب على الزوج تجاه الوصية بسداده؟
هل يوصي كما هو مدون في عقد النكاح أم بقيمته -بتقييمه بثمن الذهب-عند وقت سداده؟
أم يترك هذه النقطة ولا يوصي بشيء لأنها خلافية؟
وهل عليه إثم إذا رفض أهل الزوج إلا دفع ما تم كتابته فى عقد النكاح بالجنيه وليس بالقيمة تبعا للعرف، حتى لو طالب أهل الزوجة بالقيمة وليس بالمدون في عقد النكاح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تضمن سؤالك عدة أمور:

أولها عن مؤخر صداق الزوجة ودخوله ضمن تركتها: فهل يرث الزوج منه أم لا؟

والجواب: أنه كسائر تركتها يرث الزوج منه حقه فيها وهو النصف إن لم يكن لها ولد، فإن كان لها ولد فله الربع من مجموع التركة، ومن ضمنها مؤخر الصداق.

وأما قيمة مؤخر الصداق، فالواجب فيه هو المسمى ما دام موجودا ولو نقصت قيمته أو زادت، وقد فصلنا القول في ذلك وبينا ما لو ألغيت العملة المتفق عليها في الفتوى رقم: 44793، وما أحيل عليه من فتاوى خلالها.

ولو عجل الزوج مؤخر الصداق إلى زوجته برئت ذمته منه، وينبغي أن يشهد عليه لئلا يطالبه أولياؤها فيما لو توفيت قبله، وهنا تتبين حكمة الأمر بالإشهاد على الدين وغيره من المعاملات.

ومسألة اختلاف القيمة قد بينا أن الواجب هو المسمى وأنه لا اعتبار لاختلاف القيمة زيادة أو نقصانا.

ولو مات الزوج قبل زوجته فيكون مؤخر الصداق دينا يقضى من تركته، والدين لا يمنع من الصلاة على الميت لما روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه فضلا؟ فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم. فلما فتح الله الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته.

وهذا الحديث يدل على وجوب الصلاة على الميت وإن كان مدينا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة عليه وأمر المسلمين بها .

قال ابن حجر : قال العلماء: كأن الذي فعله صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة على من عليه دين ليحرض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها، لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم .انظر فتح الباري

وإذا كتب وصية فليكتب فيها مؤخر الصداق المسمى ليسدده الورثة من تركته ولا يبقى معلقا به أو بغيره من الديون، لقوله صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه أحمد والترمذي

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني