الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القصر والجمع في البلد الأصلي

السؤال

أنا أسكن بالأجرة ببلد ما في فلسطين حيث مكان عملي، ولي بيت ملك خاص في بلد أهلي البعيدة عني أكثر من 100 كم. أود أن أعرف الحالات التي يمكن لي أن أجمع أو أقصر فيها الصلاة إذا كان ذلك جائزا لي، عندما أعود إليهم عادة نهاية الأسبوع لمدة يومين أو ثلاثة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا لم تكن قد اتخذت البلد الذي تعمل فيه وطناً، بل لم تزل مستوطناً بلدك الأصلي فإنك لا تقصرُ ولا تجمعُ إذا أتيت بلدك الأصلي وإن أقمت فيه المدة المبيحة للقصر، لأنك لم تزل مستوطناً له، وأما قصرك من الصلاة في البلد الذي تعمل فيه، إذا لم تكن مستوطناً له، فشرطه أن تقيم فيه المدة المبيحة للقصر وهي أربعة أيام أو أقل. وانظر الفتوى رقم: 115280. و بشرط أن يكون بين البلدتين -أي البلدة التي تقيم فيها والبلدة التي سافرت لتعمل فيها- أكثرُ من المسافة التي يُباح فيها القصر والجمع وهي ثلاثة وثمانون كيلو مترا تقريباً، فيلغى من هذه المسافة ما تقطعه منها في داخل البلد، وانظر الفتوى رقم: 110363.

وإذا كنت قد استوطنت هذا البلد الذي تعمل فيه، فإنه لا يجوزُ لك أيضا القصرُ ولا الجمعُ إذا عدت إلى بلدك الأصلي الذي فيه أهلك، ولك فيه بيتٌ تملكه وإن أقمت فيه المدة المبيحة للقصر، وهذا قول كثير من أهل العلم، ولكن يُسن لك القصر، ويباح الجمع في حال سيرك بين البلدين ما دامت المسافة بين طرفيهما مبيحة للقصر.

وذهب آخرون من أهل العلم إلى تجويز القصر والجمع لك في بلدك الأصلي بالشرطين السابقين. لأنه لم يعد وطناً لك، ورجح هذا القول العلامة العثيمين فقد قال رحمه الله: إن إقامة الإنسان في بلد غير بلده الأصلي تنقسم ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يقيم فيه إقامة استيطان بحيث ينتقل عن بلده الأصلي انتقالاً كاملاً, فحكم هذا حكم المستوطنين الأصليين في كل شيء, لا يترخص رخص السفر في هذا البلد الذي انتقل إليه, بل يترخص إذا سافر منه, ولو إلى بلده الأصلي, كما لو كان بلده الأصلي مكة فانتقل للسكنى في المدينة, فإنه يعتبر في المدينة كأهلها الأصليين, فلو سافر إلى مكة للعمرة, أو الحج, أو طلب العلم, أو زيارة قريب, أو تجارة أو غيرها، فحكمه في مكة حكم المسافرين, وإن كان قد تزوج فيها من قبل وتأهل كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم في مكة في غزوة الفتح وحجة الوداع, مع أنه قد تزوج في مكة وتأهل فيها من قبل . انتهى.

ونحنُ ننصحك بالخروج من الخلاف، وترك الجمع، فإن تركه أولى، وكذا عليك بالحفاظ على صلاة الجماعة إذا أتيت بلدك الأصلي، فإن كثيرا من العلماء يوجبون الجماعة في السفر، وانظر الفتوى رقم: 114287. والواجبُ عليك إذا ائتممت بالمقيم أن تتم متابعة له في الإتمام، وبه يحصل لك الخروج من خلاف العلماء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني