الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط جواز أخذ العوض عن بذل الجاه

السؤال

نحن مجموعة من المهندسين، ولدينا مكتب استشاري هندسي يقوم بالأعمال الخاصة بالمعمار من إشراف وتصميم وأعمال بنية تحتية وغيرها.
لقد تقدمنا بملفات للتعريف بالمكتب في أغلب المصالح والدوائر والجهات التابعة للدولة لغرض الحصول على عمل، والعمل لديها كثير جدا في هاتين السنتين بالذات، فالدولة في نهضة عمرانية كبيرة. ولكن لم نتمكن من الحصول على عمل إلا عن طريق وساطة شخص لا يعمل في المصلحة التي تم التعاقد معها، ولكن لديه علاقاته الخاصة. وفعلاً قمنا بالتعاقد مع هذه الجهة، وكان الشرط أن تكون له نسبة 20% من قيمة العقد تدفع على دفعات عند كل مستخلص. وتم البدء في العمل الذي تم تكليفنا به، وذلك منذ أكثر من سنة، وكنا نعطي الوسيط نسبته من كل دفعة تصرف نظير تقديم المكتب الأعمال المكلف بها. مع العلم وبدون مجاملة لقد تم تصنيف مكتبنا من قبل الجهة مالكة المشروع كأفضل مكتب عن المكاتب الأخرى فيما يقدمه من أعمال ودقة في إعداد ومراجعة مستخلصات المقاولين وغيرها.
السؤال: ما حكم هذا العقد؟ وهل هو جائز أم لا؟ في حالة عدم الجواز أو وجود شبهة فما الحل؟ هل يتم إنهاء العقد مع الجهة المالكة أو استبعاد الوسيط وعدم إعطائه النسبة المتفق عليها.وفي حالة عدم رضاه بالاستبعاد هل يتم استبعاده دون النظر إلى رأيه مع العلم أنه ستتكون مشكلة نتيجة لهذا الموضوع. مع العلم أن هذا العقد تم الصرف عليه بقيم كبيرة مقابل إنجاز الأعمال. هذا ونفيدكم أن هناك عددا من المهندسين الذين يعملون في العقد المذكور وينالون مرتبات منه أيضاً. وأيضاً المكتب قد ارتبط مع هذه الجهة بعقد آخر قد يتأثر بما يجري في هذا العقد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المسألة داخلة فيما يعرف عند المتقدمين ببذل الجاه ويمكن تعريفه بأنه بذل شخص جاهه أو نفوذه أو صلاحيته في حصول آخر على ما هو من حقه لولا عروض بعض العوارض دونه، وقد تقدم حكم أخذ العوض على ذلك في الفتوى رقم: 75549، والفتوى رقم: 6632، وعلى القول بجواز أخذ عوض عنه، فلا بد أن يكون معلوما محددا لا نسبة مجهولة، وينبغي أن لا تكون ثابتة عند كل دفعة أو مستخلص كذلك؛ لأنها حينئذ تكون محرمة لما يلي:

الأول: جهالة الأجر ولا بد أن يكون معلوما. قال الدسوقي مبينا شرط جواز أخذ أجرة على ذلك: وأن يدخل معهم على أجرة معلومة. اهـ وإذا جهلت الأجرة فليس لصاحب الجاه هنا إلا أجرة مثله.

الثاني: أن هذه النسبة الثابتة لا تتناسب بحال من الأحوال مع ما بذله الوسيط من جهد، ففيها إجحاف واستغلال لوضعية المستفيد وحاجته إلى جهة يتعاقد معها أو يعمل لديها، والله جل وعلا يقول: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} .

وبناء عليه، فإن كان الاتفاق بينكم وبين ذلك الوسيط هو دفع تلك النسبة من كل عقد تجرونه في المستقبل فهو باطل، وبطلان اتفاقكم مع الوسيط المذكور لا يؤثر على تعاقدكم مع الجهة التي بدأتم في العمل معها، ولا حرج عليكم في إتمامه. وأما إذا كان الاتفاق هو على نسبة محددة تدفع له على أقساط فلا حرج إن جاز له أخذ عوض عن جاهه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني