الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إجبار إحدى الزوجتين على استقبال أولاد الأخرى

السؤال

هل يجوز للزوج أن يجبر زوجته على استقبال أطفاله من زوجته الأخرى ويهددها بالطلاق إن لم تفعل ذلك؟ وهل من حقه فتح بوابة بين منزلي زوجتيه دون موافقة إحداهن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يتضح لنا المقصود باستقبالك للأطفال. وعموما نقول: إذا كان المقصود باستقبال هؤلاء الأطفال أن يسكنوا معك. فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: وإن كان الولد صغيرا لا يفهم الجماع، فيرى الحنفية أن إسكانه معها جائز، وليس لها الحق في الامتناع من السكنى معه . ويرى المالكية أن الزوجة لا يجوز لها الامتناع من السكنى مع ولد زوجها من غيرها إذا كانت تعلم به حال البناء.

فإن كانت لا تعلم به عند البناء بها، وكان له حاضنة فللزوجة الحق في الامتناع من السكنى معه . وإن لم يكن لولد زوجها من غيرها حاضنة غير أبيه فليس لها الامتناع عن السكنى معه.

وحيث لا يحق لك الامتناع من سكناهم معك لكونهم صغارا كما عند الحنفية أو لكونهم صغار ولا حاضن لهم كما عند المالكية، فلا يحق لك الامتناع من إدخالهم إلى منزلك من باب أولى، وتراجع الفتوى رقم: 73093.

وننبه إلى أنه لا يجب عليك الاحتجاب من أولاد زوجك ولو كانوا بالغين؛ لأنهم من محارمك، فيجوز لك محادثتهم والجلوس معهم. ومن باب أولى جواز فعل ذلك مع أولاده غير البالغين، بل إن ترحيبك واحتفاءك بهم من مكارم الأخلاق، ومن الإحسان إلى أقاربه، ومن تمام حسن عشرتك له.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه متفق عليه.

فإذا كان إكرام الضيف والجار عموما من الإيمان، فما بالك بإكرام أولاد زوجك المجاورين لك؟

وأما فتح بوابة بين منزلي الزوجتين فلا حرج فيه ما دام لكل واحدة منهما منزل خاص بها، ولم يكن في ذلك ضرر على أي منهما.

قال ابن قدامة في المغني: وإن أسكنهما في دار واحدة، كل واحدة في بيت جاز، إذا كان ذلك مسكن مثلها.

وفي مغني المحتاج للخطيب الشربيني : ولو اشتملت دار على حجرات مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن، والعلو والسفل إن تميزت المرافق مسكنان.

وفي العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين : لو كان في الدار ضرة أو أحد من أقارب الزوج يؤذيها لم يكف بيت منها له غلق ومرافق، وإن لم يكن أحد يؤذيها كفى ولو كان في نفس البيت أحد لم يكف مطلقا هذا.

ومن ذلك يتضح تقييد ذلك الحكم بعدم الضرر، فإن كان هناك ضرر على أي من الزوجتين لم يجز ذلك؛ لأن المقصود من حق الزوجة في السكنى أن تشعر بالسكن وتأمن على نفسها ومالها. وقد قال عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار.

وختاما ننبه الأخت السائلة إلى أهمية التسامح لتحقيق الحياة الزوجية السعيدة، وكذلك نلفت نظرها إلى أن رعاية أولاد الزوج من القربات العظيمة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28430

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني