الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون

السؤال

هل أداء الفريضة في وقت الضرورة هو الذي توعدهم الله فيه بويل للمصلين؟
1-مثلا باقي خمس دقائق على نهاية وقت المغرب ودخول العشاء من صلى في هذا الوقت -الخمس دقائق- هو من قيل فيهم ويل للمصلين.
2-بالنسبة لأصحاب الأعذار مثلا لهم الجمع بكل أشكاله هل هم داخلون في موضوع الويل أم أن الويل هو لمن أخر صلاة النهار -الظهر والعصر- إلى الليل أو أخر صلاة الليل للنهار -المغرب والعشاء- يعنى وقت الضرورة لأصحاب السلس الظهر والعصر حتى الغروب -وقت الضرورة- والمغرب والعشاء إلى الفجر -وقت الضرورة-ذلك بسبب. هل بجمعهم للسلس سيوضعون في النار في ويل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولا أن المغرب ليس لها وقت ضرورة، بل إن وقتها يمتد من غروب الشمس إلى سقوط الشفق الأحمر على الراجح، فمن فعل صلاة المغرب في جزء من أجزاء هذا الوقت فقد أدى ما وجب عليه، وإن كان مفوتا للفضيلة بصلاته لها في آخر وقتها، وقد بينا مذاهب العلماء في وقت الاختيار ووقت الضرورة مفصلة فانظرها في الفتوى رقم: 124150.

ولا شك في أن تأخير الصلاة إلى وقت الضرورة من غير عذر كفعل صلاة العصر بعد الاصفرار، من الأعمال القبيحة التي قد تعرض صاحبها للوعيد وأن يكون له حظ من قوله تعالى: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. وفي الآية أقوال هذا أحدها وعموم الآية يشمل الكل.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ . قال ابن عباس، وغيره: يعني المنافقين، الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر.
ولهذا قال: لِلْمُصَلِّينَ. أي: الذين هم من أهل الصلاة وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون، إما عن فعلها بالكلية، كما قاله ابن عباس، وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعا، فيخرجها عن وقتها بالكلية، كما قاله مسروق، وأبو الضحى.
وقال عطاء بن دينار: والحمد لله الذي قال: عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ. ولم يقل: في صلاتهم ساهون.
وإما عن وقتها الأول فيؤخرونها إلى آخره دائما أو غالبا. وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به.
وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها، فاللفظ يشمل هذا كله، ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية. ومن اتصف بجميع ذلك، فقد تم نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي. كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يَرْقُب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا. فهذا آخر صلاة العصر التي هي الوسطى، كما ثبت به النص إلى آخر وقتها، وهو وقت كراهة، ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب، لم يطمئن ولا خشع فيها أيضا؛ ولهذا قال: لا يذكر الله فيها إلا قليلا. انتهى.

وأما من جاز له الجمع بين الصلاتين لعذر كسفر أو مرض فليس داخلا في هذا الوعيد، فإن وقت الصلاتين في حقه مشترك، وقد فعل ما أذن الله له فيه فلا يكون متعرضا للعقوبة.

وحيث جاز لهم الجمع فإنه لا ينبغي لهم فعل الصلاتين في وقت الضرورة من الثانية إلا لعذر.

وأما من جمع بين الصلاتين لغير عذر فقد أتى ذنبا عظيما، وانظر الفتوى رقم: 53951. واعلم أن العلماء مختلفون في مشروعية الجمع بين الصلاتين للمعذور كالمستحاضة وصاحب السلس فأجازه الحنابلة ومنعه الجمهور، وانظر الفتويين: 116953 ، 119260.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني