الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا امتنعت الزوجة عن فراش زوجها فهل يلزمها طلب العفو منه

السؤال

إذا طلب الزوج من زوجتة الجماع ورفضت طلبه بدون عذر شرعي هل تكون في هذه الحالة قد أخطأت في حق الله فقط ويكفيها التوبة لغفران هذا الذنب أم أنها تكون قد أخطأت أيضا في حق زوجها وتحتاج إلى التوبة كما تحتاج إلى عفو الزوج عنها ؟ وإذا لم يسامحها زوجها هل يأخذ يوم القيامة من حسناتها أو يعطيها من سيئاته ؟ أرجو من فضليتكم عدم إحالتي إلى فتوى أخرى كما أرجو من سماحتكم التكرم بعرض الأدلة الممكنة من الكتاب والسنة أثناء إجابة هذا السؤال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنّ حق الزوج على زوجته عظيم، وهي مأمورة بطاعته في المعروف، وأعظم ما تجب فيه طاعتها له إجابته إلى الفراش ما لم يكن لها عذر.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.

فإذا امتنعت الزوجة من إجابة زوجها للفراش من غير عذر، فقد منعته حقه وأغضبت ربها، فالواجب عليها التوبة من ذلك بالإقلاع عن الذنب، والندم، والعزم على عدم العود، و استحلال الزوج وطلب العفو منه، فإنّ التوبة من الذنوب المتعلقة بحقوق العباد عموما لا بد فيها من استحلال صاحبها إن أمكن، فعن عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدواوين ثلاثة : فديوان لا يغفر الله منه شيئا، و ديوان لا يعبأ الله به شيئا، و ديوان لا يترك الله منه شيئا. فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئا فالإشراك بالله، و أما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا فظلم العبد نفسه فيما بينه و بين ربه من صوم يوم تركه أو صلاة تركها فإن الله يغفر ذلك إن شاء و يتجاوز، و أما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا فمظالم العباد بينهم القصاص لا محالة. رواه الحاكم.

وعنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ. رواه مسلم.

وعنه أيضاً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ. رواه مسلم.

وجاء في المحلى في موضوع لعن الممتنعة عن فراش زوجها بغير عذر: وهذا اللعن مقيد بما إذا بات غضبانا عليها أما إذا دعاها فأبت ثم تنازل عن حقه فإنها لا يلحقها لعن. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني