الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل غطاء الرأس سواء أكان ذلك (طاقية او حطة أو عمامة أو غيرها ..) من السنة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فستر الرأس من الأمور المستحسنة، وهو من كمال أخذ الزينة، وقد كانت هذه عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكن ليس ستر الرأس من الأمور التعبدية إنما هو من أمور العادات.

قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات: منها: -أي العادات ـ ما يكون متبدلا في العادة من حسن إلى قبح وبالعكس مثل كشف الرأس، فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع، فهو لذوي المروءات قبيح في البلاد المشرقية، وغير قبيح في البلاد المغربية، فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادحا في العدالة، وعند أهل المغرب غير قادح. انتهى.

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله في حكم ستر الرأس بالعمامة وغيرها في معناها: لبس العمامة ليس من السنن لا المؤكدة ولا غير المؤكدة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يلبسها اتباعا للعادة التي كان الناس عليها في ذلك الزمن، ولهذا لم يأت حرف واحد من السنة يأمر بها فهي من الأمور العادية التي إن اعتادها الناس فليلبسها الإنسان لئلا يخرج عن عادة الناس فيكون لباسه شهرة، وإن لم يعتدها الناس فلا يلبسها هذا هو القول الراجح في العمامة. انتهى.

وإذا تبين لك هذا وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبس العمامة موافقة لعادة الناس في زمنه فهل يشرع لنا التأسي به في ذلك أو لا؟ في ذلك خلاف بين العلماء أوضحناه وبينا الراجح عندنا في الفتوى رقم: 137447. فلتراجع.

وتتميما للفائدة ننقل كلاما للشيخ العثيمين رحمه الله في هذه المسألة، وهو موافق لما ذكرناه في الفتوى المحال عليها، يقول رحمه الله: الثاني: ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- على سبيل العادة؛ فهذا يكون الأصل فيه العادة، أي أن يفعل الإنسان ما اعتاده الناس، من ذلك لبس العمامة، لبس الإزار والرداء؛ كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتم، وكان يلبس الإزار والرداء، لكنه يفعل ذلك على سبيل العادة، يعني الناس يعتادون ذلك في عهده. فهذا حكمه أن يتبع الإنسان فيه عادة بلده، ما لم تكن محرمة؛ وذلك لأن الإنسان لو لبس خلاف العادة لكان لباسه ذلك شهرة، ولباس الشهرة منهي عنه، إلا إذا كانت العادة من المحرم فهو حرام، فلو اعتاد الناس مثلا أن يلبسوا ثيابا يجرونها، أو ينزلونها إلى أسفل من الكعبين فإن هذه العادة محرمة، ولا يجوز للإنسان أن يتابع الناس فيها، وكذلك لو اعتاد الناس أن يلبس الرجال ثياب الحرير، فإن هذه العادة محرمة، ولا يجوز للإنسان أن يتابع الناس فيها، أما ما اعتاده الناس، وهو من الأمور المباحة، فإن السنة أن يتبع الإنسان فيه العادة، فمثلا لباس الرسول -عليه الصلاة والسلام- العمامة والإزار والرداء مكفول على سبيل العادة، فلا يكون مطلوبا بعينه، وإنما يكون مطلوبا بجنسه، والمطلوب هو موافقة ما اعتاده الناس. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني