الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخرف (الزهايمر) ليس من موانع الإرث

السؤال

أنا امرأة عاملة ولي أربعة أبناء وابنة، توفي زوجي رحمه الله منذ أكثر من عام قبل والدته، والتي كانت مصابة بالزهايمر (الخرف) في آخر مراحله، ولذلك طلب إخوة زوجي مني عدم ذكرها في حصر الورثة لأنها مريضة ولا تفقه شيئاً ولا تستطيع الحركة، وتابعت من ناحيتي متبرعة بنية الصدقة لها بتقديم كل ما تحتاجه من مصاريف المعيشة والعلاج وتنويمها في المستشفى كما كان يفعل زوجي في حياته وزيادة، وتوفيت بعد وفاة زوجي (ابنها) بستة أشهر، فالسؤال ماذا أفعل بنصيبها من ميراث زوجي علماً بأنه لم يتم تقسيم الميراث المتواضع، وتنازل أولادي عن نصيبهم ليبقى معي للصرف على أخيهم الذي ما زال على مقاعد الدراسة، وأيضا إخوة زوجي والحق يقال لم يقوموا بالسؤال عن الميراث أو المطالبة به، علماً بأن المرحوم زوجي أوصاني بالصرف على والدته كما يفعل في حياته طالما بقيت على قيد الحياة، وأيضاً المبلغ الموجود هو عبارة عن حساب مشترك لي وله، فأرجو الإفادة؟ وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن أم زوجك لها نصيب من تركته طالما أنها ماتت بعده، ونصيبها السدس لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: ... وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ.. {النساء:11}، وكونها كانت مريضة أو فاقدة لعقلها لا يسقط حقها من الميراث، إذ ليس من شرط الإرث أن يكون الوارث عاقلاً أو صحيحاً، وما دامت قد ماتت فإن نصيبها ينتقل إلى ورثتها من بعدها، وكون أولادها لم يطلبوا نصيبهم من إرثها لا يدل صراحة على تنازلهم فقد يكون المانع لهم من المطالبة الحياء، أو أنهم ينتظرون أن تبادري أنت بإعطائهم نصيبهم ونحو ذلك.

وأما وصية زوجك بأن تنفقي على والدته بعد وفاته فهذه وصية ليست لازمة، سواء أوصى أن تكون تلك النفقة من التركة أو من مالك الخاص، لأنه إن كان يعني أن تنفقي عليها من التركة، فالتركة بعد وفاته تصير للورثة، وإن كان يعني أن تنفقي عليها من مالك الخاص فنفقتها ليست واجبة عليك، سواء كانت فقيرة أو غنية، والأصل أن نفقة أمه تكون من مالها إن كان لها مال - ويتولى الوصي عليها النفقة عليها من مالها - وإن كانت فقيرة فنفقتها على أولادها، ونفقتك عليها لا تخلو من أن تكوني أنفقت عليها من مالك بنية الصدقة كما يشعر به قولك -إكراماً لله ولزوجي- فهذه نفقة لا يجوز لك الرجوع فيها، أو أن تكوني أنفقت عليها من مالك بنية الرجوع، فإن اضطررت إلى النفقة عليها من مالك كأن لم يكن لها مال وامتنع أولادها من النفقة أو كان لها مال ولكن تعسر النفقة منه في ذلك الوقت فلك أن ترجعي بما أنفقته، على قول كثير من أهل العلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمذهب مالك وأحمد بن حنبل المشهور عنه وغيرهما: أن كل من أدى من غيره واجباً فله أن يرجع به عليه إذا لم يكن متبرعاً بذلك وإن أداه بغير إذنه... انتهى.

وقال صاحب كشاف القناع من كتب الحنابلة: ولو امتنع زوج أو قريب من نفقة واجبة بأن تطلب منه النفقة فيمتنع فقام بها غيره رجع عليه منفق عليه بنية الرجوع لأنه قام بواجب كقضاء دينه... انتهى.

ثم كون المبلغ في حساب مشترك لا يمنع الإرث، فالمال الذي هو محل الإرث إنما هو نصيب زوجك.

وأخيراً من تنازل من الورثة طائعاً مختاراً وهو بالغ رشيد فإن تنازله صحيح، وانظري الفتوى رقم: 20378 بعنوان -لا أثر للعقل في الميراث- والفتوى رقم: 97300 عن التنازل عن الميراث.. رؤية شرعية اجتماعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني