الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاغتسال يوم الجمعة هل يشرع بعد الفجر أم يلزم اتصاله بالرواح

السؤال

يقول بعض أهل العلم أنه ينبغي أن يكون غسل الجمعة المستحب عند الرواح للمسجد، فهل هذا عندهم من باب الأفضلية حتى لا يتسخ مرة أخرى؟ أم لا يجزئ إن قدمه؟ علما بأنني أكون في بيتي يوم الجمعة ولا أتسخ بعد الغسل، بل أنام إلى الصلاة، وهل إذا انتقض وضوئي أعيد الغسل لتحصيل السنة؟ يعنى لو اغتسلت بعد الفجر ثم نمت إلى الزوال، أو أحدثت لا أحصل على الثواب المذكور في حديث من غسل واغتسل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجمهور أهل العلم وبعض المالكية على أن غسل الجمعة يجزئ إن كان بعد طلوع الفجر ولا يشترط في صحته أن يكون متصلا بالرواح للمسجد، قال المواق في التاج والإكليل: وذهب ابن وهب صاحب مالك أنه إن اغتسل للجمعة بعد الفجر أجزأه، وهذا هو مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثوري والنخعي وغيرهم، وعن الأوزاعي أنه يجزئ الاغتسال للجمعة قبل الفجر. انتهى.

وفي الموسوعة الفقهية: وانفرد المالكية - أيضا - فاشترطوا في الغسل أن يكون متصلا بوقت الذهاب إلى الجامع, قال في الجواهر الزكية: فإن اغتسل واشتغل بغذاء، أو نوم أعاد الغسل على المشهور, فإذا خف الأكل أو النوم فلا شيء عليه في ذلك. انتهى.

أما جمهور المالكية: فقالوا يشترط في صحته أن يكون متصلا بالرواح للمسجد على القول المشهور وليس الأمر عندهم من باب الأفضلية والاستحباب، قال المواق في التاج والإكليل ـ أيضا: والمشهور شرط وصله برواحها ويسير الفصل عفو. انتهى.

والحكمة عندهم من اشتراط اتصال الغسل بالرواح ليست مخافة حصول وسخ بعده، بل لكونه للصلاة لا لليوم على المشهور فيتعين اتصاله بها، ففي منح الجليل ممزوجا بمختصر خليل المالكي: وسن بضم ففتح مثقلا لمريد صلاة الجمعة غسل صفته كصفة غسل الجنابة متصل بالرواح أي الذهاب إلى الجامع ولو قبل الزوال ويغتفر يسير الفصل، لأنه للصلاة لا لليوم هذا هو المشهور. انتهى.

وغسل الجمعة يبطل عند المالكية بعدة أمور منها: الأكل الكثير، أو النوم اختيارا وعلى ما ذهب إليه المالكية فإذا اغتسلت بعد الفجر ونمت إلى الزوال فقد بطل غسلك، ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي: وأعاد غسله استنانا لبطلانه إن تغذى بعده خارج المسجد للفصل، والغذاء بالذال المعجمة الأكل مطلقا وبالمهملة الأكل وسط النهار والمراد الأول، أو نام اختيارا خارجه، لأنه مظنة الطول بخلاف المغلوب ما لم يطل. انتهى.

وأما الحدث: فلا يبطل الغسل به، بل يكفي منه إعادة الوضوء، قال المواق في التاج والإكليل: من المدونة قال مالك: من اغتسل للجمعة غدوة ثم غدا إلى المسجد وذلك رواحه فأحدث لم ينتقض غسله وخرج فتوضأ ورجع وإن تغدى ونام بعد غسله أعاد حتى يكون غسله متصلا بالرواح. انتهى.

وعلى أية حال، فإنه لا حرج عليك في العمل بما عليه الجمهور من أن الغسل هو لليوم وليس للصلاة، وبالتالي فلا مانع من الاغتسال بعد الفجر والنوم والأكل بعد الغسل، ولو أردت الخروج من الخلاف وأخذت بما عليه جمهور المالكية كان ذلك أفضل.

وأما حصولك على الثواب، أو عدمه: فذلك من أمور الغيب التي لا يمكن القطع بشيء فيها، ولكنك إذا جئت بالعبادة على الوجه الذي وردت به السنة وكنت مخلصا فيها لله كان مرجوا لك الثواب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني