الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العفو والإحسان قد يقلب العداوة إلى محبة

السؤال

جزاكم الله خيرا على إتقانكم وإحسانكم أعانكم الله يا رب ورزقكم العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
لي سؤال من فضلكم: سلفتي (زوجة أخي زوجي) يسوء خلقها مع زوجي ومع أخي من الحين والآخر، ولديها الكثير من الصفات غير الحميدة. ادعوا لها بالهداية أرجوكم، ومؤخرا قامت برفع صوتها علي واتهامي بأشياء غير صحيحة، وغلطها الجميع، وبالرغم من ذلك فهي لا تريد أن تتصل بي عبر الهاتف. واقترحت أم زوجي أن أقوم أنا بالاتصال بهم لأنهم انتقلوا لبيت جديد للمباركة، ولكني أخاف أن أتسامح معها حتى لا تفهم أن ما اتهمتني به صحيح، وحتى تخاف أن تعاود في سوء الخلق معنا مرة أخرى، حيث إنها قامت برفع صوتها على زوجي من قبل. فهل التسامح مع الناس بشكل مطلق وبغير حكمة يجعل الإنسان عرضة لإهانات الناس سيئي الخلق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يثيبك خيرا على استقامتك على أمر الله، وحرصك على الحجاب، ونسأله سبحانه أن يرزقكم العفو والعافية في دينكم وأهليكم، وأن يوفق زوجة أخي زوجك إلى حسن الخلق.

وإن كانت هذه المرأة تسيء إلى زوجك وأخيك، واتهمتك بما أنت بريئة منه فهي مسيئة بذلك وعاصية لربها، فنوصيكم بالصبر عليها، وينبغي أن تنصح برفق ولين، وأن يبين لها فضل حسن الخلق ومكانة معاملة الناس بالحسنى، ويمكن الاستعانة ببعض النصوص التي ضمناها فتوانا رقم: 55182.

فإن تابت إلى الله وأنابت فبها ونعمت، وإن استمرت على ما هي عليه فهجرها جائز إن رجي أن ينفعها الهجر أو خيف منها الضرر، وراجعي الفتوى رقم: 14139.

وقد يكون العفو والمسامحة في بعض الأحيان سببا في جرأة اللئيم على التمادي في غيه، ومع هذا فإننا ننصحك بصلتها والاتصال بها واحتسبي الأجر من الله تعالى، فقد يكون وصالك لها سببا لانقلاب العداوة إلى صداقة كما في نص التنزيل.

قال ابن القيم في بدائع الفوائد وهو يبين الأسباب التي يندفع بها شر الحاسد: السبب التاسع: وهو من أصعب الأسباب على النفس وأشقها عليها، ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله وهو طفي نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه. فكلما ازداد أذى وشرا وبغيا وحسدا ازددت إليه إحسانا، وله نصيحة وعليه شفقة. وما أظنك تصدق بأن هذا يكون فضلا عن أن تتعاطاه فاسمع الآن قوله عز وجل: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}... إلى آخر كلامه الجميل في هذا، فمن أراد المزيد فيمكنه مراجعته. وراجعي في فضل العفو وثمراته الفتوى رقم: 27841.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني