الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جزاء المرأة التي تؤذي زوجها

السؤال

سمعت أن الحور العين إذا سمعت في الدنيا أن المرأة تؤذي زوجها قالت ( لا تؤذيه قاتلك الله إنما هو دخيل عندك قادم إلينا ) و لا أعرف ماذا ستقول الملائكة عن رجل مثل هذا : ( رجل طلق زوجته لأن صوت الملعقة و هي تقلب السكر في الشاي أزعجه - و أمر زوجته الجديدة بتقليب السكر في كوب الشاي الساخن بإصبعها ) و ماذا تقول الملائكة عن زوج عمتي يرحمها الله التي تزوجت في قرية بعيدة جدا عن أهلها، و ذات يوم أقسم زوجها عليها أن تبيت الليلة خارج بيتها بسبب خلاف بينهما على الرغم أن بيت أهلها بعيد عنها، مع العلم أن أثاث المنزل و الفرش ( السجاد و الستائر و أدوات المطبخ ) من أملاكها الخاصة أي أنه طردها من أملاكها. فهل ستلعنه الملائكة أم اللعنة مقتصرة فقط على المرأة التي إذا دعاها زوجها إلى فراشه فأبت عندها تلعنها الملائكة حتى الصباح ؟!
سأتحدث الآن عن موضوع يشغل تفكيري بشده هو أنني أعشق بعض الشباب بشدة، و أتمنى من أعماق قلبي أن يجمعني الله بهم في الجنة. المشكلة أن هؤلاء الشباب ليسوا من البشر!! نعم ليسوا من البشر ! هم شخصيات في رسوم متحركة ! أرجوك لا تسخر مني إنها الحقيقة أعشقهم بجنون و صورهم لا تفارق مخيلتي، و كثيرا ما أتخيل أنني معهم و أحاول قدر المستطاع أن أذكر الله و أسبح بحمده و أدعوه أن يجمعني بهم في الجنة. فهل سيلبي الله دعائي ؟ أم أنني حتى في الجنة لن أحصل على ما أريده و يكون لي رجل واحد فقط لا غير. أخبرني أرجوك هل هناك أمل في لقاء هذه الشخصيات الخيالية في الجنة ؟ و هل سيلبي الله دعائي ؟ أم أكتفي بأحلام اليقظة فقط ؟
أرجوكم أن تجيبوني بالتفصيل على أسئلتي و لكم مني جزيل الشكر و التقدير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي أن الإسلام دين عدل ورحمة، لأنه منزل من الرب العدل العليم، والحكيم الرحيم، فهو أعلم بخلقه وما يصلحهم ويصلح لهم من تشريع، قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ . [الملك:14 ]. وقال أيضا: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. [الأعراف:54 ]. فهو يحكم لا معقب لحكمه، ويقضي ولا راد لقضائه. ويجب على المسلم التسليم له في أحكامه بحيث لا يكون في قلبه حرج تجاهها، قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا. [النساء:65 ].

فما جاء به الخبر الصادق عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجب تصديقه، فالحديث الذي أشرت إليه أولا قد رواه الترمذي عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه ، قاتلك الله ، فإنما هو دخيل عندك ، يوشك أن يفارقك إلينا. وقد صححه الشيخ الألباني. وغيره. والحديث الآخر رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح.

وأما ما ذكرت عن الرجل الأول من أنه قد طلق زوجته الأولى بسبب صوت الملعقة، وأنه أمر الثانية بتحريك السكر في الشاي الساخن بإصبعها - إن صح ذلك عنه - فهو مما يدل على قبح طبعه وسوء خلقه، وفعله هذا يتنافى مع حسن العشرة مع الزوجة والذي أمر به الرب عز وجل في كتابه حيث قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. [النساء:19 ] .

وما ذكرناه بخصوص هذا الرجل نقوله في زوج عمتك - إن كان ما نسبت إليه واقعا فعلا - وهو أنه صاحب خلق سيئ فكيف يطرد امرأة ضعيفة، أهلها بعيدون عنها ويأمرها بأن تبيت خارج البيت، فهذا ظلم وإثم مبين. فهو مطالب شرعا بأن يعاشرها بمعروف أو يفارقها بإحسان لا بالطرد من البيت ونحو هذا.

وأما السؤال عن ماذا ستقوله الملائكة فيما فعله أولئك الرجال فليس لنا سبيل إلى جوابه؛ لأنه من المغيبات، ومثله لا يثبت إلا بالدليل الشرعي.

وبالنسبة لما ذكرت من أنك تعشقين الشباب الذين هم على الحال الذي وصفت، فإن كنت صادقة فيما تقولين فإننا قبل أن نتكلم عن الجنة وما إذا كان من الممكن أن تجتمعي معهم فيها ننصحك بالبحث عن علاج لنفسك بمقابلة طبيب متخصص في علاج الأمراض النفسية، ونحن لا نسخر منك بهذا الكلام حاشا وكلا وإنما الواقع أن من كان هذا حاله فإنه مريض نفسيا.

وأما الجنة دار الطيب والسلام فإنما يدخلها المسلمون المكلفون الذين أطاعوا الله في أوامره واجتنبوا نواهيه قال تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا. [الأحزاب:35 ]. وقال أيضا عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا. [الكهف:107 ]. فهل شبابك هؤلاء من هذا الصنف من الناس.

وفي الختام فإنا ننصحك بالابتعاد عن مثل هذه الأفكار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني