الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغضب والانفعال في وجه الأب مما لا ينبغي

السؤال

حياكم الله يا شيخنا الكريم وبارك لكم في العلم الذي رزقكم الله إياه.
فقد ارتكبت ذنبا عظيما اليوم وأشهد الله أنني أجتهد في طاعة الله ما استطعت، ولكن وبكل أسف والدي يأكل الربا ولا يقر بحرمته ويحب المال حبا جما لدرجة التقديس والعياذ بالله، ولا يتحدث إلا في أعراض الناس واليوم انفعل هو على
أمي وسبها بالدين فلم أتمالك نفسي إلا وأنا أعنفه بصوت عال جدا وفقدت عقلي تماما، وأشهد الله أنني لم أتعمد ذلك قط وإنما تصرفاته وسلوكياته جعلتني لا أستطيع أن أحتمل كل ذلك، ولم يكن هذا التعنيف بالسباب مثلما فعل وإنما هو صراخ بقول (متسبش الدين هنا وفوق شوية) وكعادته عندما ينفعل مع أحد فإنه يلفق به التهم وقد اتهمني بأنني ابن حرام وأنه ما زال يطعمني رغم أنني ولله الحمد لم أحصل منه على مليم منذ أكثر من 10 سنوات بل بالعكس فأنا لا أبخل أن أعطيه ملابسي لأنه لحرصه على المال رغم توافره بكثرة معه لا يشتري ملابس لنفسه من أجل عمل شهادات بنكية، وازدادت حدة الانفعال بأنني رددت عليه بنفس أسلوبه بأنه هو الذي يلبس ملابسي، وهو الذي يأكل من حرام وهو كذا وكذا ...
بعدها قمت فتوضأت وصليت وقرأت ما تيسر من كتاب الله وذهبت لأصالحه بعد أقل من ساعة وأنا على مضض
وقلت له بالحرف حقك علي وقبلت رأسه، وسأترك البيت كما طلبت.
أنا بالفعل قادر بفضل الله على أن أستقل في مكان منفصل ولكن سبب وجودي معه هو مراعاة أمي التي لم يعطها مرة ثمن دواء ولا ثمن قطعة ملابس، وأيضا مراعاة أختي التي هي في سن المراهقة ولا أريد أن أتركها في هذه الفترة.
والسؤال هو: أنا الآن بالفعل في حيرة من أمري هل أترك البيت وأتابعهم من بعيد تلبية لرغبته؟
هل هناك كفارة لهذا الذنب العظيم وهو الانفعال بالقول على والدي؟
كيف يمكنني التخلي عن الانفعال فيما بعد فأنا رغم أنني أعود لرشدي بسرعة، ولكني بالفعل شديد الانفعال وقت الظلم ولا أتذكر للظالم شيئا سوى أني أنهره دون أن أميز من هو هذا الظالم؟؟
اعلم أنني على خطأ عظيم ولكن بالفعل لا أعرف ما أقوله فهو بعد مثل هذه المشادات معي أو مع إخوتي يعود لرشده لأيام قليلة ويحترمها، ثم بعد أيام قليلة وبعد ما تزول حالة الاحتقان يعود ليتحدث معنا ويخوض في أعراض الناس التي لا يستطيع التحدث إلا بها.
أرجو الرد في أقرب وقت جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أخطر ما ذكرت - وهو المناسب للبداية به - سب أبيك للدين، فهذا كفر بالله تعالى تترتب عليه الردة، فإن لم يتب إلى الله عز وجل وجب على أمك مفارقته، وراجع في حكم زوجة المرتد الفتوى رقم 25611. وراجع أيضا الفتوى رقم 144513 وهي عن حكم سب ملة المسلم. ونصح الأب في مثل هذا المنكر أو غيره من نحو أكله الربا أو وصفه إياك بأنك ابن حرام، مطلوب شرعا بل هو واجب، ولا يعتبر بمجرده عقوقا. وما حصل منك من صراخ في وجهه وإغلاظ القول عليه كفارته الندم والعزم على عدم العود لمثله ، وليس هنالك كفارة مخصوصة، والغضب لا يرتفع معه التكليف إن كان صاحبه يعي ما يقول كما هو مبين بالفتوى رقم 35727.

وعليك أن تتذكر أن الغضب من الشيطان وأنه قد تترتب عليه عواقب سيئة حتى يعينك ذلك على اجتنابه، ولمعرفة أسباب الغضب وعلاجه راجع الفتوى رقم 8038.

وأما استقلالك بالسكن فلا حرج فيه، وينبغي أن تختار سكنا قريبا تتمكن معه من رعاية أمك وتعاهدها بالزيارة وتفقد أحوالها. وتتمكن من الاهتمام بأختك المراهقة .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني