الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التقاط ثمار شجر بأرض ليس حولها سور

السؤال

لدي شجرات مشمش في حديقة المنزل لا تؤتي ثمارا، فمررت بأرض صغيرة ليس بها سياج ولا سور كانت في الأصل معبرا للناس لا أثر لإمكانية الزراعة فيها بسبب صخورها الكثيرة، لا أعلم صاحبها لكن من المؤكد أن لها مالكا حيث قام بزرع شجرات مشمش فيها صغيرة مثمرة، إلا أن الناس والبهائم يمرون من هناك فيأخذون ما يجدونه في أغصانها من فاكهة، ولما مررت من هناك أخذت بعضا من أغصانها وطعمت بها شجراتي، فهل أكون على إثم في ذلك؟ وإذا تصادف أن مالك هذه الأرض هو من أولئك الذين يزعمون للدولة أنهم يستصلحون الأراضي البور فيقلبون شيئا منها ويزرعون فيها بضع شجرات مثمرة حتى تنخدع اللجنة المراقبة بتلك المظاهر، وتوافق على منحهم الدعم ثم لما يحصلون عليه ينصرفون عن استصلاح الأرض إلى بناء المنازل وكراء العقارات وغير ذلك، فهل هذه الأشجار تكون مالا حراما لأنها مغروسة بنية باطلة مفادها تضليل الدولة بمظهر صوري يخفي خلاف ما يظهر؟ وهل أخذي منها يترتب عليه إثم في ذمتي؟ وهل ما سأتناوله من ثمار شجراتي حلال أم حرام؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دام لهذا الشجر مالك فينظر فيما أخذت من تلك الشجيرات، فإن كان مما يتسامح فيه عرفا فلا حرج عليك فيما أخذت ولا يلحقك بسببه إثم، فقد ذكر العلماء قاعدة مفادها أن الإذن العرفي يجري مجرى الإذن اللفظي، وممن ذكر هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه القواعد النورانية، وتلميذه ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين، وهذا هو المتبادر حيث إن الشجيرات غير مسورة وهي بمكان عام دون ما يحفظها من الناس والبهائم مظنة إباحة الانتفاع بها. وقد قال النووي ـ رحمه الله ـ في المجموع: وحكم الثمار الساقطة من الأشجار حكم الثمار التي على الشجر إن كانت الساقطة داخل الجدار وإن كانت خارجة فكذلك إن لم تجر عادتهم بإباحتها، فإن جرت فوجهان أحدهما لا يحل كالداخلة وكما إذا لم تجر عادتهم لاحتمال أن هذا المالك لا يبيح وأصحهما يحل لاطراد العادة المستمرة بذلك وحصول الظن بإباحته كما يحصل تحمل الصبي المميز الهدية ويحل أكلها. اهـ

ومحل الشاهد من كلامه اعتبار العادة في الإذن في مثل ذلك، وإن لم يكن ما أخذته داخل فيما يتسامح فيه عرفا لم يجز لك أخذه وعليك ضمان قيمته لصاحبه، وأما مسألة احتمال كون أصحاب تلك الأشجار ممن يتحايلون على جهات الدعم فلا اعتبار له ولا يؤثر على ملكيتهم لما زرعوه مهما كانت نيتهم فيه والأصل عدم ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني