الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الزوجة إن كان زوجها يسب الله وعيسى ابن مريم ويأتي بكثير من المنكرات

السؤال

تزوجت منذ 6 سنوات، و أعيش أنا و زوجي في بلد أجنبي، و عندي طفلة عمرها 4 سنوات. و زوجي يقول إنه يحب الدين و حريص على التدين والالتزام، ولكنه متهاون في الصلاة جيدا ، و يفطر أياما في رمضان بغير عذر و دائم السباب و الشتم ، وعند الغضب أحيانا يسب الله، من جهله يسب عيسي عليه السلام ويقول إن النصارى يسبون محمدا صلى الله عليه و سلم فلا يوجد مشكلة في سب عيسى. بل ويكفر بعض الناس و له أفكار غريية في الدين مثلا يقول إن الزنا بالأجنبية يجوز لأننا في دار حرب و هم كالأسرى و حلال للمسلمين. و لا يصلي الجمعة إلا مرة أو مرتين في الشهر، و يقول إنه مستاء وغضبان على حال المسلمين و لهذا لا يشهد جماعتهم... و لا يصلي العيدين لأنهما ليسا بفرض.
وقال له بعض أصحابه إن كلامه بهذه الطريقة يفتن الناس، مع العلم أن زوجي ليس جاهلا فهو حاصل على الدكتوراه و لكن لا أدري لماذا يفعل هذه الأشياء؟!
و أيضا هو مدمن الأفلام الإباحية، وبالتالي لا يشبع رغبته وهو معي إلا بعد مشاهدة هذه الأفلام ويطلب مني أن أشاهد معه لكني أرفض.
و يحادث النساء على الإنترنت، وكان يحادث إحدى النساء و هي متزوجة و عندما واجهته قال إنه يريد أن يجمعها معي لأنه شاهد هذا الشذوذ في بعض الأفلام الإباحية. ثم ازداد الأمر بلاءا و بدأ يحادث الرجال ويريد أن يمارس ما يسمى بتبادل الأزواج، وعندما واجهته مرة أخرى قال إنه يمزح فقط و لن يفعل أي شيء من هذا ، وكل مرة أصدقه ، وأقول لعله يتوب و أتغاضى تماما.
و سألته إذا كنت السبب في هذا الإدمان قال إنه مدمن هذه الأفلام من صغره ..ويعلم الله أني أحاول أن ألبي رغباته كلها و أتجمل و أتزين له، و أبادره دائما بالجماع و هو الذي يصدني.
و سؤالي: هل أثاب إذا طلبت الطلاق أم الأفضل الصبر عليه، مع العلم أني كنت أطلب العلم الشرعي و أحفظ القرآن و لكني فترت بسببه، و ابنتي و لا حول و لا قوة إلا بالله بدأت تتعلم منه السباب، و أخشى على نفسي الفتنة و نحن في ديار كفر و غربة و ليس لي صحبة صالحة، و أصبحت لا أطيق الحياة معه و أشعر بالنفور الشديد تجاهه معه فهو بدين و لا يهتم بالنظافة الشخصية، والآن يطلب مني أن يكون لكل واحد غرفته الخاصة به.
و قد نصحته و نصحه أصحابه و لكني يئست من قبوله النصيحة و كل مرة يعدني بأن لا يعود لذلك ثم يعود

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن زوجك جملة من المنكرات منها ما هو من المكفرات وهي أشدها وأخطرها كسبه الله تعالى وسبه عيسى عليه السلام والذي هو نبي من الأنبياء ومن أولي العزم من الرسل. وتعليله بأن بعض النصارى يسبونمحمدا صلي الله عليه و سلم علة عليلة وكلام يدل على جهل عظيم، إذ كيف يعالج الخطأ بخطإ مثله، وكيف يقدم المسلم على سب من يعتقد أنه نبي من أنبياء الله تعالى. وتراجع الفتويان: 71499 - 53874. فالواجب نصحه في هذين الأمرين خاصة، فإن لم يتب إلى الله منهما فهو كافر مرتد لا يحل لك البقاء معه أو تمكينه من نفسك، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 25611 وهي عن حكم زوجة المرتد.

وتكفير المسلمين من الأمور الخطيرة أيضا، فالإقدام عليه من غير بينة وروية إثم مبين، وراجعي في ضوابط التكفير الفتوى رقم: 721. وكذا الحال بالنسبة للتفريط في الصلاة وتضييع وقتها إثم عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب كما بينا بالفتوى رقم: 1195. وهنالك نصوص خاصة في الوعيد الشيد في حق من يتخلف عن الجمعة لغير عذر، وهي مضمنة بالفتوى رقم: 25790 ، وصلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال الفقهاء فلا يجوز التخلف عنها لغير عذر كما هو مبين بالفتوى رقم: 1798. ولا يجوز التعلل بحال المسلمين للتخلف عن شهود الجمعة والجماعة، فإنه يجوز الاقتداء بالمسلم ما لم تكن بدعته مكفرة، وانظري الفتوى رقم: 6742. وتعمد الإفطار في رمضان لغير عذر كبيرة من كبائر الذنوب كما بينا بالفتوى رقم: 12069.

ومن هذه المنكرات أيضا مشاهدة الأفلام الإباحية وهي من أعظم الوسائل للوقوع في الزنا وقد نبهنا على خطورته بالفتوى رقم: 27224. وتبادل الأزواج المذكور إن كان المقصود به أن يمكن كل واحد من الزوجين الآخر من وطء زوجته فهو من الأفعال القبيحة والمنكرات الشنيعة، ولا يجوز ذكر مثل هذا ولو على سبيل المزاح.

ونؤكد على أمر المناصحة في جميع هذه المنكرات، ويمكن أن تكون النصيحة من شخص آخر ممن يرجى أن يكون لقوله تأثير عليه، وينبغي تحري الحكمة والموعظة الحسنة رجاء أن يتوب إلى الله ويرجع إلى صوابه، فإن فعل فالحمد لله، وإن لم يتب من هذه المعاصي التي هي دون الكفر ففراقه أفضل وأسلم ، فإذا فارقته صيانة لدينك ونفسك من معاشرة فاسق فإنك تؤجرين على ذلك بإذن الله، فالشرع قد جاء بالنهي عن مخالطة الفاسقين.

قال الخادمي في كتابه بريقة محمودية معلقا على حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" قوله: أن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة بل هي أوثق عرى المخالطة، ومخالطة غير التقي تخل بالدين وتوقع في الشبه والمحظورات، فكأنه ينهى عن مخالطة الفساق وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان بل يطعمه ولا يخالطه إلا بقصد الإصلاح والإرشاد إن مرجوا فالمعنى لا تصاحب إلا مطيعا ولا تخالل إلا تقيا. اهـ.

ونوصيك بالحرص على ابنتك هذه وتربيتها على عقيدة وأخلاق الإسلام وتوجيهها بالحسنى مع الدعاء لها بالصلاح، فدعاء الوالد لولده مستجاب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني