الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مراتب القراءة في المدود والغنة على قدر أسلوب قراءتهم

السؤال

هل لاختلاف مراتب القراءة من تحقيق أو تدوير أو حدر أثر في طول المدود والغنن؟ أي: هل المد أو الغنن في مرتبة التحقيق أطول منها في مرتبة التدوير أو الحدر أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما ما يتعلق بالمد: فإن الاختلاف في تقدير مراتب المدود منشؤه اختلاف مرتبة القراءة، ويتضح هذا جليًا في النصوص الآتية :

قال مكي بن أبي طالب في الكشف في باب المد وعلله وأصوله: والقراء في إشباع المد وتطويله على قدر قراءتهم وتمهلهم أو حدرهم، فليس مد من يتمهل ويرتل كمد من يحدر ويسرع.

وقال الحسن بن قاسم المرادي في المفيد: وللمد حد يوقف عنده, ومقدار لا يصح تجاوزه، ومراتب القراء فيه مختلفة بحسب تفاوتهم في الترتيل والحدر والتوسط، وأطولهم مدًا ورش وحمزة، ومقدار مدهما ثلاث ألفات تقريبًا, ولا تحصيل لمن قال مقدار خمسة.

وقال المسعدي في فوائده: واعلم أن سبب المراتب المذكورة اختلاف القراء في القراءة من: التحقيق، والتدوير، والحدر.

قال الإمام السمرقندي في روح المريد: وذلك يكون تقريبًا لا تحديدًا، فمن يحقق القراءة ويمكنها فمده على قدر تحقيقه، ومن يحدر مده على قدر حدره، وذلك يفهم من أفواه الرجال مشافهة وعيانًا.

وقال الدكتور غانم في الدراسات الصوتية: وكان واضحًا لدى علماء التجويد أن مقادير المدود تختلف باختلاف أسلوب القراءة، فالقراءة بالتحقيق تحتاج إلى وقت أطول من القراءة بالحدر، وهو ما ينعكس على زمن نطق المدات.

وقال الإمام المالقي صاحب الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير, وهو يتحدث عن المدود: مقاديرها وبأنها مرتبطة بحسب السرعة والبطء: فمن مذهبه من القراء الأخذ بالصبر والتمكين, فإنه يزيد في المد من تلك النسبة، ومن مذهبه الحدر والإسراع، فإنه يمد بتلك النسبة، ومن توسط فعلى حسب ذلك. وحينئذ يتناسب المد والتحريك, ولو أن المسرع بالحركات أطال المد، والممكن للحركات قصر المد؛ لأدى ذلك إلى تشتت اللفظ وتنافر الحروف, والله أعلم. اهــ.

وأما ما يتعلق بالغنة: فقد قال الشيخ محمد مكي نصر في كتابه نهاية القول المفيد في علم التجويد: والذي نقلناه عن مشايخنا وعن العلماء المؤلفين في فن التجويد المتقنين أن الغنة لا تزيد ولا تنقص عن مقدار حركتين كالمد الطبيعي, لأن التلفظ بالغنة يحتاج إلى التراخي لما ذكره في التمهيد - أي: ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد, وانظر العبارة نفسها في الكشف عن وجوه القراءات لمكي بن أبي طالب القيسي - أن الغنة التي في النون والتنوين أشبهت المد في الواو والياء, لكن ينبغي التحذير عن المبالغة في التراخي.

وسار على منوال الشيخ محمد مكي نصر كثير من الذين أتوا بعده من المعاصرين, ولم يرد في كتب القدامى التصريح بأنها بمقدار حركتين, فهذا الإمام الداني ذكر في كتابه التحديد في الإتقان مراتب الغنة الأربعة فقال: كاملة, وأكمل, وناقصة, وأنقص. ولم يقل أطول, ونفس المراتب نقلها بالنص شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شرحه للمقدمة الجزرية،

والمفهوم من كلامهم - والذي عليه عملهم, وعمل العلماء القراء من بعدهم إلى يومنا هذا - أن الغنة ينبغي أن تكون ثقيلة, وتستغرق زمنًا في السمع يتناسب مع سرعة القراءة وبطئها؛ على حسب مراتب التلاوة التي تقدم ذكرها, وهذه المدة الزمنية تدرك بالسماع من الشيوخ المهرة المتقنين, وحذروا من زيادة التراخي فيها. والله أعلم.

والخلاصة: نعم, هناك أثر لاختلاف مراتب القراءة في المدود والغنة, وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 49979 . 47409.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني