الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من وافق غيره على رأي أدى إلى وقوع الغير في محرمات

السؤال

لي صديقة تجبرني دائما على أن أبدي رأيي في مسائل حياتها، فألحت ‏علي أن أبدي رأيي في موضوع لم أكن أدرك خطورته حينها.
فخطيبها ألح على أبيها أن يقول له: زوجتك ابنتي، وبعد إلحاح منه ‏على أبيها قال له ذلك، ثم طلب منها توثيق الزواج بدون علم أهلها ‏عند مأذون، فذهبت (علما بأننا علمنا بعد ذلك أن المأذون وثق ‏الزواج على ورق مصور وليس ورقا رسميا)‏
ثم طلب منها الذهاب معه لخلوة؛ لأنها أصبحت زوجته، فطلبت ‏رأيي، فقلت لها إني غير مقتنعة أن هذا زواج، فبعد محاولات إقناعها ‏لي بأنه زواج (وافقت على ذهابها).‏
ثم حملت منه بعد ذلك، ولما أصبح عمر الحمل شهرا، طلبت مني رأيي هل ‏تجهضه أم لا؟ فأ صررت على أن أقول: ( لا أعرف ) لكن زل لساني ‏أثناء كلامي معها قائلة حرفيا:( بس هو الحمل ما ينفعش يفضل) ‏
ثم انتبهت لكلامي، فاستغفرت الله، وقلت لها: لا أعرف؛ لأنها قالت ‏لي إنه خلال شهر لا تكون للحمل روح. ثم علمت أنها أجهضته. ‏
فحكيت لزوجي، فعنفني وقال لي إن هذا ليس زواجا من أصله، وأني شريكة في ذنبها منذ البداية؛ لذلك أرجو منكم معرفة الآتي بالله عليكم:
‏1-هل أنا فعلا شريكة في ذنبها منذ البداية؟
‏2-هل علي إثم أني حكيت لزوجي؟
‏3-كيف أكفر عن ذنبي إذا كنت اشتركت معها في الإثم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبو الفتاة قد تلفظ بإيجاب زواج ابنته، وقبل الزوج في حضور شاهدين، فقد صح عقد الزواج، وحل له الاستمتاع بزوجته. وأما إذا تم الإيجاب والقبول دون حضور شاهدين، ففي صحة العقد خلاف بين أهل العلم، والجمهور على عدم الصحة؛ وانظري الفتوى رقم: 50058.
وعلى أية حال فإن الإجهاض غير جائز إلا إذا كان في بقائه خطر على حياة الأم، لكن اختلف أهل العلم في إجهاض الحمل قبل أربعين يوماً، وقد رجحنا تحريمه إلا لعذر؛ وراجعي الفتوى رقم: 65114.
والذي يظهر –والله أعلم- أنك غير مشتركة مع تلك المرأة في الإثم –إن كان عليها إثم- ؛ لأنك لم تدليها على إثم أو توافقيها عليه. لكن على وجه العموم ننبهك إلى أنه لا يجوز لأحد أن يفتي الناس بغير علم؛ فإنّ خطر الفتوى عظيم؛ وانظري الفتوى رقم: 14585، والفتوى رقم: 37492
وأما إخبارك زوجك بالأمر فهو غير جائز إلا إذا كان بغرض المشاورة، وطلب النصيحة، فهو جائز؛ وانظري الفتويين: 6710، 6082.
واعلمي أن التوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، وإذا كان الذنب يتعلق بحق آدمي فيشترط رد الحق له أو استحلاله منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ. صحيح البخاري. وانظري الفتوى رقم: 107269.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني