الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

(المتكبر) من الأسماء الحسنى بخلاف (الضار)

السؤال

يوجد في أسماء الله الحسنى اسم (الضار)، واسم(المتكبر)، فهل هذه الصفات موجودة في الله عز وجل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا ريب أن من أسماء الله الحسنى المتكبر كما قال الله تعالى في سورة الحشر: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر:23].

ومعنى المتكبر أي العظيم ذو الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عتاة خلقه، والكبرياء هنا العظمة والملك، أو هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود، ولا يوصف بها إلا الله تعالى.

وجاء في فيض القدير: المتكبر ذو الكبرياء وهو الملك أو الذي يرى غيره حقيراً بالإضافة إليه، فينظر إلى غيره نظر المالك إلى عبده، وهو على الإطلاق لا يتصور إلا لله تعالى وتقدس، فإنه المتفرد بالعظمة والكبرياء بالنسبة لكل شيء من كل وجه، ولذلك لا يطلق على غيره إلا في معرض الذم. انتهى.

وقال في موضع آخر: "المتكبر" المظهر كبرياءه لعباده بظهور أمره حتى لا يبقى كبرياء لغيره. انتهى.

وقال القرطبي: المتكبر الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله، وقيل: المتكبر عن كل سوء، المتعظم عما لا يليق به من الصفات، وأصل الكبر والكبرياء الامتناع وقلة الانقياد.

قال حميد بن ثور: عفت مثل ما يعفو الفصيل فأصبحت * بها كبرياء الصعب وهي ذلول

فالمقصود أن الكبرياء في صفات الله مدح لما تقدم من معانيها، وفي صفات المخلوقين ذم.

وأما الضار فلم يثبت أنه من أسماء الله تعالى والحديث الوارد فيه ضعيف، ولكن إيصال الضرر بمن شاء من عباده صفة له جل وعلا، وكما هو معلوم فإن باب الصفات أوسع من باب الأسماء، قال الله تعالى: وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ [الأنعام:17]

فالرب من صفاته أن ينفع من يعبده ويطيعه ويضر من يكفر به ويعصيه، وإنما الذي لا ينفع ولا يضر هو العاجز، والله منزه عن العجز.

على أن هذه الصفة أو هذا الاسم إن صح أن يسمى الله به، لا يذكر في حق الله تعالى إلا مقروناً أو مقيداً بما يفيد معنى حسناً في حق الله، ذلك أن صفة الضر تكون كمالاً في حال ونقصاً في حال ثان، كما هو الأمر في صفة المكر والكيد والخداع والاستهزاء المذكورة في حق الله، كما قال الله تعالى: وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ، وقال تعالى: اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ، وقال تعالى: يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ، وقال تعالى: وَأَكِيدُ كَيْدًا، فلا بد من اقتران هذه الصفات بما يدل على أنها في حق الله كمال، وذلك عندما تكون في مقابلة من يفعل ذلك، لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أكثر، وأنه لا تنطلي عليه حيلة ولا يمكن خداعه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني