الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)

السؤال

ما تفسير قوله..وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون سورة يوسف 106

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقوله تعالى: [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] (يوسف:106). قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: قال ابن عباس: من إيمانهم أنهم كانوا إذا قيل لهم من خلق السماوات ومن خلق الأرض ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله. وهم مشركون به.

وفي الصحيحين: أن المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك؛ إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. وفي صحيح مسلم: أنهم كانوا إذا قالوا لبيك لا شريك لك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قد أي حسب حسب، لا تزيدوا على هذا. وقال الله تعالى: [إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ] (لقمان: 13). وهذا هو الشرك الأعظم يعبد مع الله غيره، كما في الصحيحين عن ابن مسعود: قلت يا رسول الله: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك. وقال الحسن البصري في قوله: [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] (يوسف:106). قال: ذلك المنافق يعمل إذا عمل رياء الناس وهو مشرك بعمله ذلك، يعني قوله تعالى: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ..] إلى قوله: [يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً] (النساء:142). وثم شرك آخر خفي لا يشعر به غالبا فاعله، كما روى حماد بن أبي سلمة أن حذيفة دخل على مريض فرأى في عضده سيرا فقطعه أو انتزعه ثم قال: [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] وفي الحديث: من حلف بغير الله فقد أشرك. رواه الترمذي وحسنه من رواية ابن عمر.

وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. وفي لفظ لهما: الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل. وروى الإمام أحمد عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: رأى عبد الله بن مسعود في عنقي خيطا فقال: ما هذا الخيط؟ قالت قلت: خيط رقي لي فيه، فأخذه فقطعه ثم قال: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك، إنما كان يكفيك أن تقولي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما. وفي حديث آخر رواه الإمام أحمد قيل لعبد الله بن حكيم وهو مريض لو تعلقت شيئا، فقال: أتعلق شيئا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلق شيئا وكل إليه. رواه النسائي عن أبي هريرة. وفي مسند أحمد من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من علق تميمة فقد أشرك. وفي رواية: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه. رواه مسلم. وروى أحمد عن محمود بن السيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء. الحديث.

وروى أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله: ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك. وروى أحمد عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل، ثم قال: ألا أدلكم على ما يذهب عنك صغير ذلك وكبيره؟ قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك مما لا أعلم.

انتهى من تفسير ابن كثير باختصار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني