الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح عبارات للشيخ الغزالي رحمه الله

السؤال

باسمك ربي أبدأ، لك الحمد وحدك أن هديت ووفقت، وأصلي وأسلم على سيدي وحبيبي خليل الرحمن الذي به هديت ورحمت وختمت، وبعد لدي أسئلة ومشكلتان:
أقرأ لحبيبي العلامة محمد الغزالي كلمات أود منكم إفهامي معناها يقول عليه من الله رحماته ورضوانه "إن التعليم الرحب هو أفضل طريق لخدمة الإسلام وإعزاز أمته، فلنرفع مستوى الفقه العام لندفع أمتنا للأمام"، ويقول غفر الله له "إن الإنسان بدأ نفخة من روح الله، فالحفاظ على هذا النسب الشريف والإبقاء على هذه الصلة الرفيعة هما سر القوانين التي تضبط سلوك الإنسان وتعصمه على الدنايا وتلزمه التقوى ورشحه آخر الأمر لجنة عرضها السماوات والأرض..." ويقول "إن الدين حق وجمال رضي الله عنه"، أما مشكلاتي كما يلي أعيش في أزمة وإني أخشى على نفسي من الضياع أعصي ربي بممارسة العادة أعانني الله عليها وعلى الهوى لا أدري أقول إني تائب تحدثني نفسي في ذلك فأقول لها إني تائب إنك تائب يا... وما هي إلا دقائق أو ثوان لأصير إلى هوى نفسي، فماذا أفعل أرشدوني أرشدكم الله، وللكلام مزيد وأكتفي إلى مرة أخرى اذكروني بدعائكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الظاهر من العبارة المنسوبة للشيخ محمد الغزالي رحمه الله: "إن التعليم الرحب هو أفضل طريق لخدمة الإسلام... إلخ" أن الشيخ يقصد أن أفضل طريقة في نظره لخدمة دين الإسلام هي أن لا ينحصر العلم في طبقة النخب والصفوة من أهل العلم، وإنما ينبغي أن تتسع طبقة المتعلمين، فتشمل القاعدة العريضة من المنتسبين للإسلام، كل بحسب قدرته واحتياجه.

ولا شك أن مقصود الشيخ الغزالي صحيح، لكن ينبغي الإشارة إلى أن العلم وحده لا يكفي لنجاة الأمة ورفعتها، وإنما يجب أن يضاف إلى العلم العمل به بقدر الطاقة، ثم الدعوة إليه، والصبر على ما يلاقيه الإنسان من جراء ذلك.

وهذا الذي أشرنا إليه هو ما تدل عليه سورة العصر، قال الله تعالى: وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-2-3]، فالله تعالى أقسم بأحد مخلوقاته وهو العصر أي الزمان والدهر، أقسم على أن الإنسان -مطلق الإنسان- في خسران، ثم استثنى الله من قام بأربعة أشياء هي: الإيمان، وهو ثمرة العلم، وعمل الصالحات وهو العمل بالعلم، والتواصي بالحق وهو الدعوة إلى ما تعلمه الإنسان، والتواصي بالصبر وهو الصبر على ما يلاقيه.

وأما قول الشيخ الغزالي يرحمه الله: "إن الإنسان بدأ نفخة من روح الله...." فالظاهر من عبارته أنه يذكر الإنسان بأنه خلق من أمرين، من قبضة طين ومن نفخة روح، قال الله تعالى: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [ص:71-72]، فإذا فعل الإنسان الدنايا وارتكب المحرمات، فإنه إنما ينصاع لنزعة الطين في خلقته، أما إذا فعل المكرمات من الواجبات والمندوبات فإنه في الحقيقة ينصاع للأثر الثاني ألا وهو نفخة الروح، فالشيخ يقصد: أن يتذكر الإنسان أن روح الله أصل خلقته ينبغي أن يكون ضابطاً لسلوكه وعاصماً له عن الدنايا ويجعله يلتزم التقوى، حتى يصير في نهاية الأمر إلى جنة عرضها السموات والأرض.

وإن الذي أنصحك به أن تشتغل بطلب العلم النافع على أعلامه وفق منهج أهل السنة والجماعة في البلد الذي تعيش فيه، وأما الاشتغال بالكتب الفكرية عن طلب العلم، فإنه انشغال بالمفضول عن الفاضل، فوالله لو أقبل الإنسان على القرآن والسنة وتعلمها، وفهم مراد الله ورسوله، لكان ذلك أنفع له في الدنيا والآخرة، قال عثمان بن عفان: لو خلصت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم.

ولمعرفة منهج الغزالي في غالب القضايا التي نوقش فيها، راجع كتاب "حوار هادئ مع محمد الغزالي" للشيخ سلمان بن فهد العودة، فإنه مهم جداً، وراجع الفتوى رقم: 25210، والفتوى رقم: 35708، والفتوى رقم: 10833.

وبالنسبة لوقوعك المستمر في العادة السرية فهوأمر محرم نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك التوبة النصوح من كل ذنب، وراجع الفتوى رقم: 7170، والفتوى رقم: 9195 ففيهما بيان الوسائل المعينة على التخلص منها.

وعليك باللجوء إلى الله والاستعانة به على تركها، وأكثر من دعائه في أوقات الإجابة خاصة في ثلث الليل الآخر، والتزم آداب الدعاء من الطهارة واستقبال القبلة والتذلل والإلحاح في الدعاء وغير ذلك من الآداب، وراجع الفتوى رقم: 8581، والفتوى رقم: 23599.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني