الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنويع أساليب الدعوة قد تشوق المدعو وتلين قلبه.

السؤال

ما نصيحتك لشخص يظلم الناس وخاصة الصالحين منهم ويشتمهم ويسبهم في أعراضهم، علما أنه متهاون في الصلاة ويشرب المسكر، خاصة أن أقاربه يئسوا من صلاحه لأنه لايستجيب للنصيحة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن من كان متصفا بما ذكرت من الانحراف ينبغي أن تراعي في نصيحته حالته النفسية، فقد يكون من نصحه لم يراع ذلك فللدعوة أساليب متعددة، تقتضيها حالة المدعو فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته يراعي أحوال المدعوين، في منازلهم وطباعهم، وقربهم وبعدهم من الخير.
وقد أرشد القرآن إلى هذه الأساليب بقوله: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) [النحل: 125].
فقد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل في بعض الحالات أسلوباً من الرفق لا يجارى، من ذلك حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فلما زجره بعض الصحابة بشدة قال صلى الله عليه وسلم "لا تزرموه"، أي لا تقطعوا عليه بوله وقال اتركوه حتى إذا انتهى من بوله دعاه فقال له: "إن هذه المساجد إنما بنيت للصلاة والذكر، ولا تصلح لشيء من القذر والبول". أخرجه البخاري.
ومن ذلك حديث الشاب الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فطلب منه أن يبيح له الزنا، فدعاه صلى الله عليه وسلم فجعل يسأله: أتحب الزنا لأمك؟ فيقول: لا والله. جعلني الله فداك فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. أتحبه لابنتك؟ فيقول لا والله جعلني الله فداك فيقول صلى الله عليه وسلم ولا الناس يحبونه لبناتهم " رواه أحمد .
فبهذا الأسلوب اللطيف اللين تخلص هذا الشاب من الفاحشة، وأصبح الزنا هو أبغض شيء عنده.
واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في حكمته في الدعوة يمكننا أن ننصح هذا الرجل بأساليب تمليها علينا حالته النفسية، واتجاهه الفكري.
فتذكر له ما جاء من الوعيد في انتهاك أعراض الناس التي شبهها الله بأكل ميتة الآدمي، قال تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً) [الحجرات: 12].
ويبين له خطر التهاون بالصلاة التي هي عماد الدين، وخطر المسكر كذلك وضرره على الدين والنفس، ثم نوجه إليه النصح عن طريق أصدقائه الذين هم محل الثقة عنده، لعل الله أن يهديه فإن فشلت هذه الأساليب في تحقيق الهدف استعملنا له الأسلوب الآخر كالهجر، ومنعه بعض ما في أيدينا مما يحتاج إليه..و.. كتبليغ السلطات، إن كان ذلك مما يفيد في زجره.
ونستشير أهل العلم والرأي ممن يسكنون بالقرب من المنزل ويصلون في المسجد.. لعل الله أن يجعل في شيء من ذلك ما ينفع. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني