الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخريج وشرح حديث "من باع دارا أو عقارا فلم يجعل ثمنه.."

السؤال

ما مدى صحة حديث "‏ من باع دارا أو عقارا فلم يجعل ثمنه في مثله كان قمنا أن لا يبارك فيه" وما معناه ?

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد روى ابن ماجه والبيهقي عن سعيد بن حريث رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من باع دارا أو عقارا فلم يجعل ثمنه في مثله كان قمنا أن لا يبارك فيه. قال الكناني في مصباح الزجاجة: وإسناد حديثه ضعيف من الطريقين معا لضعف إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر رواه أحمد في مسنده من حديث سعيد بن حريث، لكن لم ينفرد به إسماعيل بن إبراهيم فقد رواه قيس بن الربيع عن عبد الملك بن عمر عن عمرو عن أخيه سعيد بن حريث، ورواه يوسف عن عمرو بن حريث عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه الحاكم من طريق أبي حمزة عن عبد الملك بن عمر به، ورواه البيهقي من الكبرى عن الحاكم فذكره، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن وكيع به، وله شاهد من حديث عمران بن حصين رواه أبو يعلى الموصلي. اهـ

وللحديث شاهد عن حذيفة بن اليمان عند ابن ماجه والبيهقي، وقد صحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

أما عن معناه: فقد ذكر البيهقي بعد ما رواه: أن ابن عيينة قال في تفسير هذا الحديث: من باع دارا ولم يشتر من ثمنها دارا لم يبارك له في ثمنها، قال سفيان: إن الله يقول: وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا {فصلت: 10}، يقول: فلما خرج من البركة ثم لم يعده في مثلها لم يبارك له. اهـ.

وفي شرح سنن ابن ماجه: يعني أن بيع الأرض والدور وصرف ثمنها في المنقولات غير مستحب لأنها كثيرة المنافع قليلة الآفة لا يسرقها سارق ولا يلحقها غارة، ذكره الطيبي. اهـ

وقال المناوي في فيض القدير: لأنها ثمن الدنيا المذمومة، وقد خلق الله الأرض وجعلها مسكنا لعباده، وخلق الثقلين ليعبدوه، وجعل ما على الأرض زينة لهم: لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً {الكهف: 7} فصارت فتنة لهم: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ {هود: 119}، فعصمه وصارت سببا للمعاصي فنزعت البركة منها، فإذا بيعت وجعل ثمنها متجرا لم يبارك له في ثمنها، ولأنه خلاف تدبيره تعالى في جعل الأرض مهادا. وأما إذا جعل ثمنها في مثلها فقد أبقى الأمر على تدبيره الذي هيأه له فيناله من البركة التي بارك فيها، فالبركة مقرونة بتدبيره تعالى لخلقه. اهـ .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني