الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أراد أن يحج عن غيره ولم يحج عن نفسه.

السؤال

هل يجوز للشخص أن يحج عن والده قبل أن يحج عن نفسه حج الفريضة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف العلماء فيمن لم يحج عن نفسه الفريضة، هل يجوز له أن يحج عن الغير على قولين:
1/ القول الأول: الجواز، وبه قال الإمامان أبو حنيفة، ومالك، لكن قيد الإمام مالك جوازه في حالة الحج عن الميت دون الحيّ، وإن كان حج عن نفسه فهو أفضل.
2/ القول الثاني: لا يجوز الحج عن الغير ما لم يحج عن نفسه أولاً، وبه قال الإمامان الشافعي، وأحمد، وإن حج عن غيره انقلب إلى فرض نفسه.
قال الإمام ابن قدامة: وجملة ذلك أنه ليس لمن لم يحج حجة الإسلام أن يحج عن غيره، فإن فعل وقع إحرامه عن حجة الإسلام، وبهذا قال الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وقال أبوبكر عبد العزيز: يقع الحج باطلاً، ولا يصح ذلك عنه، ولا عن غيره، وروي ذلك عن ابن عباس، لأنه لما كان من شرط طواف الزيارة تعيين النّية، فمتى نواه لغيره ولم ينو لنفسه، لم يقع عن نفسه.
وقال الحسن، وإبراهيم، وأيوب السختياني، وجعفر بن محمد، ومالك، وأبو حنيفة: يجوز أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه، وحُكي عن أحمد مثل ذلك...أهـ انظر المغني (3/198)
والراجح - والله أعلم- القول الثاني، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شُبْرمة، قال: "ومَنْ شُبْرمة،" قال أخ لي أو قال: قريبٌ لي، قال: "أفحججت عن نفسك؟" قال: لا. قال: "فحج عن نفسك ثم حج عن شُبْرمة" رواه أحمد، وأبو داود وابن ماجه، وصححه ابن حبان، والبيهقي.
قال ابن رشد: "والطائفة الأولى عللت هذا الحديث بأنه قد روي موقوفاً على ابن عباس" بداية المجتهد (2/626)، لكن الصحيح أن الحديث مرفوع ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فلا تحج أيها السائل الكريم عن والدك حتى تحج عن نفسك. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني