الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من شأن المؤمن أن يكون خائفا راجيا

السؤال

أخاف خوفا شديدا جدا من الموت وكلما ازددت في عمل الطاعات كلما زاد هذا الخوف حتى أني أصبحت أشعر بألم شديد في جسدي بسبب ذلك الخوف فلماذا لا أشعر بالسعادة والراحة عند عمل الطاعات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي على المسلم بعد أن يتقرب إلى الله تعالى بالعبادة أن يكون بين الخوف والرجاء، فيخاف أن يرد الله عليه عبادته ولا يقبلها منه، ويرجو أن يتقبلها منه وأن يرفعه بها.

فأحسن الظن بربك وثق به وارج رحمته، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي. متفق عليه، وقال سبحانه في الحديث القدسي أيضا: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. فجعل سبحانه الرجاء شرطا في المغفرة.

فاعمل الصالحات، وارج ثوابها، واستشعر تدوين الملائكة لها في صحائف أعمالك، واستشعر كيف أنها تثقل موازين حسناتك.

وفضل الله واسع، فلم يمنعك منه وهو يحبك، فالله يحب المتقين، ويحب المحسنين، ويحب التوابين، ولو لم يكن يحبك لما وفقك لأداء الطاعات.

ثم إن الموت الذي تخاف منه هو الذي ينتظره الصالحون ليروا ربهم الذي طالما عبدوه ولم يروه، والذي ناجوه بالأسحار واستغفروه، فمرحبا بموت يقرب الحبيب من حبيبه!!

ولقد روي عن نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته أعاجيب في الشوق إلى ربهم، فعندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجود بروحه قالت ابنته فاطمة: وا كرب أبتاه، فقال صلى الله عليه وسلم: لا كرب على أبيك بعد اليوم. وقال عن نفسه: إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عنده. رواه البخاري.

وهذا بلال عندما كان في النزع كان يقول: غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه.

فاستبشر بما عند الله، ولا تيأس من روحه، واستقم كما أمرت وأحسن، فلن يقابل الله إحسانك إلا بمثله وأكثر، قال الله تعالى: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {الرحمن: 60}. واعلم أن لذة العبادة قد تتأخر امتحانا من الله ليرى صبرك على الطاعة، قال بعض السلف: كابدت العبادة عشرين سنة وتلذذت بها عشرين أخرى!!

فاحذر من تلبيس إبليس وتقنيطه لك من رحمة رب العالمين، ولتقرأ كتابا في شرح أسماء الله الحسنى، فعلى قدر معرفة العبد بها يكون حبه لله وشوقه إلى لقائه، كما ننصحك بقراءة "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح". لابن القيم و"استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس" لابن رجب، وانظر الفتويين: 6603، 29469.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني