الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في الوطء بين الإنس والجن، وما يجب فيه

السؤال

ما حكم جماع مس شيطان الجن للمرأة المسلمة وهي نائمة وتشعر به وتراه في النوم حتى بعد الاستيقاظ تشعر بتعب نتيجة ذلك وهي غير متزوجة وتحرص على الأذكار والرقية ولكنه يأتي إليها وهي نائمة هل عليها الغسل وهل عليها إثم من ذلك حيث إنها تظل أياما وهي تشعر بحزن وكأنها زانية ماذا تفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصح أنه يمكن حصول الوطء بين الإنس والجن، وقد قال ابن الجوزي رحمه الله في قوله تعالى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ {الرحمن: 56} فيه دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنس. اهـ

ولا إثم على المكرَه على الوطء سواء كان رجلا أو امرأة .

وإحساس المرأة بأنها تُجامَع من قبل جني يأتي على ثلاث حالات:

الحالة الأولى : أن تحس بذلك في نومها فلا يجب عليها الغسل إلا إذا رأت منيا، وقد لا يكون هناك وطء حقيقي من جني بل مجرد رؤيا منامية، وأما التعب الذي تشعر به بعد الاستيقاظ فقد يكون نتيجة توتر أعصابها حال رؤيتها.

الحالة الثانية: أن يتمثل لها الجني في صورة إنسي في اليقظة ويطؤها فعليها الغسل لحصول الوطء.

الحالة الثالثة: أن تشعر بوطء في اليقظة ولكنها لا ترى الواطئ متمثلا لها بصورة آدمي، فعليها الغسل إذا رأت منيا، أما إذا لم تره وإنما شعرت بأنها تُجامَع كما تجامع من قبل الإنسي فقد اختلف العلماء في ذلك هل يلزمها الغسل أم لا؟ على قولين:

الأول: وجوب الغسل، وإليه ذهب الجمهور على تفصيل بينهم خلافا للحنفية، قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف وهو من الحنابلة : لو قالت امرأة: لي جني يجامعني كالرجل. فقال أبو المعالي. لا غسل عليها لعدم الإيلاج والاحتلام. قال في الفروع: وفيه نظر. وقد قال ابن الجوزي في قوله تعالى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ: فيه دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنس. انتهى. قلت: الصواب وجوب الغسل.

واستوجهه العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله في التحفة وهو من الشافعية، فقد قال وهو يبين وجوب الغسل بالوطء: وجنية إن تحقق – الوطء - كعكسه على الأوجه فيهما , وإن كان ناسيا أو مكرها... اهـ. وهو القول المحقق عند المالكية فقد قال العلامة الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير للدردير: ولو رأت امرأة في اليقظة من جني ما تراه من إنسي من الوطء واللذة، أو رأى الرجل في اليقظة أنه جامع جنية قال ابن ناجي: الظاهر أنه لا غسل على الرجل ولا على المرأة ما لم يحصل إنزال. وقال الحطاب: الظاهر أنه لا غسل عليهما ما لم يحصل إنزال أو شك فيه؛ لأن الشك في الإنزال يوجب الغسل. واعترضه البدر القرافي بأن الموافق لمذهب أهل السنة من أن الجن لهم حقيقة وأنهم أجسام نارية لهم قوة التشكل، ولقول مالك بجواز نكاح الجن وجوب الغسل على كل من الرجل والمرأة وإن لم يحصل الإنزال ولا شك فيه، ووافقه على ذلك تلميذه عج قال شيخنا – العدوي - وهو التحقيق. اهـ. بتصرف يسير.

وذهب الحنفية إلى أنه لا غسل عليها إلا إذا تمثل لها بصورة آدمي أو حصل نزول مني لأنه لا يجب الغسل عندهم بالإيلاج إلا إذا كان من آدمي في آدمي أو في غير آدمي وحصل إنزال، قال الحصكفي رحمه الله في الدر المختار: إيلاج حشفة... آدمي احتراز عن الجني، يعني إذا لم تنزل وإذا لم يظهر لها في صورة الآدمي؛ كما في البحر. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني