الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المحرمات من النساء في الكتاب والسنة

السؤال

من هنّ المحرمات من النساء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن من النساء من يحرمن على الرجل تحريمًا مؤبدًا، ومنهن من يحرمن عليه تحريمًا مؤقتًا لسبب، إذا زال، جاز له نكاحها.

والمحرمات تحريمًا مؤبدًا، قد جمعتهن آية النساء رقم: 23، وحديث: يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب. قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء:23}، فبيّن جلّ وعلا ما يحلّ، وما يحرم من النساء، فحرّم سبعًا بالنسب، وهنّ الأمهات، ويدخل فيهنّ الجدات، وإن علون من قبل الأمّ أو الأب.

والبنات: ويدخل فيهنّ بنات البنات، وبنات الأولاد، وإن سفلن.

والأخوات: سواء أكنّ من قبل الأب والأم، أو من قبل أحدهما.

والعمّات: ويدخل فيهنّ جميع أخوات الأب الشقيقات وغير الشقيقات، وكذلك جميع أخوات أجدادك، وإن علون.

والخالات: ويدخل فيهنّ جميع أخوات الأم الشقيقات، وغيرهنّ، وكذلك جميع أخوات الجدات، وإن علون، سواء أكنّ جدات من الأب أم من الأم.

وبنات الأخ، وبنات الأخت، ويدخل فيهنّ بناتهنّ، وإن سفلن.

وجملة ذلك: أنه يحرم على الرجل أصوله، وفروعه، وفروع أول أصوله، وأول فرع من كل أصل بعده:

فالأصول هنّ: الأمهات، والجدات.

والفروع هنّ: البنات، وبنات الأولاد.

وفروع أول أصوله، هن: الأخوات، وبنات الإخوة، وبنات الأخوات.

وأول فرع من كل أصل بعده، هنّ: العمّات، والخالات، وإن علون.

وحرّم كذلك سبعًا بالسبب: اثنتين بالرضاع، وأربعًا بالمصاهرة، والسابعة المحصنات، وهنّ ذوات الأزواج.

والمحرمات بالرضاع، هنّ المذكورات في قوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23].

وجملة ذلك: أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وتثبت حرمة الرضاع بشرطين:

الأول: أن يكون في الحولين.

الثاني: أن يوجد خمس رضعات معلومات.

وأما المحرمات بالمصاهرة، فقوله: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ).

وجملة ذلك: أن كل من عقد النكاح على امرأة، تحرم على الناكح أمهاتها، وجداتها، وإن علون، من الرضاعة، والنسب؛ بسبب العقد نفسه.

وتحرم كذلك الربيبة، إن كان قد دخل بأمّها، والربيبة هي بنت امرأة الرجل، وسميت ربيبة؛ لتربيته إياها، قال تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ)، أي: جامعتموهن، (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) أي: إن لم تكونوا دخلتم بهن - وقد عقدتم عليهنّ من قبل -، فيحل لكم نكاح بنات من عقدتم عليهنّ، ولم تدخلوا بهنّ.

ويدخل في الربائب بنات الزوجة، وبنات أولادها، وإن سفلن من الرضاع، والنسب بالشرط السابق، وهو أن يكون قد دخل بالأم.

ومما يحرم كذلك زوجات الأبناء (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ)، فحليلة الابن، وهي زوجته، حرام على أبيه.

ومما يحرم بالمصاهرة كذلك، زوجة الأب، والجد، وإن علا، فتحرم على الولد، وولد الولد بنفس العقد، سواء أكان الأب من الرضاع، أم من النسب؛ لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) [النساء:23].

ويحرم الجمع بين الأختين، كما نصت على ذلك الآية الكريمة.

وألحقت السنة المتواترة بذلك تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، ووقع الإجماع على ذلك، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها. رواه الجماعة.

وحيثما حرم الجمع بين امرأتين، فطلق من كانت في عصمته طلاقًا بتًّا، أو رجعيًّا، وانتهت عدتها، جاز الزواج ممن حرمت عليه بسببها، إذا لم يكن ثَمّ مانع آخر، وكذا إذا ماتت.

ويحرم الزواج كذلك بالمرأة الملاعنة، وهي التي رماها زوجها بالزنى، وشهد على ذلك أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، وشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وتشهد هي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فيفرق بينهما إلى الأبد، ولا يحل له نكاحها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني