الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مضار الإسراف في الجماع

السؤال

جاء في إحدى فتاويكم رقـم الفتوى : 97123
ومعناه عدم الإكثار من النكاح وإفساد المني لأنه متحلب من المخ، فكثرة إراقته ربما تضعف المرء، قال في الآداب الشرعية: ومزاج المني حار رطب، لأنه من الدم المغذي للأعضاء الأصلية، ولهذا لا ينبغي إخراجه إلا لشدة الشهوة، فإن الإكثار منه يطفئ الحرارة الغريزية، ويشعل الحرارة الغريبة، ويسقط القوة، ويضعف المعدة والكبد، ويسيء الهضم، ويفسد الدم، ويجف الأعضاء الأصلية ويسرع إليها الهرم والذبول، ويبرد البدن ويجففه ويضعفه ويخلخله ويهرم سريعاً، ويخفف الدماغ، ويضر بالعصب، ويفسد اللون، ويورث الرعشة، ويضر بالصدر والرئة والكلى ويهزلها.
فانا أتعجب لهدا الكلام الذي لا ينطوي عن أي دراسة علمية. أما من الناحية الشرعية فيحق للزوج معاشرة زوجته كيفما شاء و لو كان ذلك ضارا لنهي عنه، و بنشركم هذا النص قد تنفرون الأزواج من المعاشرة مما يعود عليهم من ضرر فالله الله راقبوا ما تنشرون بارك الله فيكم.
و الله المستعان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ورد في الفتوى المشار إليها هو من كلام أهل الطب، فقد ذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية، وذكره ابن القيم في زاد المعاد، ونقل عن الشافعي ما يؤكده، وكذا الحكماء والأطباء الأقدمون كجالينيوس وغيره. والتجربة تشهد له، وكل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده، ولم نقف في الدراسات العلمية الحديثة على ما يعارضه أو يفنده. لكن ينبغي أن تعلم أن الكثرة والقلة أمران نسبيان فهما لدى كل شخص بحسبه فكثرة الجماع لدى من كانت لديه قوة وفحولة ليست ككثرته لدى المرضى أو الضعفاء وهكذا، فلا حرج شرعا ولا طبعا على من كانت لديه القوة والنشاط في إتيان أهله متى ما شاء ورغب، بل ينبغي له ذلك استفراغا لتلك المادة المستجمعة في بدنه وبقاؤها قد يضره، أما من ليس كذلك وكثرة إراقة المني ترهقه وتضعفه فلا ينبغي له إجهاد نفسه بذلك.

وأما قولك إنه لو كانت في كثرته مضرة ما أبيح ولنهي عنه، فهذا مردود بأن أصل الإباحة لا ينافي وجود الضرر في بعض الأحوال التي تدخل في حيز الإسراف، فالشارع أباح أكل الطيبات ومنها السكر ولم ينه عنه، ومعلوم أن كثرته مضرة وهكذا الدسم وغيره،، وكل ما كان مضرا عند الإكثار منه والإسراف فيه من المباحات يتناوله قوله تعالى: وَلاَ تُسْرِفُوا، ويدخل في قاعدة منع المضرات، وفيها يقول الله تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة:195} ويقول: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29} ويقول صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني