الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحاديث نبوية وآثار في فضل العلم

السؤال

ما صحة هذه الأحاديث التي وردت في فضل طلب العلم:
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة }
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا في المسجد مجلسان: مجلس يتفقهون، ومجلس يدعون الله ويسألونه، فقال: كلا المجلسين إلى خير، أما هؤلاء فيدعون الله تعالى، وأما هؤلاء فيتعلمون ويفقهون الجاهل . هؤلاء أفضل، بالتعليم أرسلت ثم قعد معهم } رواه أبو عبد الله ابن ماجه.
وحديث: { فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم } وحديث: { فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد } وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أفضل العبادة الفقه } وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { يسير الفقه خير من كثير العبادة } وعن أبي الدرداء: ( ما نحن لولا كلمات الفقهاء ؟ )، وعن علي رضي الله عنه: ( العالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله ) وعن أبي ذر، وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: ( باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوع، وباب من العلم نعلمه عمل به أو لم يعمل أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا )، وقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { إذا جاء الموت طالب العلم، وهو على هذه الحال مات وهو شهيد . } ( لأن أعلم بابا من العلم في أمر ونهي أحب إلي من سبعين غزوة في سبيل الله )، وعن أبي الدرداء: ( مذاكرة العلم ساعة خير من قيام ليلة )، وعن الحسن البصري، قال: لأن أتعلم بابا من العلم فأعلمه مسلما أحب إلي من أن تكون لي الدنيا كلها في سبيل الله تعالى، وعن يحيى بن أبي كثير: دراسة العلم صلاة . وعن سفيان الثوري والشافعي: ( ليس شيء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم )، وعن أحمد بن حنبل، وقيل له: أي شيء أحب إليك ؟: ( أجلس بالليل أنسخ أو أصلي تطوعا، قال فنسخك تعلم بها أمر دينك لهو أحب )، وعن مكحول: ما عبد الله بأفضل من الفقه . وعن الزهري: ما عبد الله بمثل الفقه . وعن سعيد بن المسيب قال: ليست عبادة الله بالصوم، والصلاة، ولكن بالفقه في دينه . يعني ليس أعظمها، وأفضلها الصوم، بل الفقه .
قال سفيان:: (ما أعلم عملا أفضل من طلب العلم وحفظه، لمن أراد الله به خيراً . قال: قال الحسن بن صالح إن الناس ليحتاجون إلى هذا العلم في دينهم كما يحتاجون إلى الطعام والشراب في دنياهم .).
ثم هل لفظة العلم المجملة التي وردت فيما سبق يندرج تحتها كل علم مفيد، أرجو التفصيل وذكر أقوال أهل العلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حديث مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة رواه الديلمي في الفردوس، وهو من الكتب التي يغلب عليها الضعف، ولكنه ثبت في الحديث: إن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما. رواه الترمذي وحسنه الألباني. وتعلم العلم وتعليمه في سبيل الله.

وفي الحديث: من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع. رواه الترمذي والضياء وحسنه الألباني.

واما حديث: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. فقد أخرجه الترمذي وصححه الألباني.

وأما حديث: فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد. فقد أخرجه جماعة من المحدثين وحكم عليه بعض النقاد بالضعف منهم الشوكاني والبيروتي وحكم عليه الألباني بالوضع.

وأما حديث: أفضل العبادة الفقه. فقد رواه الطبراني وقال الهيثمي فيه محمد بن أبي ليلى ضعفوه لسوء حفظه وضعفه الألباني.
وأما حديث: كلا المجسلين إلى خير. فقد رواه البزار والطيالسي وابن المبارك والحارث. ومدار أسانيدهم كلها على عبد الرحمن بن زياد عن عبد الرحمن بن رافع وكلاهما ضعيف.

وأما حديث: يسير الفقه خير من كثير العبادة. فقد أخرجه الطبراني .

وقال فيه الهيتمي: فيه خارجة بن الصعب وهو ضعيف جدا.

وأما قول أبي ذر وأبي هريرة في فضل تعلم باب على ألف ركعة تطوع فقد قال فيه الألباني: ضعيف جدا.

ومثله: إذا جاء الموت لطالب العلم..

وأما قول أبي الدرداء: مذاكرة العلم ساعة خير من قيام ليلة. فلم نجده بهذا اللفظ، وقد ذكر الألباني في ظلال الجنة أنه روى ابن المبارك عنه أنه كان يقول: تفكر ساعة خير من قيام ليلة. وقال الألباني: قال يحيى بن صاعد: تفرد به ابن المبارك غريب الإسناد صحيح.

وصح مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود. رواه ابن حبان وصححه الألباني.

وأما ما لم نتكلم عليه من آثار الصحابة فلم نجده.

وأما ما نسب إلى التابعين فمن بعدهم فلا يسمى حديثا وإنما يسمى المعزو للتابعين مقطوعا وهو من أقسام الضعيف، ومن بعد التابعين حاله أشد فهو لا يعدو إن صح أن يكون حكمة من أحد علماء السلف.

وأما العلم إذا أطلق في الحديث وكلام السلف الأول فيعنى به علم الشرع.

وأما العلوم التي يستفاد منها في أمور الدنيا فيؤجر صاحبها إذا تعلمها ليخدم بها نفسه وأمته.

وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 48284، 54742، 75780.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني