الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1165 1223 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16553عثمان بن عمر قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة - رضي الله عنه - : nindex.php?page=treesubj&link=31514_1566_1567_25353_22741_900يقول الناس أكثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة . فلقيت رجلا فقلت : بم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البارحة في العتمة ؟ فقال لا أدري . فقلت : لم تشهدها ؟ قال : بلى . قلت : لكن أنا أدري ، قرأ سورة كذا وكذا . [فتح: 3 \ 90]
ثم ذكر فيه عن عقبة بن الحارث : قال : صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر ، فلما سلم قام سريعا دخل على بعض نسائه . . الحديث .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=651146 "إذا أذن بالصلاة أدبر الشيطان . . " الحديث . قال nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن : nindex.php?page=hadith&LINKID=667482إذا فعل أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو قاعد . وسمعه nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة من nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
[ ص: 322 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : يقول الناس أكثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة . . الحديث .
الشرح :
أما أثر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، عن حفص ، عن عاصم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي عنه : إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة .
وحديث عقبة تقدم في باب : من صلى بالناس فذكر حاجته .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الأول تقدم في الأذان ، ووجه إدخاله هنا : أذكر كذا إلى آخره . وقول nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة يأتي قريبا في السهو ، وحديثه الثاني من أفراده .
وأثر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إنما كان فيما يقل فيه التفكر ، يذكر في نفسه : أخرج فلانا ومعه كذا من العدد ، فيأتي على ما يريده في أقل شيء من الفكرة ، وأما إن تابع التفكر وأكثر حتى لا يدري كم صلى ، فهذا لاه في صلاته . قال ابن التين : ويجب عليه الإعادة .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : (يقول الناس : أكثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ) . ثم ذكر ما قال للرجل ، وما قيل له فإنما يغبط الناس بحفظه ، وبينها لئلا ينساها ، وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب يحدث خادمه بالحديث لئلا ينسى ، وليس من أهله ، وكان إذا خرج إلى البادية صنع طعاما لهم وحدثهم لئلا ينسى .
وفيه : أنه أكثر من العلم ، وكان حافظا له ضابطا . والإكثار ليس عيبا ، وإنما يكون عيبا فيه إذا خشي قلة الضبط ، فقد يكون من الناس [ ص: 323 ] غير مكثر من العلم ولا ضابط له مثل هذا الرجل لم يحفظ ما قرأ به - صلى الله عليه وسلم - في العتمة .
وفيه : أنه قد يجوز أن ينفي فعل الشيء عمن لم يحكمه ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال للرجل : لم تشهدها ؟ يريد شهودا تاما ، فقال الرجل : بل شهدتها . كما يقال للصانع إذا لم يحسن صنعته : ما صنعت شيئا . يريدون الإتقان ، وللمتكلم : ما قلت شيئا . إذا لم يعلم ما يقول .
وقول الرجل nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة : لا أدري بما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . يدل على أنه كان مفكرا في صلاته ، فلذلك لم يدر ما قرأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
إذا تقرر ذلك : nindex.php?page=treesubj&link=22741فالفكر في الصلاة أمر غالب لا يمكن الاحتراز من جميعه ، لما جعل الله للشيطان من السبيل إلى تذكيرنا ما يسهينا به عن صلاتنا ، وخير ما اشتغل به في الصلاة مناجاة الجليل جل جلاله ، ثم بعده الفكر في إقامة حدود الله كالفكر في تفريق الصدقة كما فعله - صلى الله عليه وسلم - ، أو في تجهيز جيش الله تعالى على أعدائه المشركين كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه : قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : (إني ) لأحسب جزية البحرين وأنا في الصلاة . ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=650159 "من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه " للحض على الإقبال على الصلاة ، وليجاهد الشيطان في ذلك بما رغبهم فيه وأعلمهم من غفران الذنوب لمن أجهد نفسه فيه .
[ ص: 324 ] وهذا الانصراف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يدخل في معنى التخطي ; لأن على الناس كلهم الانصراف بعد الصلاة ، فمن بقي في موضعه فهو مختار لذلك ، وإنما التخطي في الدخول في المسجد لا في الخروج منه .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : "اذكر كذا ، اذكر كذا " فإن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة أتاه رجل قد دفع مالا ثم غاب عن مكانه سنين ، فلما انصرف نسي الموضع الذي جعله ، فذكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة ; تبركا برأيه ، ورغبة في فضل دعائه ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : توضأ هذه الليلة وصل ، وأخلص النية في صلاتك لله ، وفرغ قلبك من خواطر الدنيا ، ومن كل عارض فيها . فلما جاء الليل فعل الرجل ما أمره به واجتهد أن لا يجري على باله شيئا من أمور الدنيا ، فجاءه الشيطان ، فذكره بموضع المال فقصده من وقته ، فوجده ، فلما أصبح غدا إلى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فأخبره بوجوده للمال ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : قدرت أن الشيطان سيرضى أن يشغله عن إخلاص فعله في صلاته لله تعالى ويصالحه على ذلك بتذكيره بما يقدمه من ماله ليلهيه عن صلاته استدلالا بهذا الحديث . فعجب جلساؤه من جودة انتزاعه لهذا المعنى الغامض من هذا الحديث ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في "الأذكياء " .
ثم ذكر فيه عن عقبة بن الحارث : قال : صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر ، فلما سلم قام سريعا دخل على بعض نسائه . . الحديث .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=651146 "إذا أذن بالصلاة أدبر الشيطان . . " الحديث . قال nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن : nindex.php?page=hadith&LINKID=667482إذا فعل أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو قاعد . وسمعه nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة من nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
[ ص: 322 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : يقول الناس أكثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة . . الحديث .
الشرح :
أما أثر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، عن حفص ، عن عاصم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي عنه : إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة .
وحديث عقبة تقدم في باب : من صلى بالناس فذكر حاجته .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الأول تقدم في الأذان ، ووجه إدخاله هنا : أذكر كذا إلى آخره . وقول nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة يأتي قريبا في السهو ، وحديثه الثاني من أفراده .
وأثر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إنما كان فيما يقل فيه التفكر ، يذكر في نفسه : أخرج فلانا ومعه كذا من العدد ، فيأتي على ما يريده في أقل شيء من الفكرة ، وأما إن تابع التفكر وأكثر حتى لا يدري كم صلى ، فهذا لاه في صلاته . قال ابن التين : ويجب عليه الإعادة .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : (يقول الناس : أكثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ) . ثم ذكر ما قال للرجل ، وما قيل له فإنما يغبط الناس بحفظه ، وبينها لئلا ينساها ، وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب يحدث خادمه بالحديث لئلا ينسى ، وليس من أهله ، وكان إذا خرج إلى البادية صنع طعاما لهم وحدثهم لئلا ينسى .
وفيه : أنه أكثر من العلم ، وكان حافظا له ضابطا . والإكثار ليس عيبا ، وإنما يكون عيبا فيه إذا خشي قلة الضبط ، فقد يكون من الناس [ ص: 323 ] غير مكثر من العلم ولا ضابط له مثل هذا الرجل لم يحفظ ما قرأ به - صلى الله عليه وسلم - في العتمة .
وفيه : أنه قد يجوز أن ينفي فعل الشيء عمن لم يحكمه ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال للرجل : لم تشهدها ؟ يريد شهودا تاما ، فقال الرجل : بل شهدتها . كما يقال للصانع إذا لم يحسن صنعته : ما صنعت شيئا . يريدون الإتقان ، وللمتكلم : ما قلت شيئا . إذا لم يعلم ما يقول .
وقول الرجل nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة : لا أدري بما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . يدل على أنه كان مفكرا في صلاته ، فلذلك لم يدر ما قرأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
إذا تقرر ذلك : nindex.php?page=treesubj&link=22741فالفكر في الصلاة أمر غالب لا يمكن الاحتراز من جميعه ، لما جعل الله للشيطان من السبيل إلى تذكيرنا ما يسهينا به عن صلاتنا ، وخير ما اشتغل به في الصلاة مناجاة الجليل جل جلاله ، ثم بعده الفكر في إقامة حدود الله كالفكر في تفريق الصدقة كما فعله - صلى الله عليه وسلم - ، أو في تجهيز جيش الله تعالى على أعدائه المشركين كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه : قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : (إني ) لأحسب جزية البحرين وأنا في الصلاة . ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=650159 "من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه " للحض على الإقبال على الصلاة ، وليجاهد الشيطان في ذلك بما رغبهم فيه وأعلمهم من غفران الذنوب لمن أجهد نفسه فيه .
[ ص: 324 ] وهذا الانصراف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يدخل في معنى التخطي ; لأن على الناس كلهم الانصراف بعد الصلاة ، فمن بقي في موضعه فهو مختار لذلك ، وإنما التخطي في الدخول في المسجد لا في الخروج منه .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : "اذكر كذا ، اذكر كذا " فإن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة أتاه رجل قد دفع مالا ثم غاب عن مكانه سنين ، فلما انصرف نسي الموضع الذي جعله ، فذكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة ; تبركا برأيه ، ورغبة في فضل دعائه ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : توضأ هذه الليلة وصل ، وأخلص النية في صلاتك لله ، وفرغ قلبك من خواطر الدنيا ، ومن كل عارض فيها . فلما جاء الليل فعل الرجل ما أمره به واجتهد أن لا يجري على باله شيئا من أمور الدنيا ، فجاءه الشيطان ، فذكره بموضع المال فقصده من وقته ، فوجده ، فلما أصبح غدا إلى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فأخبره بوجوده للمال ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : قدرت أن الشيطان سيرضى أن يشغله عن إخلاص فعله في صلاته لله تعالى ويصالحه على ذلك بتذكيره بما يقدمه من ماله ليلهيه عن صلاته استدلالا بهذا الحديث . فعجب جلساؤه من جودة انتزاعه لهذا المعنى الغامض من هذا الحديث ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في "الأذكياء " .