nindex.php?page=treesubj&link=29042_31827_32022_34513nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_30549_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فلم يزدهم دعائي إلا فرارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_18669_30549_33953_34146nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=8ثم إني دعوتهم جهارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=9ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_20011_28723_29694_32022_33953_34298_34513nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_20011_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يرسل السماء عليكم مدرارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_20011_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=12ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_19995_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13ما لكم لا ترجون لله وقارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_32688_33953_34263nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وقد خلقكم أطوارا nindex.php?page=treesubj&link=29042_31756_32022_32433_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=15ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_32433_32435_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا nindex.php?page=treesubj&link=29042_31810_32022_32405_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17والله أنبتكم من الأرض نباتا nindex.php?page=treesubj&link=29042_30337_32022_32872_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_32415_32433_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=19والله جعل لكم الأرض بساطا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_32415_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=20لتسلكوا منها سبلا فجاجا [ ص: 214 ] nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5ليلا ونهارا دائبا من غير فتور مستغرقا به الأوقات كلها
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فلم يزدهم دعائي جعل الدعاء فاعل زيادة الفرار. والمعنى على أنهم ازدادوا عنده فرارا; لأنه سبب الزيادة. ونحوه:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=125فزادتهم رجسا إلى رجسهم [التوبة: 125].
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=124فزادتهم إيمانا [التوبة: 124].
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7لتغفر لهم ليتوبوا عن كفرهم فتغفر لهم، فذكر المسبب الذي هو حظهم خالصا ليكون أقبح لإعراضهم عنه. سدوا مسامعهم عن استماع الدعوة
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7واستغشوا ثيابهم وتغطوا بها، كأنهم طلبوا أن تغشاهم ثيابهم، أو تغشيهم لئلا يبصروه كراهة النظر إلى وجه من ينصحهم في دين الله. وقيل: لئلا يعرفهم; ويعضده قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=5ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم [هود: 5]. الإصرار: من أصر الحمار على العانة إذا صر أذنيه وأقبل عليها يكدمها ويطردها: استعير للإقبال على المعاصي والإكباب عليها. "واستكبروا" وأخذتهم العزة من اتباع نوح وطاعته، وذكر المصدر تأكيد ودلالة على فرط استقبالهم وعتوهم. فإن قلت: ذكر أنه دعاهم ليلا ونهارا، ثم دعاهم جهارا، ثم دعاهم في السر والعلن; فيجب أن تكون ثلاث دعوات مختلفات حتى يصح العطف. قلت: قد فعل عليه الصلاة والسلام كما يفعل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر: في الابتداء بالأهون والترقي في الأشد فالأشد، فافتتح بالمناصحة في السر، فلما لم يقبلوا ثنى بالمجاهرة، فلما لم تؤثر ثلث بالجمع بين الإسرار والإعلان. ومعنى "ثم" الدلالة على تباعد الأحوال، لأن الجهار أغلظ من الإسرار; والجمع بين الأمرين، أغلظ من إفراد أحدهما. و "جهارا" منصوب بدعوتهم، نصب المصدر لأن الدعاء أحد نوعيه الجهار، فنصب به نصب القرفصاء بقعد، لكونها أحد أنواع القعود. أو لأنه أراد بدعوتهم جاهرتهم. ويجوز أن يكون صفة لمصدر دعا، بمعنى دعاء جهارا، أي:
[ ص: 215 ] مجاهرا به. أو مصدرا في موضع الحال، أي: مجاهرا. أمرهم بالاستغفار الذي هو التوبة عن الكفر والمعاصي، وقدم إليهم الموعد بما هو أوقع في نفوسهم وأحب إليهم من المنافع الحاضرة والفوائد العاجلة، ترغيبا في الإيمان وبركاته والطاعة ونتائجها من خير الدارين، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وأخرى تحبونها نصر من الله [الصف: 13].
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات [الأعراف: 96].
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم [المائدة: 66].
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم [الجن: 16]. وقيل: لما كذبوه بعد طول تكرير الدعوة: حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة. وروي: سبعين. فوعدهم أنهم إن آمنوا رزقهم الله تعالى الخصب ودفع عنهم ما كانوا فيه. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه: أنه خرج يستسقي، فما زاد على الاستغفار، فقيل له: ما رأيناك استسقيت! فقال: لقد استسقيت بمجاديح السماء التي يستنزل بها القطر. شبه الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطئ. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : أن رجلا شكا إليه الجدب فقال: استغفر الله; وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له الربيع بن صبيح: أتاك رجال يشكون أبوابا ويسألون أنواعا، فأمرتهم كلهم بالاستغفار! فتلا له هذه الآية. والسماء: المظلة; لأن المطر منها ينزل إلى السحاب; ويجوز أن يراد السحاب أو المطر، من قوله [من الوافر]:
إذا نزل السماء بأرض قوم ................
[ ص: 216 ] والمدرار: الكثير الدرور، ومفعال مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، كقولهم: رجل أو امرأة معظار ومتفال. "جنات" بساتين
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لا ترجون لله وقارا لا تأملون له توقيرا أي تعظيما. والمعنى: ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب، و "لله" بيان للموقر، ولو تأخر لكان صلة للوقار. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وقد خلقكم أطوارا في موضع الحال، كأنه قال: ما لكم لا تؤمنون بالله والحال هذه وهي حال موجبة للإيمان به، لأنه خلقكم أطوارا أي تارات: خلقكم أولا ترابا، ثم خلقكم نطفا، ثم خلقكم علقا، ثم خلقكم مضغا، ثم خلقكم عظاما ولحما، ثم أنشأكم خلقا آخر. أولا تخافون لله حلما وترك معاجلة العقاب فتؤمنوا؟ وقيل: ما لكم لا تخافون لله عظمة؟ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا تخافون لله عاقبة، لأن العاقبة حال استقرار الأمور وثبات الثواب والعقاب، من "وقر" إذا ثبت واستقر. نبههم على النظر في أنفسهم أولا; لأنها أقرب منظور فيه منهم، ثم على النظر في العالم وما سوي فيه من العجائب الشاهدة على الصانع الباهر قدرته وعلمه من السموات والأرض والشمس والقمر "فيهن" في السموات، وهو في السماء الدنيا; لأن بين السموات ملابسة من حيث إنها طباق فجاز أن يقال: فيهن كذا وإن لم يكن في جميعهن، كما يقال: في المدينة كذا وهو في بعض نواحيها. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله عنهما: أن الشمس والقمر وجوههما مما يلي السماء وظهورهما مما يلي الأرض
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وجعل الشمس سراجا يبصر أهل الدنيا في ضوئها كما يبصر أهل البيت في ضوء
[ ص: 217 ] السراج ما يحتاجون إلى إبصاره، والقمر ليس كذلك، إنما هو نور لم يبلغ قوة ضياء الشمس. ومثله قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا [يونس: 5]. والضياء: أقوى من النور. استعير الإنبات للإنشاء، كما يقال: زرعك الله للخير، وكانت هذه الاستعارة أدل على الحدوث، لأنهم إذا كانوا نباتا كانوا محدثين لا محالة حدوث النبات: ومنه قيل للحشوية: النابتة والنوابت، لحدوث مذهبهم في الإسلام من غير أولية لهم فيه. ومنه قولهم: نجم فلان؛ لبعض المارقة. والمعنى: أنبتكم فنبتم نباتا. أو نصب بأنبتكم لتضمنه معنى نبتم.
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثم يعيدكم فيها مقبورين ثم "ويخرجكم" يوم القيامة، وأكده بالمصدر كأنه قال: يخرجكم حقا ولا محالة جعلها بساطا مبسوطة تتقلبون عليها كما يتقلب الرجل على بساطه "فجاجا" واسعة منفجة.
nindex.php?page=treesubj&link=29042_31827_32022_34513nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_30549_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_18669_30549_33953_34146nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=8ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=9ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_20011_28723_29694_32022_33953_34298_34513nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_20011_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_20011_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=12وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_19995_32022_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_32688_33953_34263nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_31756_32022_32433_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=15أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_32433_32435_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_31810_32022_32405_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_30337_32022_32872_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_32415_32433_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=19وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا nindex.php?page=treesubj&link=29042_32022_32415_33953nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=20لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا [ ص: 214 ] nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5لَيْلا وَنَهَارًا دَائِبًا مِنْ غَيْرِ فُتُورٍ مُسْتَغْرَقًا بِهِ الْأَوْقَاتُ كُلُّهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي جَعَلَ الدُّعَاءَ فَاعِلَ زِيَادَةِ الْفِرَارِ. وَالْمَعْنَى عَلَى أَنَّهُمُ ازْدَادُوا عِنْدَهُ فِرَارًا; لِأَنَّهُ سَبَبُ الزِّيَادَةِ. وَنَحْوَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=125فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ [التَّوْبَةِ: 125].
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=124فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا [التَّوْبَةِ: 124].
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7لِتَغْفِرَ لَهُمْ لِيَتُوبُوا عَنْ كُفْرِهِمْ فَتَغْفِرَ لَهُمْ، فَذَكَرَ الْمُسَبِّبَ الَّذِي هُوَ حَظُّهُمْ خَالِصًا لِيَكُونَ أَقْبَحَ لِإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ. سَدُّوا مَسَامِعَهُمْ عَنِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَتَغَطَّوْا بِهَا، كَأَنَّهُمْ طَلَبُوا أَنْ تَغْشَاهُمْ ثِيَابُهُمْ، أَوْ تَغَشِّيهِمْ لِئَلَّا يُبْصِرُوهُ كَرَاهَةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ مَنْ يَنْصَحُهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ. وَقِيلَ: لِئَلَّا يَعْرِفَهُمْ; وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=5أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ [هُودٍ: 5]. الْإِصْرَارُ: مِنْ أَصَرَّ الْحِمَارُ عَلَى الْعَانَةِ إِذَا صَرَّ أُذُنَيْهِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا يَكْدُمُهَا وَيَطْرُدُهَا: اسْتُعِيرَ لِلْإِقْبَالِ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْإِكْبَابِ عَلَيْهَا. "وَاسْتَكْبَرُوا" وَأَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ مِنَ اتِّبَاعِ نُوحٍ وَطَاعَتِهِ، وَذِكْرُ الْمَصْدَرِ تَأْكِيدٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى فَرْطِ اسْتِقْبَالِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ. فَإِنْ قُلْتَ: ذُكِرَ أَنَّهُ دَعَاهُمْ لَيْلًا وَنَهَارًا، ثُمَّ دَعَاهُمْ جِهَارًا، ثُمَّ دَعَاهُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ; فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَ دَعَوَاتٍ مُخْتَلِفَاتٍ حَتَّى يَصِحَّ الْعَطْفُ. قُلْتُ: قَدْ فَعَلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَمَا يَفْعَلُ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ: فِي الِابْتِدَاءِ بِالْأَهْوَنِ وَالتَّرَقِّي فِي الْأَشَدِّ فَالْأَشَدِّ، فَافْتَتَحَ بِالْمُنَاصَحَةِ فِي السِّرِّ، فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلُوا ثَنَّى بِالْمُجَاهَرَةِ، فَلَمَّا لَمْ تُؤَثِّرُ ثَلَّثَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْإِعْلَانِ. وَمَعْنَى "ثُمَّ" الدَّلَالَةُ عَلَى تَبَاعُدِ الْأَحْوَالِ، لِأَنَّ الْجِهَارَ أَغْلَظُ مِنَ الْإِسْرَارِ; وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، أَغْلَظُ مِنْ إِفْرَادِ أَحَدِهِمَا. وَ "جِهَارًا" مَنْصُوبٌ بِدَعْوَتِهِمْ، نَصَبَ الْمَصْدَرَ لِأَنَّ الدُّعَاءَ أَحَدُ نَوْعَيْهِ الْجِهَارُ، فَنُصِبَ بِهِ نَصْبَ الْقُرْفُصَاءِ بِقَعَدَ، لِكَوْنِهَا أَحَدَ أَنْوَاعِ الْقُعُودِ. أَوْ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِدَعْوَتِهِمْ جَاهِرَتَهُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصْدَرِ دَعَا، بِمَعْنَى دُعَاءً جِهَارًا، أَيْ:
[ ص: 215 ] مُجَاهِرًا بِهِ. أَوْ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ: مُجَاهِرًا. أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ الَّذِي هُوَ التَّوْبَةُ عَنِ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، وَقَدَّمَ إِلَيْهِمُ الْمَوْعِدَ بِمَا هُوَ أَوْقَعُ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَنَافِعِ الْحَاضِرَةِ وَالْفَوَائِدِ الْعَاجِلَةِ، تَرْغِيبًا فِي الْإِيمَانِ وَبَرَكَاتِهِ وَالطَّاعَةِ وَنَتَائِجِهَا مِنْ خَيْرِ الدَّارَيْنِ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ [الصَّفِّ: 13].
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ [الْأَعْرَافِ: 96].
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ [الْمَائِدَةِ: 66].
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ [الْجِنِّ: 16]. وَقِيلَ: لَمَّا كَذَّبُوهُ بَعْدَ طُولِ تَكْرِيرِ الدَّعْوَةِ: حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْقَطْرَ وَأَعْقَمَ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَرُوِيَ: سَبْعِينَ. فَوَعَدَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ آمَنُوا رَزَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى الْخِصْبَ وَدَفَعَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ. وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، فَمَا زَادَ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ! فَقَالَ: لَقَدِ اسْتَسْقَيْتُ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْقُطْرُ. شَبَّهَ الِاسْتِغْفَارَ بِالْأَنْوَاءِ الصَّادِقَةِ الَّتِي لَا تُخْطِئُ. وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ : أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَيْهِ الْجَدْبَ فَقَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ; وَشَكَا إِلَيْهِ آخَرُ الْفَقْرَ، وَآخَرُ قِلَّةَ النَّسْلِ، وَآخَرُ قِلَّةَ رَيْعِ أَرْضِهِ، فَأَمَرَهُمْ كُلَّهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ، فَقَالَ لَهُ الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ: أَتَاكَ رِجَالٌ يَشْكُونَ أَبْوَابًا وَيَسْأَلُونَ أَنْوَاعًا، فَأَمَرْتَهُمْ كُلَّهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ! فَتَلَا لَهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَالسَّمَاءُ: الْمَظَلَّةُ; لِأَنَّ الْمَطَرَ مِنْهَا يَنْزِلُ إِلَى السَّحَابِ; وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ السَّحَابُ أَوِ الْمَطَرُ، مِنْ قَوْلِهِ [مِنَ الْوَافِرِ]:
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ................
[ ص: 216 ] وَالْمِدْرَارُ: الْكَثِيرُ الدَّرُورِ، وَمِفْعَالٌ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، كَقَوْلِهِمْ: رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ مِعْظَارٌ وَمِتْفَالٌ. "جَنَّاتٍ" بَسَاتِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا لَا تَأْمُلُونَ لَهُ تَوْقِيرًا أَيْ تَعْظِيمًا. وَالْمَعْنَى: مَا لَكُمْ لَا تَكُونُونَ عَلَى حَالٍ تَأْمُلُونَ فِيهَا تَعْظِيمَ اللَّهِ إِيَّاكُمْ فِي دَارِ الثَّوَابِ، وَ "لِلَّهِ" بَيَانٌ لِلْمُوَقَّرِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ صِلَةً لِلْوَقَارِ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، كَأَنَّهُ قَالَ: مَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْحَالُ هَذِهِ وَهِيَ حَالٌ مُوجِبَةٌ لِلْإِيمَانِ بِهِ، لِأَنَّهُ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا أَيْ تَارَاتٍ: خَلَقَكُمْ أَوَّلًا تُرَابًا، ثُمَّ خَلَقَكُمْ نُطَفًا، ثُمَّ خَلَقَكُمْ عَلَقًا، ثُمَّ خَلَقَكُمْ مُضَغًا، ثُمَّ خَلَقَكُمْ عِظَامًا وَلَحْمًا، ثُمَّ أَنْشَأَكُمْ خَلْقًا آخَرَ. أَوَلَا تَخَافُونَ لِلَّهِ حِلْمًا وَتَرْكَ مُعَاجَلَةِ الْعِقَابِ فَتُؤْمِنُوا؟ وَقِيلَ: مَا لَكُمْ لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً؟ وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَاقِبَةً، لِأَنَّ الْعَاقِبَةَ حَالُ اسْتِقْرَارِ الْأُمُورِ وَثَبَاتُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، مِنْ "وَقَرَ" إِذَا ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ. نَبَّهَهُمْ عَلَى النَّظَرِ فِي أَنْفُسِهِمْ أَوَّلًا; لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مَنْظُورٍ فِيهِ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَلَى النَّظَرِ فِي الْعَالَمِ وَمَا سُوِّيَ فِيهِ مِنَ الْعَجَائِبِ الشَّاهِدَةِ عَلَى الصَّانِعِ الْبَاهِرِ قُدْرَتُهُ وَعِلْمُهُ مِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ "فِيهِنَّ" فِي السَّمَوَاتِ، وَهُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا; لِأَنَّ بَيْنَ السَّمَوَاتِ مُلَابَسَةً مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا طِبَاقٌ فَجَازَ أَنْ يُقَالَ: فِيهِنَّ كَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جَمِيعِهِنَّ، كَمَا يُقَالُ: فِي الْمَدِينَةِ كَذَا وَهُوَ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا. وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وُجُوهُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّمَاءَ وَظُهُورُهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا يُبْصِرُ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي ضَوْئِهَا كَمَا يُبْصِرُ أَهْلُ الْبَيْتِ فِي ضَوْءِ
[ ص: 217 ] السِّرَاجِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَى إِبْصَارِهِ، وَالْقَمَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ نُورٌ لَمْ يَبْلُغْ قُوَّةَ ضِيَاءِ الشَّمْسِ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا [يُونُسَ: 5]. وَالضِّيَاءُ: أَقْوَى مِنَ النُّورِ. اسْتُعِيرَ الْإِنْبَاتُ لِلْإِنْشَاءِ، كَمَا يُقَالُ: زَرَعَكَ اللَّهُ لِلْخَيْرِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةُ أَدُلَّ عَلَى الْحُدُوثِ، لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا نَبَاتًا كَانُوا مُحْدَثِينَ لَا مَحَالَةَ حُدُوثَ النَّبَاتِ: وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَشْوِيَّةِ: النَّابِتَةُ وَالنَّوَابِتُ، لِحُدُوثِ مَذْهَبِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ أَوَّلِيَّةٍ لَهُمْ فِيهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: نَجْمُ فُلَانٍ؛ لِبَعْضِ الْمَارِقَةِ. وَالْمَعْنَى: أَنْبَتَكُمْ فَنَبَتُّمْ نَبَاتًا. أَوْ نُصِبَ بِأَنْبَتَكُمْ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى نَبَتُّمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا مَقْبُورِينَ ثُمَّ "وَيُخْرِجُكُمْ" يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ كَأَنَّهُ قَالَ: يُخْرِجُكُمْ حَقًّا وَلَا مَحَالَةَ جَعَلَهَا بِسَاطًا مَبْسُوطَةً تَتَقَلَّبُونَ عَلَيْهَا كَمَا يَتَقَلَّبُ الرَّجُلُ عَلَى بِسَاطِهِ "فِجَاجًا" وَاسِعَةً مُنْفَجَّةً.