الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=4370والكلام هنا في الناظر يقع في مواضع الأول في أهله وفيه بيان عزله وعزل أرباب الوظائف الثاني في الناظر بالشرط الثالث في الناظر من القاضي الرابع في تصرفاته وفيه بيان ما عليه من العمل وماله من الأجرة أما الأول فقال في فتح القدير nindex.php?page=treesubj&link=22812_4371الصالح للنظر من لم يسأل الولاية للوقف وليس فيه فسق يعرف قال وصرح بأنه مما يخرج به الناظر ما إذا ظهر به فسق كشربه الخمر ونحوه . ا هـ .
وفي الإسعاف لا يولى إلا أمين قادر بنفسه أو بنائبه لأن الولاية مقيدة بشرط النظر وليس من النظر تولية الخائن لأنه يخل بالمقصود وكذا تولية العاجز لأن المقصود لا يحصل به ويستوي فيه الذكر والأنثى وكذا الأعمى والبصير وكذا المحدود في قذف إذا تاب لأنه أمين . رجل طلب التولية على الوقف قالوا لا يعطى له وهو كمن طلب القضاء لا يقلد ا هـ .
والظاهر أنها شرائط الأولوية لا شرائط الصحة وأن الناظر إذا فسق استحق العزل ولا ينعزل لأن القضاء أشرف من التولية ويحتاط فيه أكثر من التولية والعدالة فيه شرط الأولوية حتى يصح تقليد الفاسق وإذا فسق القاضي لا ينعزل على الصحيح المفتى به فكذا الناظر ويقر أيخرج في عبارة ابن الهمام بالبناء للمجهول أي يجب إخراجه ولا ينعزل ويشترط للصحة بلوغه وعقله لما في الإسعاف ولو أوصى إلى صبي تبطل في القياس مطلقا وفي الاستحسان هي باطلة ما دام صغيرا فإذا كبر تكون [ ص: 245 ] الولاية له وحكم من لم يخلق من ولده ونسله في الولاية كحكم الصغير قياسا واستحسانا . ا هـ .
ولا تشترط الحرية والإسلام للصحة لما في الإسعاف ولو كان ولده عبدا يجوز قياسا واستحسانا لأهليته في ذاته بدليل أن تصرفه الموقوف لحق المولى ينفذ عليه بعد العتق لزوال المانع بخلاف الصبي والذمي في الحكم كالعبد فلو أخرجهما القاضي ثم أعتق العبد وأسلم الذمي لا تعود الولاية إليهما ا هـ .
وأما عزله فقدمنا أن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف جوز عزله للواقف بغير جنحة وشرط لأنه وكيله وخالفه nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد وأما عزل القاضي له فشرطه أن يكون بجنحة قال في الإسعاف ولو جعلها للموقوف عليه ولم يكن أهلا أخرجه القاضي وإن كانت الغلة له وولي عينه مأمونا لأن مرجع الوقف للمساكين وغير المأمون لا يؤمن عليه من تخريب أو بيع فيمتنع وصوله إليهم ولو nindex.php?page=treesubj&link=22812أوصى الواقف إلى جماعة وكان بعضهم غير مأمون بدله القاضي بمأمون وإن رأى إقامة واحد منهم مقامه فلا بأس به . ا هـ .
وفي جامع الفصولين من الثالث عشر nindex.php?page=treesubj&link=4371القاضي لا يملك نصب وصي وقيم مع بقاء وصي الميت وقيمه إلا عند ظهور الخيانة منهما ومن الفصل الأول معزيا إلى فوائد شيخ الإسلام برهان الدين شرط nindex.php?page=treesubj&link=4372الواقف أن يكون المتولي من أولاده وأولاد أولاده هل للقاضي أن يولي غيره بلا خيانة ولو ولاه هل يصير متوليا قال لا . ا هـ .
فقد أفاد حرمة تولية غيره وعدم صحتها لو فعل وفي القنية نصب القاضي قيما آخر لا ينعزل الأول إن كان منصوب الواقف . ا هـ .
والحاصل أن nindex.php?page=treesubj&link=4376_4244تصرف القاضي في الأوقاف مقيد بالمصلحة لا أنه يتصرف كيف شاء فلو فعل ما يخالف شرط الواقف فإنه لا يصح إلا لمصلحة ظاهرة ولذا قال في الذخيرة وغيرها nindex.php?page=treesubj&link=4244القاضي إذا قرر فراشا في المسجد بغير شرط الواقف وجعل له معلوما فإنه لا يحل للقاضي ذلك ولا يحل للفراش تناول المعلوم . ا هـ .
فإن قلت : في تقرير الفراش مصلحة قلت : يمكن خدمة المسجد بدون تقريره بأن يستأجر المتولي فراشا له والممنوع تقريره في وظيفة تكون حقا له ولذا صرح قاضي خان بأن للمتولي أن يستأجر خادما للمسجد بأجرة المثل واستفيد منه عدم صحة تقرير القاضي في بقية الوظائف بغير شرط الواقف كشهادة ومباشرة وطلب بالأولى وحرمة المرتبات بالأوقاف بالأولى واستفيد من عدم صحة عزل الناظر بغير جنحة عدمها لصاحب وظيفة في وقف ويدل عليه أيضا ما في البزازية وغيرها nindex.php?page=treesubj&link=4252غاب المتولي المتعلم عن البلد أياما ثم رجع وطلب وظيفته فإن خرج مسيرة سفر ليس له طلب ما مضى وكذا إذا خرج وأقام خمسة عشر يوما وإن أقل من ذلك لأمر لا بد له منه كطلب القوت والرزق فهو عفو ولا يحل لغيره أن يأخذ حجرته وتبقى حجرته ووظيفته على حالها إذا كانت غيبته مقدار شهر إلى ثلاثة أشهر فإذا زاد كان لغيره أخذ حجرته ووظيفته وإن كان في المصر ولا يختلف للتعلم فإن اشتغل بشيء من الكتابة المحتاج إليها كالعلوم الشرعية تحل له الوظيفة وإن لعمل آخر لا تحل له ويجوز أن تؤخذ حجرته ووظيفته . ا هـ .
لقوله ولا يحل لغيره أن يأخذ حجرته ووظيفته فإذا حرم الأخذ مع الغيبة فكيف مع الحضرة والمباشرة فلا يحل عزل القاضي لصاحب وظيفة بغير جنحة وعدم أهلية ولو فعل لم يصح واستفيد من البزازية جواز nindex.php?page=treesubj&link=4252إخراج الوظائف بحكم الشغور لقوله وإن لعمل آخر لا تحل ويجوز أخذ وظيفته وحجرته وإن الشغور إنما هو بخروجه عن المصر وإقامته زائدا على ثلاثة أشهر أو بتركه المباشر وهو في المصر بشرط أن يشتغل بعمل آخر وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان في شرح المنظومة أن في قوله [ ص: 246 ] ليس له أن يطلب الوظيفة إشارة إلى أنه لا ينعزل عنها وفي قوله لا يؤخذ بيته إن غاب أقل من ثلاثة أشهر إشارة إلى أنه يؤخذ إذا كان أكثر وكذا ينبغي أن تؤخذ الوظيفة أيضا لا سيما إذا كان مدرسا إذ المقصود يقوم به بخلاف الطالب فإن الدرس يقوم بغيره قال ابن الشحنة في شرح المنظومة وهذا يدل على أنه فهم من الوظيفة ما هو المتعارف في زماننا وليس هو المراد بل المراد بالوظيفة ما يخصه من ريع وقف المدرسة فإن أصل المسألة في قاضي خان في الوقف على ساكني دار المختلفة فالمراد سقوط سهمه فيعطى لذلك ثم إنه قال ينبغي أن تكون الغيبة المسقطة للمعلوم المقتضية للعزل في غير فرض كالحج وصلة الرحم وأما فيهما فلا يستحق العزل ولا يأخذ المعلوم وهذا كله مفهوم من عبارة قاضي خان لا يقال فيه ينبغي بل هو مفهوم عبارة الأصحاب وهذا كله فيما إذا كان الوقف على ساكني دار المختلفة أما إذا شرط الواقف في ذلك كله شروطا اتبعت ا هـ .
والله أعلم وبهذا ظهر غلط من يستدل من المدرسين أو الطلبة بما في الفتاوى على استحقاقه المعلوم بلا حضور الدرس لاشتغاله بالعلم في غير تلك المدرسة فإن nindex.php?page=treesubj&link=4252الواقف إذا شرط على المدرسين والطلبة حضور الدرس في المدرسة أياما معلومة في كل جمعة فإنه لا يستحق المعلوم إلا من باشر خصوصا إذا nindex.php?page=treesubj&link=4252قال الواقف إن من غاب عن المدرسة يقطع معلومه فإنه يجب اتباعه ولا يجوز للناظر الصرف إليه زمن غيبته .
وعلى هذا لو شرط الواقف أن من زادت غيبته على كذا أخرجه الناظر وقرر غيره اتبع شرطه فلو لم يعزله الناظر وباشر لا يستحق المعلوم فإن قلت : إذا كان له درس في جامع ولازمه بنية أن يكون عما عليه في مدرسة هل يستحق معلوم المدرسة قلت : لا يستحق إلا إذا باشر في المكان المعين بكتاب الوقف لقوله في شرح المنظومة أما لو شرط الواقف في ذلك شروطا اتبعت فإن قلت : قال في القنية nindex.php?page=treesubj&link=4244وقف وشرط أن يقرأ عند قبره فالتعيين باطل وصرحوا في الوصايا بأنه لو nindex.php?page=treesubj&link=14298أوصى بشيء لمن يقرأ عند قبره فالوصية باطلة فدل على أن المكان لا يتعين وبه تمسك بعض الحنفية من أهل العصر .
قلت : لا يدل لأن صاحب الاختيار علله بأن أخذ شيء للقراءة لا يجوز لأنه كالأجرة فأفاد أنه مبني على غير المفتى به فإن المفتى به جواز الأخذ على القراءة فيتعين المكان والذي ظهر لي أنه مبني على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة بكراهة القراءة عند القبر فلذا يبطل التعيين والفتوى على قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد من عدم كراهة القراءة عنده كما في الخلاصة فيلزم التعيين وقد سمعت بعض المدرسين من الحنفية يتمسك على عدم تعيين المكان بقولهم لو نذر الصلاة في الحرم لا يتعين المكان فكذا إذا عينه الواقف وهذه غفلة عظيمة لأن الناذر لو عين فقيرا لا يتعين والواقف لو عين إنسانا للصرف تعين حتى لو صرف الناظر لغيره كان ضامنا فكيف يقاس الوقف على النذر .
فإن قلت قد قدمت عن الخلاصة أنه لو وقف مصحفا على المسجد جاز ويقرأ في ذلك المسجد وفي موضع آخر ولا يكون مقصورا على هذا المسجد فهذا يدل على عدم تعيين المكان قلت ليس فيه أنه شرط أن يقرأ فيه في ذلك المسجد وإنما أطلق وكلامنا عند الاشتراط وفي القنية nindex.php?page=treesubj&link=4412سبل مصحفا في مسجد بعينه للقراءة ليس له بعد ذلك أن يدفعه إلى آخر من غير أهل تلك المحلة للقراءة ا هـ .
فهذا يدل على تعيين المحلة وأهلها فإن قلت ما يأخذه صاحب الوظيفة أجرة أو صدقة أو صلة قلت قال الطرسوسي في أنفع الوسائل إن فيه شوب الأجرة والصلة والصدقة فاعتبرنا شائبة الأجرة في اعتبار زمن المباشرة وما يقابله من المعلوم واعتبرنا شائبة الصلة بالنظر إلى المدرس إذا قبض معلومه ومات أو عزل في أنه لا يسترد منه حصة ما بقي من السنة وأعملنا شائبة الصدقة في تصحيح أصل الوقف فإن الوقف لا يصح على الأغنياء ابتداء لأنه لا بد فيه من ابتداء قربة ولا يكون إلا ملاحظة جانب الصدقة ثم قال قبله إن المأخوذ في معنى الأجرة وإلا لما جاز للغني
فإذا [ ص: 247 ] nindex.php?page=treesubj&link=4252مات المدرس في أثناء السنة قبل مجيء الغلة وقبل ظهورها من الأرض وقد باشر مدة ثم مات أو عزل ينبغي أن ينظر وقت قسمة الغلة إلى مدة مباشرته وإلى مباشرة من جاء بعده ويبسط المعلوم على المدرسين وينظر كم يكون منه للمدرس المنفصل والمتصل فيعطى بحسابه مدته ولا يعتبر في حقه ما قدمناه في اعتبار زمن مجيء الغلة وإدراكها كما اعتبر في حق الأولاد في الوقف عليهم بل يفترق الحكم بينهم وبين المدرس والفقيه وصاحب وظيفة ما في جهات البر .
وهذا هو الأشبه بالفقه والأعدل إلى آخره وقد كثر وقوع هذه الحادثة بالقاهرة فأفتى بعض الحنفية بما قالوه في حق الأولاد من اعتبار مجيء الغلة حتى إن بعضهم يفرغ عن وظيفته قبل مجيء الغلة بشهر أو جمعة وقد كان باشر غالب السنة فينازعه المنزول له ويتمسك بما ذكرنا وليس بصحيح لما علمته من كلام الطرسوسي من قسمته المعلوم بينهما بقدر المباشرة ولكن بالقاهرة إنما تعتبر الأقساط فإنهم يؤجرون الأوقاف بأجرة تستحق على ثلاثة أقساط كما نبه عليه في فتح القدير فيقسم القسط بينهما بقدر المباشرة .
فإن قلت قال ابن الشحنة معزيا إلى التعليقة في المسائل الدقيقة nindex.php?page=showalam&ids=12779لابن الصائغ وهو بخطه قال وما يأخذه الفقهاء من المدارس ليس بأجرة لعدم شروط الإجارة ولا صدقة لأن الغني يأخذها بل إعانة لهم على حبس أنفسهم للاشتغال حتى لو لم يحضروا الدرس بسبب اشتغال وتعليق جاز أخذهم الجامكية ولم يعزها إلى كتاب لكن فيما تقدم قريبا عن قاضي خان ما يشهد له حيث علل بأن الكتابة من جملة التعليم قلت هو محمول على الأوقاف على الفقهاء من غير اشتراط حضور درس أياما معينة على ما قدمناه عن ابن الشحنة ولذا قال في القنية الأوقاف ببخارى على العلماء لا يعرف من الواقف شيء غير ذلك فللقيم أن يفضل البعض ويحرم البعض إذا لم يكن الوقف على قوم يحصون وكذا الوقف على الذين يختلفون إلى هذه المدرسة أو على متعلمي هذه المدرسة أو على علمائها يجوز للقيم أن يفضل البعض ويحرم البعض إن لم يبين الواقف ما يعطي كل واحد منهم ثم رقم الأوقاف المطلقة على الفقهاء قيل الترجيح [ ص: 248 ] بالحاجة وقيل بالفضل . ا هـ .
فإن قلت كيف فرق الطرسوسي nindex.php?page=treesubj&link=4252بين الأولاد وبين أرباب الوظائف وصريح ما في الفتاوى يخالفه قال في البزازية إمام المسجد رفع الغلة وذهب قبل مضي السنة لا يسترد منه غلة بعض السنة والعبرة لوقت الحصاد فإن كان يؤم في المسجد وقت الحصاد يستحقه وصار كالجزية وموت الحاكم في خلال السنة وكذا حكم الطلبة في المدارس . ا هـ .
قلت إن قوله والعبرة لوقت الحصاد إنما هو فيما إذا قبض معلوم السنة بتمامها وذهب قبل مضيها لا لاستحقاقه من غير قبض مع أنه في القنية نقل عن بعض الكتب أنه ينبغي أن يسترد من الإمام حصة ما لم يؤم فيه . ا هـ .
فإن قلت : nindex.php?page=treesubj&link=4244هل تجوز النيابة في الوظائف مطلقا أو بعذر أم لا مطلقا قلت لم أر فيها نقلا عن أصحابنا إلا ما ذكره الطرسوسي في أنفع الوسائل فهما من كلام الخصاف فإنه قال قلت أرأيت إن حلت بهذا القيم آفة من الآفات مثل الخرس والعمى وذهاب العقل والفالج وأشباه ذلك هل يكون له الأجر القيم على الوقف قائما أم لا قال إذا حل به من ذلك شيء يمكنه معه الكلام والأمر والنهي فالأجر له قائم وإن كان لا يمكنه معه الكلام والأمر والنهي والأخذ والإعطاء لم يكن له من هذا الأجر شيء . ا هـ .
قال الطرسوسي فاستنبطنا منه جواب مسألة واقعة وهي أن nindex.php?page=treesubj&link=4252المدرس أو الفقيه أو المعيد أو الإمام أو من كان مباشرا شيئا من وظائف المدارس إذا مرض أو حج وحصل له ما يسمونه الناس عذرا شرعيا على اصطلاحهم المتعارف بين الفقهاء أنه لا يحرم مرسومه المعين بل يصرف إليه ولا تكتب عليه غيبة ومقتضى ما ذكره الخصاف أنه لا يستحق شيئا من المعلوم مدة ذلك العذر .
فالمدرس إذا مرض أو الفقيه أو أحد من أرباب الوظائف فإنه على ما قال الخصاف إن أمكنه أن يباشر ذلك استحق وإن كان لا يمكنه أن يباشر ذلك لا يستحق شيئا من المعلوم وما جعل هذه العوارض عذرا في عدم منعه عن معلومه المقرر له بل أدار الحكم في المعلوم على نفس المباشر فإن وجدت استحق المعلوم وإن لم توجد لا يكون له معلوم وهذا هو الفقه واستخرجنا أيضا من هذا البحث والتقرير جواب مسألة أخرى وهي أن الاستنابة لا تجوز سواء كان لعذر أو لغير عذر فإن الخصاف لم يجعل له أن يستنيب مع قيام الأعذار التي ذكرها ولو كانت الاستنابة تجوز كأن قال ويجعل له من يقوم مقامه إلى أن يزول عذره وهذا أيضا ظاهر الدليل وهو فقه حسن ا هـ .
وقدمنا عن nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان أنه إذا سافر للحج أو صلة الرحم لا ينعزل ولا يستحق المعلوم مع أنهما فرضان عليه وإلا ما ذكر في القنية nindex.php?page=treesubj&link=4252استخلف الإمام خليفة في [ ص: 249 ] المسجد ليؤم فيه زمان غيبته لا يستحق الخليفة من أوقاف الإمامة شيئا إن كان الإمام أم أكثر السنة . ا هـ .
وحاصله أن النائب لا يستحق من الوقف شيئا لأن الاستحقاق بالتقرير لم يوجد ويستحق الأصيل الكل إن عمل أكثر السنة وسكت عما يعينه الأصيل للنائب كل شهر في مقابلة عمله هل يستحقه النائب عليه أو لا والظاهر أنه يستحقه لأنها إجارة وقد وفى العمل بناء على قول المتأخرين المفتى به من جواز nindex.php?page=treesubj&link=6089الاستئجار على الإمامة والتدريس وتعليم القرآن وعلى هذا إذا لم يعمل الأصيل وعمل النائب كانت الوظيفة شاغرة ولا يجوز للناظر الصرف إلى واحد منهما ويجوز للقاضي عزله وعمل الناس بالقاهرة على جواز الاستنابات في الوظائف وعدم اعتبارها شاغرة مع وجود النيابة .
ثم رأيت في الخلاصة من كتاب القضاء أن الإمام يجوز استخلافه بلا إذن بخلاف القاضي وعلى هذا لا تكون وظيفته شاغرة وتصح النيابة ومما يرد على الطرسوسي أن الخصاف صرح بأن للقيم أن يوكل وكيلا يقوم مقامه وله أن يجعل له من معلومه شيئا وكذا في الإسعاف وهذا كالتصريح بجواز الاستنابة لأن النائب وكيل بالأجرة كما لا يخفى فالذي تحرر جواز nindex.php?page=treesubj&link=4244الاستنابة في الوظائف فإن قلت : nindex.php?page=treesubj&link=4381هل للناظر قطع معلوم صاحب الوظيفة بقول كاتب الغيبة وحده مع دعوى المستحق حضوره .
قلت : لم أر فيها نقلا لأصحابنا وإنما ذكره الإمام السبكي في فتاواه أنه لا يجوز القطع بقول كاتب الغيبة وحده وصرح بأنه لا يحل لكاتب الغيبة أن يكتب عليه حتى يعلم أن غيبته كانت لغير عذر لكن هذا مبني على مذهبه من أن الغيبة لعذر لا توجب الحرمان وأما على ما قدمناه من عدم الاستحقاق فلا وسيأتي شيء من أحكام الوظائف في بيان تصرفات الناظر إن شاء الله تعالى .
( قوله والظاهر أنها ) قال الرملي أي العدالة في الناظر . ا هـ .
والظاهر عوده لجميع ما مر بقرينة جمعه الشرائط تأمل ( قوله ويشترط للنظر بلوغه إلخ ) أفتى به العلامة ابن الحلبي فقال في فتاواه وأما الإسناد للصغير فلا يصح بحال لا على سبيل الاستقلال بالنظر ولا على سبيل المشاركة لغيره لأن النظر على الوقف من باب الولاية والصغير يولى عليه لقصوره فلا يصح أن يولى على غيره . ا هـ .
لكن قال في الأشباه والنظائر في أحكام الصبيان ويصلح وصيا وناظرا ويقيم القاضي مكانه بالغا إلى بلوغه كما في منظومة nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان من الوصايا . ا هـ .
أقول : ورأيت في أحكام الصغار للإمام الأسروشني ما نصه وفي فتاوى رشيد الدين رحمه الله nindex.php?page=treesubj&link=22808_4371القاضي إذا فوض التولية إلى صبي يجوز إذا كان أهلا للحفظ ويكون له ولاية التصرف كما أن القاضي يملك إذن الصبي وإن كان الولي لا يأذن وكذلك التولية وتجوز nindex.php?page=treesubj&link=22808_4371التولية إلى العبد الغير المحجور عليه لأن المانع حق المولى وقد زال ذلك بالإذن . ا هـ .
ويؤخذ منه التوفيق بحمل ما في الإسعاف على ما إذا لم يكن أهلا للحفظ بأن كان صغيرا لا يعقل وما في الأشباه على ما إذا كان أهلا فتدبر [ ص: 245 ] ( قوله وأما عزله فقد قدمنا إلخ ) قال الرملي سيأتي أن للقاضي عزل منصوب قاض آخر بلا جنحة إذا رأى المصلحة . ا هـ .
فانظره قريبا في كلام هذا الشارح ( قوله وأما عزل القاضي له إلخ ) سيأتي تمام الكلام عليه قبيل الموضع الرابع ( قوله إذا قرر فراشا في المسجد إلخ ) قال الرملي هذا إذا لم يقل وقفت على مصالحه فكل ما هو من مصالحه يفعله القاضي ولنا كتابة حسنة على الأشباه والنظائر في هذه المسألة فراجعها إن شئت ( قوله واستفيد منه إلخ ) في حاشية الأشباه للسيد أبي السعود واعلم أن عدم جواز الإحداث يعني في الأوقاف الحقيقة مقيد بعدم الضرورة كما في فتاوى الشيخ قاسم أما ما دعت إليه الضرورة واقتضته المصلحة كخدامة الربعة الشريفة وقراءة العشر والجباية وشهادة الديوان فيرفع إلى القاضي ويثبت عنده الحاجة فيقرر من يصلح لذلك ويقدر له أجر مثله أو يأذن للناظر في ذلك قال الشيخ قاسم والنص في مثل هذا في الفتاوى الولوالجية كذا بخط شيخنا . ا هـ .
( قوله واستفيد من عدم صحة عزل الناظر إلخ ) أي المشروط له النظر بخلاف الناظر الذي ولاه القاضي فإن له عزله كما سيأتي في الموضع الثالث ويأتي تقييده أيضا بما إذا رأى المصلحة وإن له عزل من ولاه قاض آخر للمصلحة ( قوله فإذا زاد كان لغيره أخذ حجرته ووظيفته إلخ ) قال الرملي كل هذا إذا لم ينصب نائبا ينوب عنه أما إذا نصب نائبا يباشر عنه فليس لغيره أخذ حجرته ووظيفته [ ص: 246 ] ( قوله قلت لا يدل إلخ ) قال الرملي أقول : المفتى به جواز الأخذ استحسانا على تعليم القرآن لا على القراءة المجردة كما صرح به في التتارخانية حيث قال لا معنى لهذه الوصية ولصلة القارئ بقراءته لأن هذا بمنزلة الأجرة والإجارة في ذلك باطلة وهي بدعة ولم يفعلها أحد من الخلفاء وقد ذكرنا مسألة قراءة القرآن على استحسان . ا هـ .
يعني للضرورة ولا ضرورة في الاستئجار على القراءة على القبر وفي الزيلعي وكثير من الكتب لو لم يفتح لهم باب التعليم بالأجر لذهب القرآن فأفتوا بجوازه لذلك ورأوه حسنا فتنبه . ا هـ .
قلت وهذا هو الموافق لتعليل الاختيار فقوله فإن المفتى به جواز الأخذ على القراءة ليس في محله لأن المفتى به جوازه على التعليم لا على القراءة المجردة كما مر وبهذا تعلم حكم ما اعتيد في زماننا مما يأخذونه على الذكر والقراءة في التهاليل والختومة مع قطع النظر عن كونه [ ص: 247 ] في بيت اليتامى ومن مالهم عند عدم الوصية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وقد ذكر ذلك العلامة الرملي في وصايا فتاواه المشهورة حيث أفتى ببطلان الوصية لمن يقرأ ويهدي ثواب ذلك إلى روح الموصي وكذلك العلامة البركوي صرح ببطلان ذلك في آخر الطريقة المحمدية ( قوله ولا يعتبر في حقه ما قدمناه إلخ ) يوضح ذلك ما في الفتاوى الخيرية سئل فيما إذا مات المدرس بعد تمام سنة مدرسا هل يستحق ما هو المشروط في وظيفة التدريس أم لا أجاب نعم يستحق المشروط بعمله كما صرح به في أنفع الوسائل وتبعه في الأشباه والنظائر قال في أنفع الوسائل بعد نقول رمز لها صاحب القنية فهذه الفروع التي ذكرها صاحب القنية فيها ما هو صريح وذلك أن المدرس والإمام والمؤذن لا يعتبر في حقهم وقت خروج الغلة وما ذاك إلا لأن لهذه الوظائف شوب الإجارة وذلك لأن المدرس يتردد إلى مكان معين ويقرأ ويفيد الطلبة ويهدي ثواب قراءته إلى الواقف وكذا الفقيه والإمام وهذا كله ليس بواجب عليه فعله فكان القدر الذي يتناوله من الوقف الذي هو في مقابلة هذا العمل في معنى الأجرة وقال في الأشباه فإذا مات المدرس في أثناء السنة مثلا قبل مجيء الغلة وقبل ظهورها وقد باشر مدة ثم مات أو عزل ينبغي أن ينظر وقت قسمة الغلة إلى مدة مباشرته وإلى مباشرة من جاء بعده ويبسط المعلوم على المدرسين وينظر كم يكون للمدرس المنفصل والمتصل فيعطي بحسابه مدته ولا يعتبر في حقه زمان الغلة وإدراكها كما اعتبر في حق الأولاد في الوقف بل يفترق الحكم بينهم وبين المدرس والفقيه وصاحب وظيفة ما وهذا هو الأشبه بالفقه والأعدل كذا حرره الطرسوسي في أنفع الوسائل والله تعالى أعلم . ا هـ .
ما في الخيرية وفيها سئل في كرم موقوف على أولاد الواقف مات ولد منهم بعد خروج زهره وصيرورته حصرما هل حصته ميراث عنه أم لمن آل إليه الوقف بعده أجاب هي ميراث عنه لأن المراد بطلوع الغلة أو خروجها أو مجيئها في كلامهم صيرورتها ذات قيمة كما صرح به في أنفع الوسائل ولا شك أن الحصرم له قيمة وقد صرحوا بأنه إذا مات بعد خروج الغلة فحصته ميراث عنه بل صريح كلامه في أنفع الوسائل أنه ميراث ولو لم يبد صلاحه قاله بعد كلام كثير فعلى هذا يحمل كلام هلال يوم تجيء الغلة وتأتي الغلة على ظهور الزرع من الأرض والزهر من الغصون لأن له قيمة في الجملة كما قالوا في جواز بيع ما لم يبد صلاحه . ا هـ .
والله أعلم قلت وبهذا تعلم عدم صحة ما بحث المؤلف في الجهاد في باب الغنائم من أنه إن خرجت الغلة وأحرزها الناظر قبل القسمة يورث نصيب المستحق لتأكد الحق فيه وإن قبل الإحراز في يد المتولي لا يورث قياسا على الغنيمة فإنها إذا أخرجت إلى دار الإسلام ومات أحد المقاتلين يورث نصيبه وإن مات قبل ذلك لا يورث وظاهره أيضا عدم الفرق بين كون المستحق مثل المدرس والإمام أو من الأولاد وقد علمت [ ص: 248 ] الفرق بينهما ( قوله قلت إن قوله إلخ ) أقول : في حواشي الأشباه للحموي ما قاله الطرسوسي قول المتأخرين وأما قول المتقدمين فالمعتبر وقت الحصاد فمن كان يباشر الوظيفة وقت الحصاد استحق ومن لا فلا وقد كتب المولى أبو السعود مفتي السلطنة السليمانية رسالة في هذا وحاصلها أن المتقدمين يعتبرون وقت الحصاد والمتأخرين يعتبرون زمن المباشرة والتوزيع ( قوله قلت لم أر فيها نقلا إلخ ) قال العلامة البيري في شرحه على الأشباه والنظائر رأيت بخط العلامة الشيخ محمد بدر الدين الشهاوي الحنفي المصري وتجوز الاستنابة وبذلك جرت العادة في الأعصار والأمصار { nindex.php?page=hadith&LINKID=109569وما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن } ويشهد لذلك ما ذكر في القنية والخلاصة وفتاوى الصيرفية وغيرها قال في القنية استخلف الإمام في المسجد خليفة ليؤم في زمان غيبته لا يستحق الخليفة من أوقاف الإمام شيئا إن كان الإمام أم أكثر السنة ا هـ .
وقال في الخلاصة إمام الجامع له أن يستخلف وإن لم يؤذن له في الاستخلاف ا هـ .
وعبارة الصيرفية في الكراهية ما نصه nindex.php?page=treesubj&link=4252حانوت وقف على إمام المسجد وغاب ثلاثة أشهر وخلف خليفة يؤمهم ثم حضر فأجرة الحانوت في تلك المدة التي غاب يجوز أخذها أم لا قال يجوز إن كان هو أو رجل آخر أجر الحانوت بأمره ولكن سبيله التصدق احتياطا ا هـ .
فاستفدنا من منطوق القنية أن الاستنابة جائزة ومن مفهومه أن الغائب يستحق المعلوم وإن لم يكن المستنيب أم أكثر السنة ومن عبارة الخلاصة جواز الاستنابة مطلقا ومن عبارة الصيرفية جوازها وأخذ الأجرة بشرط أن يكون المستنيب أو رجل آجر الحانوت بأمره . ا هـ .
( قوله وإلا ما ذكره في القنية ) معطوف على قوله إلا ما ذكره الطرسوسي قال الرملي وفي القنية في باب الإمامة إمام يترك الإمامة لزيارة أقربائه في الرساتيق أسبوعا أو نحوه أو لمصيبة أو لاستراحة لا بأس به ومثله عفو في العادة والشرع . ا هـ .
وقد نقله عنه الشارح في الأشباه في بحث العادة محكمة والحاصل أن مقتضى كلام الخصاف يخالف مقتضى كلام القنية وأنت على علم أن كلامه لا يصادم كلام الخصاف ولذلك نص nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان أنه يسقط معلوم من حج مدة غيبته تأمل . ا هـ .
قلت : قد يقال إن كلام الخصاف في القيم إذا أصابه شيء من تلك الآفات التي تمنعه عن القيام بما نصب لأجله بالكلية [ ص: 249 ] وما في القنية ليس كذلك وقد مر عن البزازية أنه لو خرج أقل من خمسة عشر يوما من غير سفر لأمر لا بد منه فهو عفو تأمل ثم إن ما في القنية المذكورة في الأشباه حمله الشيخ الحلبي في شرح منية المصلي على ما إذا كان الترك المذكور في سنة خلافا لما ذكره المؤلف في الأشباه من قوله يسامح في كل شهر أسبوعا إلخ إذ ليس في القنية ما يفيده ( قوله وحاصله أن النائب لا يستحق إلخ ) أقول : قال العلامة البيري بعد العبارة التي نقلناها عنه آنفا ما نصه وسئل مفتي الروم مولانا العلامة أبو السعود العمادي رحمه الله تعالى عن الاستنابة فأجاب الاستنابة إن كانت فيما لا يقبلها أصلا كطالب العلم وإقرائه فلا يشتبه بطلانها على أحد وإن كانت فيما يقبلها كالتدريس والإفتاء ونظائرهما فإن كانت بعذر شرعي وكان النائب في إقامة الخدم مثل الأصل وخيرا منه فهي جائزة إلى أن يزول ما اعتراه من العذر خلا أن المعلوم بتمامه يكون للنائب ليس للأصيل معه شيء إلا أن يتبرع به النائب عن طيب نفس منه ورضا كامل لا يحوم حوله شيء من الخوف والحياء وهيهات ا هـ .
وأفتى شيخ مشايخنا القاضي علي بن جار الله الحنفي بجواز النيابة بشرط العذر الشرعي أقول : والحق التفصيل كما أفتى به مولانا أبو السعود والله أعلم . ا هـ .
كلام البيري رحمه الله تعالى فتأمل وقد أفتى الشيخ خير الدين الرملي بما ذكره المؤلف هنا ( قوله وعلى هذا ) قال الرملي أي على عدم القول بعدم جواز الاستنابة ( قوله للقيم أن يوكل وكيلا إلخ ) قال الرملي ستأتي أيضا مسألة توكيل القيم في آخر شرح هذه المقولة . ا هـ .
وقال في فتاواه الخيرية بعد نقل حاصل كلام المؤلف هنا والمسألة وضع فيها رسائل ويجب العمل بما عليه الناس وخصوصا مع قيام العذر وعلى ذلك جميع المعلوم للمستنيب وليس للنائب إلا الأجرة التي استأجره بها في مدة إنابته عنه لا غير واستحقاقه الأجرة لكونه وفى العمل الذي استأجره عليه فيها وذلك بناء على ما قاله المتأخرون وعليه الفتوى أن الاستئجار على الإمامة والتدريس وتعليم القرآن جائز . ا هـ .
( قوله لم أر فيها نقلا لأصحابنا إلخ ) تقدم أن الناظر لو أنكر ملازمته فالقول قول المدرس بيمينه وكذا لو مات واختلف مع ورثته فالقول للورثة مع يمينهم وكذا كل وظيفة القول قوله بيمينه في المباشرة إلى آخر ما قدمناه عن الرملي في المسألة السادسة من المسائل العشرين .
( قوله والظاهر أنها ) قال الرملي أي العدالة في الناظر . ا هـ .
والظاهر عوده لجميع ما مر بقرينة جمعه الشرائط تأمل ( قوله ويشترط للنظر بلوغه إلخ ) أفتى به العلامة ابن الحلبي فقال في فتاواه وأما الإسناد للصغير فلا يصح بحال لا على سبيل الاستقلال بالنظر ولا على سبيل المشاركة لغيره لأن النظر على الوقف من باب الولاية والصغير يولى عليه لقصوره فلا يصح أن يولى على غيره . ا هـ .
لكن قال في الأشباه والنظائر في أحكام الصبيان ويصلح وصيا وناظرا ويقيم القاضي مكانه بالغا إلى بلوغه كما في منظومة nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان من الوصايا . ا هـ .
أقول : ورأيت في أحكام الصغار للإمام الأسروشني ما نصه وفي فتاوى رشيد الدين رحمه الله nindex.php?page=treesubj&link=22808_4371القاضي إذا فوض التولية إلى صبي يجوز إذا كان أهلا للحفظ ويكون له ولاية التصرف كما أن القاضي يملك إذن الصبي وإن كان الولي لا يأذن وكذلك التولية وتجوز nindex.php?page=treesubj&link=22808_4371التولية إلى العبد الغير المحجور عليه لأن المانع حق المولى وقد زال ذلك بالإذن . ا هـ .
ويؤخذ منه التوفيق بحمل ما في الإسعاف على ما إذا لم يكن أهلا للحفظ بأن كان صغيرا لا يعقل وما في الأشباه على ما إذا كان أهلا فتدبر [ ص: 245 ] ( قوله وأما عزله فقد قدمنا إلخ ) قال الرملي سيأتي أن للقاضي عزل منصوب قاض آخر بلا جنحة إذا رأى المصلحة . ا هـ .
فانظره قريبا في كلام هذا الشارح ( قوله وأما عزل القاضي له إلخ ) سيأتي تمام الكلام عليه قبيل الموضع الرابع ( قوله إذا قرر فراشا في المسجد إلخ ) قال الرملي هذا إذا لم يقل وقفت على مصالحه فكل ما هو من مصالحه يفعله القاضي ولنا كتابة حسنة على الأشباه والنظائر في هذه المسألة فراجعها إن شئت ( قوله واستفيد منه إلخ ) في حاشية الأشباه للسيد أبي السعود واعلم أن عدم جواز الإحداث يعني في الأوقاف الحقيقة مقيد بعدم الضرورة كما في فتاوى الشيخ قاسم أما ما دعت إليه الضرورة واقتضته المصلحة كخدامة الربعة الشريفة وقراءة العشر والجباية وشهادة الديوان فيرفع إلى القاضي ويثبت عنده الحاجة فيقرر من يصلح لذلك ويقدر له أجر مثله أو يأذن للناظر في ذلك قال الشيخ قاسم والنص في مثل هذا في الفتاوى الولوالجية كذا بخط شيخنا . ا هـ .
( قوله واستفيد من عدم صحة عزل الناظر إلخ ) أي المشروط له النظر بخلاف الناظر الذي ولاه القاضي فإن له عزله كما سيأتي في الموضع الثالث ويأتي تقييده أيضا بما إذا رأى المصلحة وإن له عزل من ولاه قاض آخر للمصلحة ( قوله فإذا زاد كان لغيره أخذ حجرته ووظيفته إلخ ) قال الرملي كل هذا إذا لم ينصب نائبا ينوب عنه أما إذا نصب نائبا يباشر عنه فليس لغيره أخذ حجرته ووظيفته [ ص: 246 ] ( قوله قلت لا يدل إلخ ) قال الرملي أقول : المفتى به جواز الأخذ استحسانا على تعليم القرآن لا على القراءة المجردة كما صرح به في التتارخانية حيث قال لا معنى لهذه الوصية ولصلة القارئ بقراءته لأن هذا بمنزلة الأجرة والإجارة في ذلك باطلة وهي بدعة ولم يفعلها أحد من الخلفاء وقد ذكرنا مسألة قراءة القرآن على استحسان . ا هـ .
يعني للضرورة ولا ضرورة في الاستئجار على القراءة على القبر وفي الزيلعي وكثير من الكتب لو لم يفتح لهم باب التعليم بالأجر لذهب القرآن فأفتوا بجوازه لذلك ورأوه حسنا فتنبه . ا هـ .
قلت وهذا هو الموافق لتعليل الاختيار فقوله فإن المفتى به جواز الأخذ على القراءة ليس في محله لأن المفتى به جوازه على التعليم لا على القراءة المجردة كما مر وبهذا تعلم حكم ما اعتيد في زماننا مما يأخذونه على الذكر والقراءة في التهاليل والختومة مع قطع النظر عن كونه [ ص: 247 ] في بيت اليتامى ومن مالهم عند عدم الوصية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وقد ذكر ذلك العلامة الرملي في وصايا فتاواه المشهورة حيث أفتى ببطلان الوصية لمن يقرأ ويهدي ثواب ذلك إلى روح الموصي وكذلك العلامة البركوي صرح ببطلان ذلك في آخر الطريقة المحمدية ( قوله ولا يعتبر في حقه ما قدمناه إلخ ) يوضح ذلك ما في الفتاوى الخيرية سئل فيما إذا مات المدرس بعد تمام سنة مدرسا هل يستحق ما هو المشروط في وظيفة التدريس أم لا أجاب نعم يستحق المشروط بعمله كما صرح به في أنفع الوسائل وتبعه في الأشباه والنظائر قال في أنفع الوسائل بعد نقول رمز لها صاحب القنية فهذه الفروع التي ذكرها صاحب القنية فيها ما هو صريح وذلك أن المدرس والإمام والمؤذن لا يعتبر في حقهم وقت خروج الغلة وما ذاك إلا لأن لهذه الوظائف شوب الإجارة وذلك لأن المدرس يتردد إلى مكان معين ويقرأ ويفيد الطلبة ويهدي ثواب قراءته إلى الواقف وكذا الفقيه والإمام وهذا كله ليس بواجب عليه فعله فكان القدر الذي يتناوله من الوقف الذي هو في مقابلة هذا العمل في معنى الأجرة وقال في الأشباه فإذا مات المدرس في أثناء السنة مثلا قبل مجيء الغلة وقبل ظهورها وقد باشر مدة ثم مات أو عزل ينبغي أن ينظر وقت قسمة الغلة إلى مدة مباشرته وإلى مباشرة من جاء بعده ويبسط المعلوم على المدرسين وينظر كم يكون للمدرس المنفصل والمتصل فيعطي بحسابه مدته ولا يعتبر في حقه زمان الغلة وإدراكها كما اعتبر في حق الأولاد في الوقف بل يفترق الحكم بينهم وبين المدرس والفقيه وصاحب وظيفة ما وهذا هو الأشبه بالفقه والأعدل كذا حرره الطرسوسي في أنفع الوسائل والله تعالى أعلم . ا هـ .
ما في الخيرية وفيها سئل في كرم موقوف على أولاد الواقف مات ولد منهم بعد خروج زهره وصيرورته حصرما هل حصته ميراث عنه أم لمن آل إليه الوقف بعده أجاب هي ميراث عنه لأن المراد بطلوع الغلة أو خروجها أو مجيئها في كلامهم صيرورتها ذات قيمة كما صرح به في أنفع الوسائل ولا شك أن الحصرم له قيمة وقد صرحوا بأنه إذا مات بعد خروج الغلة فحصته ميراث عنه بل صريح كلامه في أنفع الوسائل أنه ميراث ولو لم يبد صلاحه قاله بعد كلام كثير فعلى هذا يحمل كلام هلال يوم تجيء الغلة وتأتي الغلة على ظهور الزرع من الأرض والزهر من الغصون لأن له قيمة في الجملة كما قالوا في جواز بيع ما لم يبد صلاحه . ا هـ .
والله أعلم قلت وبهذا تعلم عدم صحة ما بحث المؤلف في الجهاد في باب الغنائم من أنه إن خرجت الغلة وأحرزها الناظر قبل القسمة يورث نصيب المستحق لتأكد الحق فيه وإن قبل الإحراز في يد المتولي لا يورث قياسا على الغنيمة فإنها إذا أخرجت إلى دار الإسلام ومات أحد المقاتلين يورث نصيبه وإن مات قبل ذلك لا يورث وظاهره أيضا عدم الفرق بين كون المستحق مثل المدرس والإمام أو من الأولاد وقد علمت [ ص: 248 ] الفرق بينهما ( قوله قلت إن قوله إلخ ) أقول : في حواشي الأشباه للحموي ما قاله الطرسوسي قول المتأخرين وأما قول المتقدمين فالمعتبر وقت الحصاد فمن كان يباشر الوظيفة وقت الحصاد استحق ومن لا فلا وقد كتب المولى أبو السعود مفتي السلطنة السليمانية رسالة في هذا وحاصلها أن المتقدمين يعتبرون وقت الحصاد والمتأخرين يعتبرون زمن المباشرة والتوزيع ( قوله قلت لم أر فيها نقلا إلخ ) قال العلامة البيري في شرحه على الأشباه والنظائر رأيت بخط العلامة الشيخ محمد بدر الدين الشهاوي الحنفي المصري وتجوز الاستنابة وبذلك جرت العادة في الأعصار والأمصار { nindex.php?page=hadith&LINKID=109569وما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن } ويشهد لذلك ما ذكر في القنية والخلاصة وفتاوى الصيرفية وغيرها قال في القنية استخلف الإمام في المسجد خليفة ليؤم في زمان غيبته لا يستحق الخليفة من أوقاف الإمام شيئا إن كان الإمام أم أكثر السنة ا هـ .
وقال في الخلاصة إمام الجامع له أن يستخلف وإن لم يؤذن له في الاستخلاف ا هـ .
وعبارة الصيرفية في الكراهية ما نصه nindex.php?page=treesubj&link=4252حانوت وقف على إمام المسجد وغاب ثلاثة أشهر وخلف خليفة يؤمهم ثم حضر فأجرة الحانوت في تلك المدة التي غاب يجوز أخذها أم لا قال يجوز إن كان هو أو رجل آخر أجر الحانوت بأمره ولكن سبيله التصدق احتياطا ا هـ .
فاستفدنا من منطوق القنية أن الاستنابة جائزة ومن مفهومه أن الغائب يستحق المعلوم وإن لم يكن المستنيب أم أكثر السنة ومن عبارة الخلاصة جواز الاستنابة مطلقا ومن عبارة الصيرفية جوازها وأخذ الأجرة بشرط أن يكون المستنيب أو رجل آجر الحانوت بأمره . ا هـ .
( قوله وإلا ما ذكره في القنية ) معطوف على قوله إلا ما ذكره الطرسوسي قال الرملي وفي القنية في باب الإمامة إمام يترك الإمامة لزيارة أقربائه في الرساتيق أسبوعا أو نحوه أو لمصيبة أو لاستراحة لا بأس به ومثله عفو في العادة والشرع . ا هـ .
وقد نقله عنه الشارح في الأشباه في بحث العادة محكمة والحاصل أن مقتضى كلام الخصاف يخالف مقتضى كلام القنية وأنت على علم أن كلامه لا يصادم كلام الخصاف ولذلك نص nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان أنه يسقط معلوم من حج مدة غيبته تأمل . ا هـ .
قلت : قد يقال إن كلام الخصاف في القيم إذا أصابه شيء من تلك الآفات التي تمنعه عن القيام بما نصب لأجله بالكلية [ ص: 249 ] وما في القنية ليس كذلك وقد مر عن البزازية أنه لو خرج أقل من خمسة عشر يوما من غير سفر لأمر لا بد منه فهو عفو تأمل ثم إن ما في القنية المذكورة في الأشباه حمله الشيخ الحلبي في شرح منية المصلي على ما إذا كان الترك المذكور في سنة خلافا لما ذكره المؤلف في الأشباه من قوله يسامح في كل شهر أسبوعا إلخ إذ ليس في القنية ما يفيده ( قوله وحاصله أن النائب لا يستحق إلخ ) أقول : قال العلامة البيري بعد العبارة التي نقلناها عنه آنفا ما نصه وسئل مفتي الروم مولانا العلامة أبو السعود العمادي رحمه الله تعالى عن الاستنابة فأجاب الاستنابة إن كانت فيما لا يقبلها أصلا كطالب العلم وإقرائه فلا يشتبه بطلانها على أحد وإن كانت فيما يقبلها كالتدريس والإفتاء ونظائرهما فإن كانت بعذر شرعي وكان النائب في إقامة الخدم مثل الأصل وخيرا منه فهي جائزة إلى أن يزول ما اعتراه من العذر خلا أن المعلوم بتمامه يكون للنائب ليس للأصيل معه شيء إلا أن يتبرع به النائب عن طيب نفس منه ورضا كامل لا يحوم حوله شيء من الخوف والحياء وهيهات ا هـ .
وأفتى شيخ مشايخنا القاضي علي بن جار الله الحنفي بجواز النيابة بشرط العذر الشرعي أقول : والحق التفصيل كما أفتى به مولانا أبو السعود والله أعلم . ا هـ .
كلام البيري رحمه الله تعالى فتأمل وقد أفتى الشيخ خير الدين الرملي بما ذكره المؤلف هنا ( قوله وعلى هذا ) قال الرملي أي على عدم القول بعدم جواز الاستنابة ( قوله للقيم أن يوكل وكيلا إلخ ) قال الرملي ستأتي أيضا مسألة توكيل القيم في آخر شرح هذه المقولة . ا هـ .
وقال في فتاواه الخيرية بعد نقل حاصل كلام المؤلف هنا والمسألة وضع فيها رسائل ويجب العمل بما عليه الناس وخصوصا مع قيام العذر وعلى ذلك جميع المعلوم للمستنيب وليس للنائب إلا الأجرة التي استأجره بها في مدة إنابته عنه لا غير واستحقاقه الأجرة لكونه وفى العمل الذي استأجره عليه فيها وذلك بناء على ما قاله المتأخرون وعليه الفتوى أن الاستئجار على الإمامة والتدريس وتعليم القرآن جائز . ا هـ .
( قوله لم أر فيها نقلا لأصحابنا إلخ ) تقدم أن الناظر لو أنكر ملازمته فالقول قول المدرس بيمينه وكذا لو مات واختلف مع ورثته فالقول للورثة مع يمينهم وكذا كل وظيفة القول قوله بيمينه في المباشرة إلى آخر ما قدمناه عن الرملي في المسألة السادسة من المسائل العشرين .