عبد الله بن المعتز بالله
محمد بن المتوكل ، جعفر ، ابن المعتصم ، محمد بن الرشيد ،
[ ص: 43 ] هارون بن المهدي ، الأمير أبو العباس الهاشمي العباسي البغدادي الأديب ، صاحب النظم الرائق .
تأدب
بالمبرد وثعلب ، وروى عن مؤدبه :
أحمد بن سعيد الدمشقي .
روى عنه مؤدبه ،
ومحمد بن يحيى الصولي وغيرهما .
مولده في سنة تسع وأربعين ومائتين . وفي سنة ست وتسعين أنفت الكبار من خلافة
المقتدر ، وهو حدث ، فهاجوا وتوثبوا على
المقتدر ، وقتلوا وزيره ، ونصبوا
ابن المعتز في الخلافة ، فقال : على شرط أن لا يقتل بسببي رجل مسلم . وكان حول
المقتدر خواصه ، فلبسوا السلاح ، وحملوا على أولئك ، فتفرق عن
ابن المعتز جمعه ، وخاف ، فاختفى ، ثم قبض عليه ، وقتل سرا في ربيع الآخر سنة ست ، سلموه إلى
مؤنس الخادم ، فخنقه ، ولفه في بساط ، وبعث به إلى أهله .
وكان شديد السمرة ، مسنون الوجه ، يخضب بالسواد .
ورثاه
علي بن بسام :
لله درك من ملك بمضيعة ناهيك في العقل والآداب والحسب ما فيه لولا ولا ليت فتنقصه
وإنما أدركته حرفة الأدب
وله نثر بديع منه :
من تجاوز الكفاف لم يغنه الإكثار .
كلما عظم قدر المنافس ، عظمت الفجيعة به .
[ ص: 44 ] ربما أورد الطمع ولم يصدر .
من ارتحله الحرص ، أنضاه الطلب .
الحظ يأتي من لا يأتيه .
أشقى الناس أقربهم من السلطان ، كما أن أقرب الأشياء من النار أسرعها احتراقا .
من شارك السلطان في عز الدنيا ، شاركه في ذل الآخرة .
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ بِاللَّهِ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ ، جَعْفَرٍ ، ابْنِ الْمُعْتَصِمِ ، مُحَمَّدِ بْنِ الرَّشِيدِ ،
[ ص: 43 ] هَارُونَ بْنِ الْمَهْدِيِّ ، الْأَمِيرُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ الْبَغْدَادِيُّ الْأَدِيبُ ، صَاحِبُ النَّظْمِ الرَّائِقِ .
تَأَدَّبَ
بِالْمُبَرِّدِ وَثَعْلَبٍ ، وَرَوَى عَنْ مُؤَدِّبِهِ :
أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيِّ .
رَوَى عَنْهُ مُؤَدِّبُهُ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصُّولِيُّ وَغَيْرُهُمَا .
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ . وَفِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِينَ أَنِفَتِ الْكِبَارُ مِنْ خِلَافَةِ
الْمُقْتَدِرِ ، وَهُوَ حَدَثٌ ، فَهَاجُوا وَتَوَثَّبُوا عَلَى
الْمُقْتَدِرِ ، وَقَتَلُوا وَزِيرَهُ ، وَنَصَّبُوا
ابْنَ الْمُعْتَزِّ فِي الْخِلَافَةِ ، فَقَالَ : عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا يُقْتَلَ بِسَبَبِي رَجُلٌ مُسْلِمٌ . وَكَانَ حَوْلَ
الْمُقْتَدِرِ خَوَاصُّهُ ، فَلَبِسُوا السِّلَاحَ ، وَحَمَلُوا عَلَى أُولَئِكَ ، فَتَفَرَّقَ عَنِ
ابْنِ الْمُعْتَزِّ جَمْعُهُ ، وَخَافَ ، فَاخْتَفَى ، ثُمَّ قُبِضَ عَلَيْهِ ، وَقُتِلَ سِرًّا فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سِتٍّ ، سَلَّمُوهُ إِلَى
مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ ، فَخَنَقَهُ ، وَلَفَّهُ فِي بِسَاطٍ ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ .
وَكَانَ شَدِيدَ السُّمْرَةِ ، مَسْنُونَ الْوَجْهِ ، يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ .
وَرَثَاهُ
عَلِيُّ بْنُ بَسَّامٍ :
لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ مَلْكٍ بِمَضْيَعَةٍ نَاهِيكَ فِي الْعَقْلِ وَالْآدَابِ وَالْحَسَبِ مَا فِيهِ لَوْلَا وَلَا لَيْتٌ فَتَنْقُصُهُ
وَإِنَّمَا أَدْرَكَتْهُ حِرْفَةُ الْأَدَبِ
وَلَهُ نَثْرٌ بَدِيعٌ مِنْهُ :
مَنْ تَجَاوَزَ الْكَفَافَ لَمْ يُغْنِهِ الْإِكْثَارُ .
كُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ الْمُنَافَسِ ، عَظُمَتِ الْفَجِيعَةُ بِهِ .
[ ص: 44 ] رُبَّمَا أَوْرَدَ الطَّمَعُ وَلَمْ يُصْدِرْ .
مَنْ ارْتَحَلَهُ الْحِرْصُ ، أَنْضَاهُ الطَّلَبُ .
الْحَظُّ يَأْتِي مَنْ لَا يَأْتِيهِ .
أَشْقَى النَّاسِ أَقْرَبُهُمْ مِنَ السُّلْطَانِ ، كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ الْأَشْيَاءِ مِنَ النَّارِ أَسْرَعُهَا احْتِرَاقًا .
مَنْ شَارَكَ السُّلْطَانَ فِي عِزِّ الدُّنْيَا ، شَارَكَهُ فِي ذُلِّ الْآخِرَةِ .