الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
35 - مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ؛ أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=4804لعبد الله بن زيد بن عاصم ، وهو جد عمرو بن يحيى المازني ، وكان [ ص: 6 ] من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=951876هل تستطيع أن تريني nindex.php?page=treesubj&link=9كيف كان رسول الله يتوضأ ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم : نعم ، فدعا بوضوء . فأفرغ على يده ، فغسل يديه مرتين ، مرتين ثم تمضمض ، واستنثر ثلاثا . ثم غسل وجهه ثلاثا . ثم غسل يديه مرتين مرتين ، إلى المرفقين ؛ ثم مسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر ؛ بدأ بمقدم رأسه ، ثم ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما ، حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ؛ ثم غسل رجليه .
[ ص: 7 ] 1122 - هكذا في " الموطأ " عند جميع رواته - فيما علمت - في إسناد هذا الحديث : " وهو جد عمرو بن يحيى في جده nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم " .
1123 - ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث عن عمرو بن يحيى في nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم : وهو جد عمرو بن يحيى ؛ إلا مالك ، ولم يتابعه أحد على ذلك .
1124 - وهو عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري لا خلاف في ذلك .
1125 - ولجده أبي حسن صحبة فيما ذكر بعضهم على ما ذكرنا في كتاب " الصحابة " ، وعسى أن يكون جده لأمه .
[ ص: 8 ] 1126 - وقد ذكرنا طرق هذا الحديث في " التمهيد " واختلاف رواته في سياقته وألفاظه .
1127 - وليس عند nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي في الموطأ .
1128 - وذكره nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في المدونة بألفاظ لا تعرف لمالك في إسناده ولا متنه .
[ ص: 9 ] 1192 - وقد أوضحنا معنى ذلك كله في " التمهيد " ، والحمد لله .
1130 - فأما ما في هذا الحديث من المعاني فأول ذلك nindex.php?page=treesubj&link=66غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء مرتين .
1131 - فجملة قول مالك في ذلك أنه كره أن يدخل أحد يديه في وضوئه قبل أن يغسلهما إذا كان محدثا ، وإن كانت يده طاهرة لم يضر ذلك وضوءه .
1132 - هذا هو المشهور عنه ، والمعروف من مذهبه فيما روى عنه ابن القاسم ، وابن وهب ، وأشهب ، وغيرهم ؛ إلا ما ذكره ابن وهب ، عن ابن القاسم عن مالك في الذي يستيقظ فيدخل يده في الإناء : أنه لا بأس بذلك .
1133 - وذكر عن ابن وهب ، وأصبغ أنهما كرها ذلك .
[ ص: 10 ] 1134 - وقال ابن وهب : ليس على المتوضئ غسل يده إذا كانت طاهرة ، وكانت بحضرة الوضوء .
1135 - وسنورد ما للعلماء في هذا المعنى مستوعبا في باب وضوء النائم إن شاء الله .
1136 - وأما قوله : ثم مضمض واستنثر ثلاثا ، فالثلاث في ذلك في سائر الأعضاء أكمل الوضوء وأتمه ، وما زاد فهو اعتداء ما لم تكن الزيادة لتمام نقصان ، وهذا لا خلاف فيه .
[ ص: 11 ] 1137 - والمضمضة معروفة ، nindex.php?page=treesubj&link=67وليس إدخال الإصبع ودلك الأسنان بها من المضمضة ، فمن شاء فعل ، ومن شاء لم يفعل .
1138 - وحسب المتمضمض أخذ الماء من اليد بفيه وتحريكه متمضمضا به ، وطرحه عنه . فإن فعل ذلك ثلاثا فقد بلغ غاية الكمال .
1139 - وأما nindex.php?page=treesubj&link=68_67الاستنثار فهو : دفع الماء من الأنف ، والاستنشاق : أخذه بريح الأنف .
1140 - وهما كلمتان مرويتان في الآثار المرفوعة وغيرها ، متداخلتان في المعنى ، وأهل العلم يعبرون بالواحدة عن الأخرى .
1141 - وقد ذكرنا الآثار الواردة بهما في " التمهيد " .
1142 - فأما اختلاف العلماء في حكمهما فإن مالكا nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابهما يقولون : nindex.php?page=treesubj&link=68_67المضمضة والاستنثار سنة لا فريضة ، لا في الوضوء ولا في الجنابة .
1143 - وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد .
1144 - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري .
1145 - وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب ، nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ، وقتادة .
[ ص: 12 ] 1146 - فمن توضأ ولم يأت بهما ولا عملهما في وضوئه وصلى فلا إعادة عليه عند واحد من هؤلاء العلماء .
1147 - وحجة من لم يوجبهما أن الله لم يذكرهما في كتابه ولا أوجبهما رسوله ، ولا اتفق الجميع على إيجابهما . والفرائض لا تثبت إلا من هذه الوجوه .
1148 - وقال أبو حنيفة وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : هما فرض في الجنابة ، وسنة في الوضوء فإن تركهما في غسله من الجنابة وصلى أعاد كمن ترك لمعة ومن تركهما في وضوئه فلا شيء عليه .
1149 - والحجة لهم قوله - عليه السلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951877تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشر " ، وفي الأنف ما فيه من الشعر وأنه لا يوصل إلى غسل الأسنان والشفتين إلا بالمضمضة .
1150 - وقد قال عليه السلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951878العينان تزنيان ، والفرج يزني " ونحو ذلك إلى أشياء نزعوا بها تركت ذكرها .
1151 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان : هما فرض في الغسل والوضوء جميعا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه .
1152 - وروي عن عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري مثل ذلك أيضا ، وروي عنهما مثل قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
[ ص: 13 ] 1153 - وكذلك اختلف أصحاب داود : فمنهم من قال : هما فرض في الغسل والوضوء جميعا ، ومنهم من قال : إن المضمضة سنة والاستنشاق فرض .
1154 - وكذلك اختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل على هذين القولين المذكورين عن داود وأصحابه .
1155 - ولم يختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ، وأبي عبيد أن المضمضة سنة والاستنشاق واجب . قالا : من ترك الاستنشاق وصلى أعاد ، ومن ترك المضمضة لم يعد .
1156 - وكذلك القول عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في رواية . وعند أصحاب داود أيضا مثله .
1162 - وحجة من فرق بين المضمضة والاستنشاق أن النبي - عليه السلام - فعل المضمضة ولم يأمر بها ، وأفعاله مندوب إليها ليست بواجبة إلا بدليل .
[ ص: 14 ] 1163 - وفعل عليه السلام الاستنثار وأمر به ، وأمره على الوجوب إلا أن يستبين غير ذلك من مراده .
1164 - وهذا على أصلهم في ذلك ، ولكل واحد منهم اعتلالات وترجيحات يطول ذكرها .
1165 - وأما غسل الوجه ثلاثة على ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد هذا فهو الكمال ، والغسلة الواحدة إذا أوعبت تجزئ بإجماع من العلماء ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد nindex.php?page=treesubj&link=22627_9توضأ مرة مرة ، ومرتين ، وثلاثة .
1166 - وهذا أكثر ما فعل من ذلك عليه السلام ، وتلقت الجماعة ذلك من فعله على الإباحة والتخيير في الثنتين والثلاث ، إلا إن ثبت أن شيئا من ذلك نسخ لغيره ، فقف على إجماعهم فيه .
1168 - وذكر عنه nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم قال : لا أحب الاقتصار على اثنتين وإن عمتا .
1169 - والوجه مأخوذ من المواجهة ، وهو من منابت شعر الرأس إلى العارض والذقن والأذنين وما أقبل من اللحيين .
[ ص: 15 ] 1170 - واختلف في البياض الذي بين الأذنين والعارض ، فروى ابن وهب ، عن مالك قال : ليس ما خلف الصدغ الذي من وراء شعر اللحية إلى الأذن من الوجه .
1171 - وزعم عبد الوهاب أن مذهبه محمول في ذلك على أن nindex.php?page=treesubj&link=34غسل الوجه إلى العارض فرض ، وغسل ما بين العارض إلى الأذن سنة .
1172 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : nindex.php?page=treesubj&link=34_35يغسل المتوضئ وجهه من منابت شعر لحيته إلى أصول أذنيه ومنتهى اللحية إلى ما أقبل من وجهه وذقنه .
1173 - قال : فإن كان أمرد غسل بشرة وجهه كلها ، فإن نبتت لحيته وعارضاه أفاض على لحيته وعارضيه ، وإن لم يصل الماء إلى بشرة وجهه التي تحت الشعر أجزأه إذا كان شعره كثيرا .
1174 - قال أبو عمر : قد أجمعوا أن nindex.php?page=treesubj&link=325ليس على المتيمم أن يمسح ما تحت عارضيه فقضى إجماعهم في ذلك على مراد الله منه ، لأن الله أمر المتيمم بمسح وجهه ، كما أمر المتوضئ بغسله .
[ ص: 16 ] 1175 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : غسل الوجه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين ، ويتعاهد البياض الذي بين العارض والأذن .
1176 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : البياض الذي بين العذار والأذن - من الوجه ، وغسله واجب .
1177 - قال أبو عمر : في اختلاف العلماء بالمدينة وغيرها قديما فيما أقبل من الأذنين هل هو من الرأس أو من الوجه ما يوضح أن البياض الذي بين الأذنين والعارض من الوجه .
1178 - وسأذكر اختلاف العلماء في الأذنين في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله .
1179 - قرأت على محمد بن عبد الله بن حكم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال ، حدثنا الفضل بن الحباب القاضي بالبصرة قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11928أبو الوليد الطيالسي قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16833قيس بن الربيع عن جابر بن هرمز قال : سمعت عليا يقول ابلغ بالوضوء مقاص الشعر .
1180 - واختلف في nindex.php?page=treesubj&link=36تخليل اللحية والذقن ، فذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء .
1181 - وقال مالك ، وأكثر أصحابه ، وطائفة من أهل المدينة : ولا في غسل الجنابة .
[ ص: 17 ] 1182 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم عن مالك أن الجنب يخلل لحيته ، ويستحب ذلك له ، وليس ذلك على المتوضئ .
1183 - قال : وكان رسول الله يخلل أصول شعره في غسله من الجنابة .
1184 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وداود ، nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري ، " ومن قال بقوله " : تخليل اللحية في غسل الجنابة واجب ، وهذا على من احتاج إلى ذلك لكثرة شعره ليصل الماء إلى بشرته .
1185 - وأظن مالكا ومن قال بقوله ذهبوا إلى أن الشعر لا يمنع من وصول الماء .
1186 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم عن مالك قال : ويحرك اللحية في الوضوء إن كانت كثيرة ، ولا يخللها .
1187 - قال : وأما في الغسل فليحركها وإن صغرت ، وتخليلها أحب إلينا .
1188 - وذكر ابن القاسم عن مالك قال : nindex.php?page=treesubj&link=72يحرك المتوضئ ظاهر لحيته من غير أن يدخل يده فيها .
[ ص: 18 ] 1189 - قال : وهي مثل أصابع الرجل ، يعني أنها لا تخلل .
1190 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم : nindex.php?page=treesubj&link=72تخليل اللحية واجب في الوضوء والغسل .
1191 - وروى أبو فروة موسى بن طارق قال : سمعت مالكا يذكر تخليل اللحية فيقول : يكفيها ما مسها من الماء مع غسل الوجه ، ويحتج في ذلك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد : لم يذكر فيه تخليل اللحية .
1192 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : ليس تحريك اللحية وتخليل العارضين بواجب .
1193 - وقال ابن خواز بنداذ : اتفق الفقهاء على أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء ، إلا شيئا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
1194 - قال أبو عمر : الذي روى عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قوله : ما بال الرجل يغسل لحيته قبل أن تنبت ، فإذا نبتت لم يغسلها ؟ وما بال الأمرد يغسل ذقنه ، ولا يغسله ذو اللحية ؟ .
1195 - وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خلل لحيته في وضوئه من وجوه كلها ضعيفة .
1196 - وأما الصحابة والتابعون فروي عن جماعة منهم تخليل اللحية وأكثرهم لم يفرقوا بين الوضوء والجنابة . وروي عن جماعة منهم الرخصة في ترك تخليل اللحية .
1197 - وإيجاب غسل ما تحت اللحية مع الاختلاف فيه دون دليل قاطع فيه لا يصح ، ومن احتاط فخلل لم يعب .
[ ص: 19 ] 1198 - قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : التيمم واجب فيه مسح اللحية ، ثم سقط بعد هذا عندهم جميعهم ، فكذلك الوضوء .
1199 - وأما ما انسدل من اللحية فذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، عن ابن القاسم ، قال : سمعت مالكا يسأل : هل سمعت بعض أهل العلم يقول : إن اللحية من الوجه . . . . . الماء ؟ قال : نعم . قال : وتخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس ، وعاب ذلك على من فعله .
1200 - قيل لسحنون : أرأيت من nindex.php?page=treesubj&link=72غسل وجهه ولم يمر الماء على لحيته ؟ قال : هو بمنزلة من لم يمسح رأسه ، وعليه الإعادة .
1201 - واختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيما انسدل من شعر اللحية ، فقال مرة : أحب إلي أن يمر الماء على ما سقط من اللحية على الوجه ، فإن لم يفعل ففيها قولان : يجزئه في أحدهما ، ولا يجزئه في الآخر لأنه لا يجعل ما سقط من منابت شعر الوجه - من الوجه . يعني بقوله : ما سقط : ما انسدل .
1202 - قال أبو عمر : من جعل nindex.php?page=treesubj&link=23307غسل ما انسدل من اللحية واجبا جعلها وجها ، والله قد أمر بغسل الوجه أمرا مطلقا ، لم يخص صاحب لحية من أمرد ، فكل ما وقع عليه اسم وجه فواجب غسله ، لأن الوجه مأخوذ من المواجهة وغير ممتنع أن تسمي اللحية وجها فوجب غسلها لعموم الظاهر .
1203 - ومن لم يوجب غسل ما انسدل من اللحية ذهب إلى أن الأصل المأمور بغسله بشرة الوجه ، وإنما وجب غسل اللحية لأنها ظهرت فوق البشرة حائلة دونها ، وصارت البشرة باطنا ، وصار الظاهر هو شعر اللحية ، فوجب [ ص: 20 ] غسلها بدلا من البشرة . وما انسدل من اللحية ليس لحية فما يلزم غسله ، فيكون غسل اللحية بدلا منه ، كما أن جلد الرأس مأمور بغسله أو مسحه ، فلما نبت الشعر ناب مسح الشعر عن مسح جلدة الرأس ، لأنه ظاهر ، فهو بدل منه . وما انسدل من الرأس وسقط فليس تحته بشرة يلزم مسحها . ومعلوم أن الرأس المأمور بمسحه ما علا ونبت فيه الشعر ، وما سقط من شعره وانسدل فليس برأس ، وكذلك ما انسدل من اللحية ليس ، بوجه والله أعلم .
1204 - ولأصحاب مالك أيضا في هذه المسألة قولان كأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي سواء ، والله أعلم .
1205 - وأما nindex.php?page=treesubj&link=43غسل اليدين فقد جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد هذا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951879أن رسول - الله صلى الله عليه وسلم - غسلهما مرتين مرتين إلى المرفقين " .
1206 - وجاء عن عثمان وعلي في nindex.php?page=treesubj&link=9_22627صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه غسلهما ثلاثا ثلاثا ، وهو أكمل الوضوء وأتمه .
1207 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه توضأ مرة مرة ، وهو nindex.php?page=treesubj&link=22627أقل ما يجزئ إذا كانت سابغة . وقد مضى القول في هذا المعنى .
[ ص: 21 ] 1208 - وقد أجمعوا على أن nindex.php?page=treesubj&link=74الأفضل أن يغسل اليمنى قبل اليسرى ، وأجمعوا على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك كان يتوضأ ، وكان - عليه السلام - يحب التيامن في أمره ، كما في طهوره وغسله وغير ذلك من أموره .
1209 - وكذلك أجمعوا أن من nindex.php?page=treesubj&link=74غسل يسرى يديه قبل اليمنى أنه لا إعادة عليه .
1210 - وروينا عن علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود أنهما قالا : لا نبالي بأي ذلك بدأنا .
1211 - قال nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى : سألت عبد العزيز بن أبي [ ص: 22 ] سلمة عن nindex.php?page=treesubj&link=73إجالة الخاتم عند الوضوء . قال : إن كان ضيقا فأجله ، وإن كان واسعا فأقره .
[ ص: 23 ] 1212 - قال : وقال مالك ليس عليه ذلك .
1213 - وقال محمد بن عبد الحكم كقول محمد بن أبي سلمة .
1214 - وأما إدخال المرفقين في الغسل فعلى ذلك أكثر العلماء ، وهو مذهب مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأحمد ، وأبي حنيفة ، وأصحابه .
1215 - إلا زفر ، فإنه اختلف عنه في ذلك : فروي عنه أنه يجب غسل المرافق مع الذراعين ، وروي عنه أنه لا يجب ذلك . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وبعض أصحاب مالك المتأخرين ، وبعض أصحاب داود .
1219 - وأنكر بعض أهل اللغة أن تكون ( إلى ) بمعنى الواو ، وبمعنى ( مع ) .
1220 - وقال : لو كان كذلك لوجب غسل اليدين من أطراف الأصابع إلى أصل الكتف .
1221 - وقال : لا يجوز أن تخرج ( إلى ) عن معناها ، وذلك أنها بمعنى الغاية أبدا .
1222 - وقال : جائز أن تكون ( إلى ) هاهنا بمعنى الغاية ، وتدخل المرافق في الغسل ؛ لأن الثاني إذا كان من الأول كان ما بعد ( إلى ) داخلا فيما قبله ، فدخلت المرافق في الغسل لأنها من اليدين ، ولم يدخل الليل في الصيام بقوله : " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ثم أتموا الصيام إلى الليل " [ البقرة : 187 ] ؛ لأن الليل ليس من النهار ، كأنه يقول : ما كان من الجنس دخل الحد منه في المحدود ، وما لم يكن من الجنس لم يدخل في المحدود منه حده .
1223 - ومن لم يوجب غسلها حمل ( إلى ) على الغاية ، كقوله : و " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أتموا الصيام إلى الليل " . وليس بشيء مما قدمنا من الحجة لقول الجمهور الذين لا يجوز عليهم جهل التأويل ولا تحريفه ، لأن القائلين بسقوط إدخال المرفقين في غسل الذراعين قليل ، وقولهم في ذلك كالشذوذ . ومن nindex.php?page=treesubj&link=44غسل المرفقين مع الذراعين فقد أدى فرضه بيقين ، واليقين في أداء الفرائض واجب .
[ ص: 25 ] 1224 - وأما المسح بالرأس فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله فقد أحسن وعمل أكمل ما يلزمه .
[ ص: 26 ] 1225 - على أنهم قد أجمعوا على أن اليسير لا يقصد إلى إسقاطه متجاوز عنه لا يضر المتوضئ .
1226 - وجمهورهم يقول بمسح الرأس مسحة واحدة موعبة كاملة لا يزيد عليها ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإنه قال : من توضأ ثلاثا مسح رأسه ثلاثا على ظاهر الحديث في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا .
1227 - وفي بعض الروايات عن عثمان في صفة وضوء رسول الله : nindex.php?page=hadith&LINKID=951880ثم يمسح رأسه ثلاثا .
[ ص: 27 ] 1228 - وأكثرها على مرة واحدة .
1229 - وروي nindex.php?page=treesubj&link=53مسح الرأس ثلاثا عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وغيرهم .
1230 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يقول : يمسح رأسه مرتين . وكان مالك يقول في مسح الرأس : يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بيديه إلى مؤخره ، ثم يردهما إلى مقدمه على حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد .
1231 - قال : وهو أبلغ ما سمعت في مسح الرأس وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد أحسن ما جاء في مسح الرأس .
1232 - وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه ويدير ويعيد إلى حيث بدأ .
1233 - وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد : " بدأ بمقدم رأسه " وهو الذي ينبغي أن يمتثل ويحمل عليه .
1234 - وروى معاوية ، والمقدام بن معدي عن النبي - عليه السلام : [ ص: 28 ] " nindex.php?page=hadith&LINKID=951881ثم يمسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر " . فقد توهم بعض الناس أنه بدأ بمؤخر رأسه لقوله : " فأقبل بهما " ، وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيديه وأدبر ، وهذه كلها ظنون .
1235 - وفي قوله : " بدأ بمقدم رأسه " ما يرفع الإشكال لمن امتثل نفسه ، لأنه مفسر لقوله : " فأقبل بهما وأدبر " .
1236 - وهو كلام يحتمل أن يكون على التقديم والتأخير ، كأنه قال : فأدبر بهما وأقبل ، والواو لا توجب رتبة ولا تعقيبا .
1237 - وإذا احتمل الكلام التأويل كان قوله : " بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه " يوضح ما أشكل من ذلك .
1238 - وهذا كله معنى قول مالك .
1239 - وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي : يبدأ من مؤخر رأسه فإنه قد روي [ ص: 29 ] في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10718الربيع بنت معوذ بن عفراء أنها وصفت وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951882ومسح رأسه مرتين ، بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه ظهورهما وبطونهما " .
1240 - وقد ذكرنا علة إسناده في " التمهيد " .
1241 - وأجمع العلماء أن nindex.php?page=treesubj&link=28186من عم رأسه بالمسح فقد أدى ما عليه ، وأتى بأكمل شيء فيه ، وسواء بدأ بمقدم رأسه أو بوسطه أو بمؤخره ، وإن كان لم يفعل ما استحب منه .
1243 - فقال مالك : الفرض مسح جميع الرأس ، فإن ترك شيئا منه كان كمن ترك غسل شيء ، من وجهه . هذا هو المعروف من مذهب مالك .
1244 - وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية . قال nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية : قد أمر الله تعالى بمسح الرأس في الوضوء كما أمر بمسح الوجه في التيمم ، وأمر بغسله في الوضوء .
1245 - وقد أجمعوا أنه لا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=34غسل بعض الوجه في الوضوء ولا مسح بعضه في التيمم .
1246 - وقد أجمعوا على أن الرأس يمسح كله ، ولم يقل أحد : إن مسح بعضه سنة ، وبعضه فريضة فدل على أن مسحه كله فريضة .
1249 - واختلف أصحاب مالك في ذلك : فقال أشهب : يجوز nindex.php?page=treesubj&link=56مسح بعض الرأس .
1250 - وذكر أبو الفرج ، قال : اختلف متأخرو أصحابنا في ذلك ، فقال بعضهم ، لا بد أن يمسح كل الرأس أو أكثره وإذا مسح أكثره أجزأه .
1251 - قال : وقال آخرون : إذا nindex.php?page=treesubj&link=56مسح الثلث فصاعدا أجزأه .
[ ص: 31 ] 1252 - قال : وهذا أشبه القولين عندي وأولاهما من قبل أن الثلث فما فوقه قد جعله مالك في حيز الكثير في غير موضع من كتبه ومذهبه .
1253 - وزعم الأبهري أنه لم يقل أحد من أصحاب مالك ما ذكره [ ص: 32 ] أبو الفرج عنهم ، فإن المعروف nindex.php?page=showalam&ids=17024لمحمد بن مسلمة ومن قال بقوله : أن الممسوح من الرأس إن كان المتروك الأقل جاز على أصل مالك في أن الثلث عنده قدر يسير في كثير من مسائله .
1254 - قال أبو عمر : ما ذكره أبو الفرج والأبهري عن محمد بن مسلمة كلاهما خارج عن أصول مالك في الثلث ، فمرة يجعله حدا في اليسير ، ومرة في الكثير .
1255 - وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فقال : nindex.php?page=treesubj&link=56الفرض مسح بعض الرأس . وقال : احتمل قوله عز وجل : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم " مسح بعض الرأس ومسح جميعه ، فدلت السنة على أن يجزئ .
[ ص: 33 ] 1256 - وقال في موضع آخر من كتابه : فإن قيل : مسح الوجه في التيمم يدل على عموم غسله ، فلا بد أن يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل منه . ومسح الرأس أصل فهذا فرق ما بينهما .
1257 - قال أبو عمر : السنة التي ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنها دلت على أن مسح بعض الرأس يجزئ هي مسحه بناصيته - عليه السلام - . والناصية مقدم الرأس فقط .
1258 - جاء ذلك في آثار كثيرة ، منها ما أخبرناه nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15396أحمد بن زهير قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل بن علية عن أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، عن عمرو بن وهب قال : كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951883مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بناصيته .
1259 - وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر المزني ، عن الحسن ، عن ابن المغيرة ، عن أبيه عن النبي - عليه السلام - مثله .
[ ص: 34 ] 1260 - ومن حديث أنس عن النبي - عليه السلام - مثله .
1261 - ذكرهما أبو داود . وقد ذكرتهما بإسنادهما في التمهيد .
1262 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : إن مسح المتوضئ بعض رأسه أجزأه ، ويبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخره .
1263 - واختلف أصحاب داود : فقال بعضهم : مسح الرأس كله واجب فرضا كقول مالك ، وقال بعضهم : المسح ليس شأنه الاستيعاب في لسان العرب والبعض يجزئ .
1263 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد : يجزئ مسح بعض الرأس ، ويمسح المقدم . وهو قول داود وأحمد .
1264 - وقد قدمنا عن جميعهم أن مسح جميع الرأس أحب إليهم .
1265 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=119وسلمة بن الأكوع يمسحان مقدم رءوسهما .
[ ص: 35 ] 1267 - وعن جماعة من التابعين إجازة مسح بعض الرأس ، ذكر ذلك عنه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة وعبد الرزاق .
1268 - وقال أبو حنيفة : إن nindex.php?page=treesubj&link=56مسح رأسه أو بعضه بثلاثة أصابع فيما زاد أجزأه ، وإن مسح بأقل من ذلك لم يجزه .
1269 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن مسح بإصبع واحد أجزأه ، وإن مسح بأقل من ذلك لم يجزئه .
1270 - واتفق مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأبو حنيفة على أن الرأس يجزئ مسحه إلا بماء جديد يأخذه له المتوضئ ، كما يأخذه لسائر الأعضاء .
1271 - ومن nindex.php?page=treesubj&link=53_25مسح رأسه بما فضل من البلل في يديه من غسل ذراعيه لم يجزه .
1272 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وجماعة من التابعين : يجزئه .
1273 - وذكر ابن حبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون أنه قال : إذا نفد الماء عنه مسح رأسه ببلل لحيته ، واختاره ابن حبيب .
1274 - nindex.php?page=treesubj&link=53والمرأة عند جميع الفقهاء في مسح رأسها كالرجل سواء ، كل مما أصله .
1275 - وأما غسل الرجلين ففي حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد هذا : " ثم غسل رجليه " ولم يجر .
[ ص: 36 ] 1276 - وفي حديث عثمان وعلي إذ وصفا وضوء رسول الله في بعض الروايات عنهما : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951884ثم غسل رجليه ثلاثا " ، وفي بعضها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951885ثم غسل رجليه حتى أنقاهما " ، وفي بعضها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951886ثم غسل رجليه " فقط .
1277 - وأجمع العلماء أن غسلة واحدة في الرجلين وسائر أعضاء الوضوء تجزئ إذا كانت سابغة . وإذا أجزأت المرة الواحدة في الوجه والذراعين فأحرى أن تجزئ في الرجلين ؛ لأنهما عند بعض العلماء ممسوحتان ، وهما في التيمم مع الرأس يسقطان .
1278 - والقول عند العلماء في دخول الكعبين في غسل الرجلين كهو في المرفقين مع الذراعين ، كل على أصله .
1279 - وسنبين ما في ذلك كله للعلماء في هذا الباب عند قوله ، عليه السلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951887ويل للأعقاب من النار " إن شاء الله .
1280 - ويأتي ذكر الأذنين وحكمهما في بابهما من هذا الكتاب بحول الله وعونه .
[ ص: 7 ] 1122 - هكذا في " الموطأ " عند جميع رواته - فيما علمت - في إسناد هذا الحديث : " وهو جد عمرو بن يحيى في جده nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم " .
1123 - ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث عن عمرو بن يحيى في nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم : وهو جد عمرو بن يحيى ؛ إلا مالك ، ولم يتابعه أحد على ذلك .
1124 - وهو عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري لا خلاف في ذلك .
1125 - ولجده أبي حسن صحبة فيما ذكر بعضهم على ما ذكرنا في كتاب " الصحابة " ، وعسى أن يكون جده لأمه .
[ ص: 8 ] 1126 - وقد ذكرنا طرق هذا الحديث في " التمهيد " واختلاف رواته في سياقته وألفاظه .
1127 - وليس عند nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي في الموطأ .
1128 - وذكره nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في المدونة بألفاظ لا تعرف لمالك في إسناده ولا متنه .
[ ص: 9 ] 1192 - وقد أوضحنا معنى ذلك كله في " التمهيد " ، والحمد لله .
1130 - فأما ما في هذا الحديث من المعاني فأول ذلك nindex.php?page=treesubj&link=66غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء مرتين .
1131 - فجملة قول مالك في ذلك أنه كره أن يدخل أحد يديه في وضوئه قبل أن يغسلهما إذا كان محدثا ، وإن كانت يده طاهرة لم يضر ذلك وضوءه .
1132 - هذا هو المشهور عنه ، والمعروف من مذهبه فيما روى عنه ابن القاسم ، وابن وهب ، وأشهب ، وغيرهم ؛ إلا ما ذكره ابن وهب ، عن ابن القاسم عن مالك في الذي يستيقظ فيدخل يده في الإناء : أنه لا بأس بذلك .
1133 - وذكر عن ابن وهب ، وأصبغ أنهما كرها ذلك .
[ ص: 10 ] 1134 - وقال ابن وهب : ليس على المتوضئ غسل يده إذا كانت طاهرة ، وكانت بحضرة الوضوء .
1135 - وسنورد ما للعلماء في هذا المعنى مستوعبا في باب وضوء النائم إن شاء الله .
1136 - وأما قوله : ثم مضمض واستنثر ثلاثا ، فالثلاث في ذلك في سائر الأعضاء أكمل الوضوء وأتمه ، وما زاد فهو اعتداء ما لم تكن الزيادة لتمام نقصان ، وهذا لا خلاف فيه .
[ ص: 11 ] 1137 - والمضمضة معروفة ، nindex.php?page=treesubj&link=67وليس إدخال الإصبع ودلك الأسنان بها من المضمضة ، فمن شاء فعل ، ومن شاء لم يفعل .
1138 - وحسب المتمضمض أخذ الماء من اليد بفيه وتحريكه متمضمضا به ، وطرحه عنه . فإن فعل ذلك ثلاثا فقد بلغ غاية الكمال .
1139 - وأما nindex.php?page=treesubj&link=68_67الاستنثار فهو : دفع الماء من الأنف ، والاستنشاق : أخذه بريح الأنف .
1140 - وهما كلمتان مرويتان في الآثار المرفوعة وغيرها ، متداخلتان في المعنى ، وأهل العلم يعبرون بالواحدة عن الأخرى .
1141 - وقد ذكرنا الآثار الواردة بهما في " التمهيد " .
1142 - فأما اختلاف العلماء في حكمهما فإن مالكا nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابهما يقولون : nindex.php?page=treesubj&link=68_67المضمضة والاستنثار سنة لا فريضة ، لا في الوضوء ولا في الجنابة .
1143 - وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد .
1144 - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري .
1145 - وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب ، nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ، وقتادة .
[ ص: 12 ] 1146 - فمن توضأ ولم يأت بهما ولا عملهما في وضوئه وصلى فلا إعادة عليه عند واحد من هؤلاء العلماء .
1147 - وحجة من لم يوجبهما أن الله لم يذكرهما في كتابه ولا أوجبهما رسوله ، ولا اتفق الجميع على إيجابهما . والفرائض لا تثبت إلا من هذه الوجوه .
1148 - وقال أبو حنيفة وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : هما فرض في الجنابة ، وسنة في الوضوء فإن تركهما في غسله من الجنابة وصلى أعاد كمن ترك لمعة ومن تركهما في وضوئه فلا شيء عليه .
1149 - والحجة لهم قوله - عليه السلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951877تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشر " ، وفي الأنف ما فيه من الشعر وأنه لا يوصل إلى غسل الأسنان والشفتين إلا بالمضمضة .
1150 - وقد قال عليه السلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951878العينان تزنيان ، والفرج يزني " ونحو ذلك إلى أشياء نزعوا بها تركت ذكرها .
1151 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان : هما فرض في الغسل والوضوء جميعا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه .
1152 - وروي عن عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري مثل ذلك أيضا ، وروي عنهما مثل قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
[ ص: 13 ] 1153 - وكذلك اختلف أصحاب داود : فمنهم من قال : هما فرض في الغسل والوضوء جميعا ، ومنهم من قال : إن المضمضة سنة والاستنشاق فرض .
1154 - وكذلك اختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل على هذين القولين المذكورين عن داود وأصحابه .
1155 - ولم يختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ، وأبي عبيد أن المضمضة سنة والاستنشاق واجب . قالا : من ترك الاستنشاق وصلى أعاد ، ومن ترك المضمضة لم يعد .
1156 - وكذلك القول عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في رواية . وعند أصحاب داود أيضا مثله .
1162 - وحجة من فرق بين المضمضة والاستنشاق أن النبي - عليه السلام - فعل المضمضة ولم يأمر بها ، وأفعاله مندوب إليها ليست بواجبة إلا بدليل .
[ ص: 14 ] 1163 - وفعل عليه السلام الاستنثار وأمر به ، وأمره على الوجوب إلا أن يستبين غير ذلك من مراده .
1164 - وهذا على أصلهم في ذلك ، ولكل واحد منهم اعتلالات وترجيحات يطول ذكرها .
1165 - وأما غسل الوجه ثلاثة على ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد هذا فهو الكمال ، والغسلة الواحدة إذا أوعبت تجزئ بإجماع من العلماء ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد nindex.php?page=treesubj&link=22627_9توضأ مرة مرة ، ومرتين ، وثلاثة .
1166 - وهذا أكثر ما فعل من ذلك عليه السلام ، وتلقت الجماعة ذلك من فعله على الإباحة والتخيير في الثنتين والثلاث ، إلا إن ثبت أن شيئا من ذلك نسخ لغيره ، فقف على إجماعهم فيه .
1168 - وذكر عنه nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم قال : لا أحب الاقتصار على اثنتين وإن عمتا .
1169 - والوجه مأخوذ من المواجهة ، وهو من منابت شعر الرأس إلى العارض والذقن والأذنين وما أقبل من اللحيين .
[ ص: 15 ] 1170 - واختلف في البياض الذي بين الأذنين والعارض ، فروى ابن وهب ، عن مالك قال : ليس ما خلف الصدغ الذي من وراء شعر اللحية إلى الأذن من الوجه .
1171 - وزعم عبد الوهاب أن مذهبه محمول في ذلك على أن nindex.php?page=treesubj&link=34غسل الوجه إلى العارض فرض ، وغسل ما بين العارض إلى الأذن سنة .
1172 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : nindex.php?page=treesubj&link=34_35يغسل المتوضئ وجهه من منابت شعر لحيته إلى أصول أذنيه ومنتهى اللحية إلى ما أقبل من وجهه وذقنه .
1173 - قال : فإن كان أمرد غسل بشرة وجهه كلها ، فإن نبتت لحيته وعارضاه أفاض على لحيته وعارضيه ، وإن لم يصل الماء إلى بشرة وجهه التي تحت الشعر أجزأه إذا كان شعره كثيرا .
1174 - قال أبو عمر : قد أجمعوا أن nindex.php?page=treesubj&link=325ليس على المتيمم أن يمسح ما تحت عارضيه فقضى إجماعهم في ذلك على مراد الله منه ، لأن الله أمر المتيمم بمسح وجهه ، كما أمر المتوضئ بغسله .
[ ص: 16 ] 1175 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : غسل الوجه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين ، ويتعاهد البياض الذي بين العارض والأذن .
1176 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : البياض الذي بين العذار والأذن - من الوجه ، وغسله واجب .
1177 - قال أبو عمر : في اختلاف العلماء بالمدينة وغيرها قديما فيما أقبل من الأذنين هل هو من الرأس أو من الوجه ما يوضح أن البياض الذي بين الأذنين والعارض من الوجه .
1178 - وسأذكر اختلاف العلماء في الأذنين في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله .
1179 - قرأت على محمد بن عبد الله بن حكم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال ، حدثنا الفضل بن الحباب القاضي بالبصرة قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11928أبو الوليد الطيالسي قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16833قيس بن الربيع عن جابر بن هرمز قال : سمعت عليا يقول ابلغ بالوضوء مقاص الشعر .
1180 - واختلف في nindex.php?page=treesubj&link=36تخليل اللحية والذقن ، فذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء .
1181 - وقال مالك ، وأكثر أصحابه ، وطائفة من أهل المدينة : ولا في غسل الجنابة .
[ ص: 17 ] 1182 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم عن مالك أن الجنب يخلل لحيته ، ويستحب ذلك له ، وليس ذلك على المتوضئ .
1183 - قال : وكان رسول الله يخلل أصول شعره في غسله من الجنابة .
1184 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وداود ، nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري ، " ومن قال بقوله " : تخليل اللحية في غسل الجنابة واجب ، وهذا على من احتاج إلى ذلك لكثرة شعره ليصل الماء إلى بشرته .
1185 - وأظن مالكا ومن قال بقوله ذهبوا إلى أن الشعر لا يمنع من وصول الماء .
1186 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم عن مالك قال : ويحرك اللحية في الوضوء إن كانت كثيرة ، ولا يخللها .
1187 - قال : وأما في الغسل فليحركها وإن صغرت ، وتخليلها أحب إلينا .
1188 - وذكر ابن القاسم عن مالك قال : nindex.php?page=treesubj&link=72يحرك المتوضئ ظاهر لحيته من غير أن يدخل يده فيها .
[ ص: 18 ] 1189 - قال : وهي مثل أصابع الرجل ، يعني أنها لا تخلل .
1190 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم : nindex.php?page=treesubj&link=72تخليل اللحية واجب في الوضوء والغسل .
1191 - وروى أبو فروة موسى بن طارق قال : سمعت مالكا يذكر تخليل اللحية فيقول : يكفيها ما مسها من الماء مع غسل الوجه ، ويحتج في ذلك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد : لم يذكر فيه تخليل اللحية .
1192 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : ليس تحريك اللحية وتخليل العارضين بواجب .
1193 - وقال ابن خواز بنداذ : اتفق الفقهاء على أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء ، إلا شيئا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
1194 - قال أبو عمر : الذي روى عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قوله : ما بال الرجل يغسل لحيته قبل أن تنبت ، فإذا نبتت لم يغسلها ؟ وما بال الأمرد يغسل ذقنه ، ولا يغسله ذو اللحية ؟ .
1195 - وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خلل لحيته في وضوئه من وجوه كلها ضعيفة .
1196 - وأما الصحابة والتابعون فروي عن جماعة منهم تخليل اللحية وأكثرهم لم يفرقوا بين الوضوء والجنابة . وروي عن جماعة منهم الرخصة في ترك تخليل اللحية .
1197 - وإيجاب غسل ما تحت اللحية مع الاختلاف فيه دون دليل قاطع فيه لا يصح ، ومن احتاط فخلل لم يعب .
[ ص: 19 ] 1198 - قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : التيمم واجب فيه مسح اللحية ، ثم سقط بعد هذا عندهم جميعهم ، فكذلك الوضوء .
1199 - وأما ما انسدل من اللحية فذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، عن ابن القاسم ، قال : سمعت مالكا يسأل : هل سمعت بعض أهل العلم يقول : إن اللحية من الوجه . . . . . الماء ؟ قال : نعم . قال : وتخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس ، وعاب ذلك على من فعله .
1200 - قيل لسحنون : أرأيت من nindex.php?page=treesubj&link=72غسل وجهه ولم يمر الماء على لحيته ؟ قال : هو بمنزلة من لم يمسح رأسه ، وعليه الإعادة .
1201 - واختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيما انسدل من شعر اللحية ، فقال مرة : أحب إلي أن يمر الماء على ما سقط من اللحية على الوجه ، فإن لم يفعل ففيها قولان : يجزئه في أحدهما ، ولا يجزئه في الآخر لأنه لا يجعل ما سقط من منابت شعر الوجه - من الوجه . يعني بقوله : ما سقط : ما انسدل .
1202 - قال أبو عمر : من جعل nindex.php?page=treesubj&link=23307غسل ما انسدل من اللحية واجبا جعلها وجها ، والله قد أمر بغسل الوجه أمرا مطلقا ، لم يخص صاحب لحية من أمرد ، فكل ما وقع عليه اسم وجه فواجب غسله ، لأن الوجه مأخوذ من المواجهة وغير ممتنع أن تسمي اللحية وجها فوجب غسلها لعموم الظاهر .
1203 - ومن لم يوجب غسل ما انسدل من اللحية ذهب إلى أن الأصل المأمور بغسله بشرة الوجه ، وإنما وجب غسل اللحية لأنها ظهرت فوق البشرة حائلة دونها ، وصارت البشرة باطنا ، وصار الظاهر هو شعر اللحية ، فوجب [ ص: 20 ] غسلها بدلا من البشرة . وما انسدل من اللحية ليس لحية فما يلزم غسله ، فيكون غسل اللحية بدلا منه ، كما أن جلد الرأس مأمور بغسله أو مسحه ، فلما نبت الشعر ناب مسح الشعر عن مسح جلدة الرأس ، لأنه ظاهر ، فهو بدل منه . وما انسدل من الرأس وسقط فليس تحته بشرة يلزم مسحها . ومعلوم أن الرأس المأمور بمسحه ما علا ونبت فيه الشعر ، وما سقط من شعره وانسدل فليس برأس ، وكذلك ما انسدل من اللحية ليس ، بوجه والله أعلم .
1204 - ولأصحاب مالك أيضا في هذه المسألة قولان كأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي سواء ، والله أعلم .
1205 - وأما nindex.php?page=treesubj&link=43غسل اليدين فقد جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد هذا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951879أن رسول - الله صلى الله عليه وسلم - غسلهما مرتين مرتين إلى المرفقين " .
1206 - وجاء عن عثمان وعلي في nindex.php?page=treesubj&link=9_22627صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه غسلهما ثلاثا ثلاثا ، وهو أكمل الوضوء وأتمه .
1207 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه توضأ مرة مرة ، وهو nindex.php?page=treesubj&link=22627أقل ما يجزئ إذا كانت سابغة . وقد مضى القول في هذا المعنى .
[ ص: 21 ] 1208 - وقد أجمعوا على أن nindex.php?page=treesubj&link=74الأفضل أن يغسل اليمنى قبل اليسرى ، وأجمعوا على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك كان يتوضأ ، وكان - عليه السلام - يحب التيامن في أمره ، كما في طهوره وغسله وغير ذلك من أموره .
1209 - وكذلك أجمعوا أن من nindex.php?page=treesubj&link=74غسل يسرى يديه قبل اليمنى أنه لا إعادة عليه .
1210 - وروينا عن علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود أنهما قالا : لا نبالي بأي ذلك بدأنا .
1211 - قال nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى : سألت عبد العزيز بن أبي [ ص: 22 ] سلمة عن nindex.php?page=treesubj&link=73إجالة الخاتم عند الوضوء . قال : إن كان ضيقا فأجله ، وإن كان واسعا فأقره .
[ ص: 23 ] 1212 - قال : وقال مالك ليس عليه ذلك .
1213 - وقال محمد بن عبد الحكم كقول محمد بن أبي سلمة .
1214 - وأما إدخال المرفقين في الغسل فعلى ذلك أكثر العلماء ، وهو مذهب مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأحمد ، وأبي حنيفة ، وأصحابه .
1215 - إلا زفر ، فإنه اختلف عنه في ذلك : فروي عنه أنه يجب غسل المرافق مع الذراعين ، وروي عنه أنه لا يجب ذلك . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وبعض أصحاب مالك المتأخرين ، وبعض أصحاب داود .
1219 - وأنكر بعض أهل اللغة أن تكون ( إلى ) بمعنى الواو ، وبمعنى ( مع ) .
1220 - وقال : لو كان كذلك لوجب غسل اليدين من أطراف الأصابع إلى أصل الكتف .
1221 - وقال : لا يجوز أن تخرج ( إلى ) عن معناها ، وذلك أنها بمعنى الغاية أبدا .
1222 - وقال : جائز أن تكون ( إلى ) هاهنا بمعنى الغاية ، وتدخل المرافق في الغسل ؛ لأن الثاني إذا كان من الأول كان ما بعد ( إلى ) داخلا فيما قبله ، فدخلت المرافق في الغسل لأنها من اليدين ، ولم يدخل الليل في الصيام بقوله : " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ثم أتموا الصيام إلى الليل " [ البقرة : 187 ] ؛ لأن الليل ليس من النهار ، كأنه يقول : ما كان من الجنس دخل الحد منه في المحدود ، وما لم يكن من الجنس لم يدخل في المحدود منه حده .
1223 - ومن لم يوجب غسلها حمل ( إلى ) على الغاية ، كقوله : و " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أتموا الصيام إلى الليل " . وليس بشيء مما قدمنا من الحجة لقول الجمهور الذين لا يجوز عليهم جهل التأويل ولا تحريفه ، لأن القائلين بسقوط إدخال المرفقين في غسل الذراعين قليل ، وقولهم في ذلك كالشذوذ . ومن nindex.php?page=treesubj&link=44غسل المرفقين مع الذراعين فقد أدى فرضه بيقين ، واليقين في أداء الفرائض واجب .
[ ص: 25 ] 1224 - وأما المسح بالرأس فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله فقد أحسن وعمل أكمل ما يلزمه .
[ ص: 26 ] 1225 - على أنهم قد أجمعوا على أن اليسير لا يقصد إلى إسقاطه متجاوز عنه لا يضر المتوضئ .
1226 - وجمهورهم يقول بمسح الرأس مسحة واحدة موعبة كاملة لا يزيد عليها ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإنه قال : من توضأ ثلاثا مسح رأسه ثلاثا على ظاهر الحديث في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا .
1227 - وفي بعض الروايات عن عثمان في صفة وضوء رسول الله : nindex.php?page=hadith&LINKID=951880ثم يمسح رأسه ثلاثا .
[ ص: 27 ] 1228 - وأكثرها على مرة واحدة .
1229 - وروي nindex.php?page=treesubj&link=53مسح الرأس ثلاثا عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وغيرهم .
1230 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يقول : يمسح رأسه مرتين . وكان مالك يقول في مسح الرأس : يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بيديه إلى مؤخره ، ثم يردهما إلى مقدمه على حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد .
1231 - قال : وهو أبلغ ما سمعت في مسح الرأس وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد أحسن ما جاء في مسح الرأس .
1232 - وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه ويدير ويعيد إلى حيث بدأ .
1233 - وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد : " بدأ بمقدم رأسه " وهو الذي ينبغي أن يمتثل ويحمل عليه .
1234 - وروى معاوية ، والمقدام بن معدي عن النبي - عليه السلام : [ ص: 28 ] " nindex.php?page=hadith&LINKID=951881ثم يمسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر " . فقد توهم بعض الناس أنه بدأ بمؤخر رأسه لقوله : " فأقبل بهما " ، وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيديه وأدبر ، وهذه كلها ظنون .
1235 - وفي قوله : " بدأ بمقدم رأسه " ما يرفع الإشكال لمن امتثل نفسه ، لأنه مفسر لقوله : " فأقبل بهما وأدبر " .
1236 - وهو كلام يحتمل أن يكون على التقديم والتأخير ، كأنه قال : فأدبر بهما وأقبل ، والواو لا توجب رتبة ولا تعقيبا .
1237 - وإذا احتمل الكلام التأويل كان قوله : " بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه " يوضح ما أشكل من ذلك .
1238 - وهذا كله معنى قول مالك .
1239 - وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي : يبدأ من مؤخر رأسه فإنه قد روي [ ص: 29 ] في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10718الربيع بنت معوذ بن عفراء أنها وصفت وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951882ومسح رأسه مرتين ، بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه ظهورهما وبطونهما " .
1240 - وقد ذكرنا علة إسناده في " التمهيد " .
1241 - وأجمع العلماء أن nindex.php?page=treesubj&link=28186من عم رأسه بالمسح فقد أدى ما عليه ، وأتى بأكمل شيء فيه ، وسواء بدأ بمقدم رأسه أو بوسطه أو بمؤخره ، وإن كان لم يفعل ما استحب منه .
1243 - فقال مالك : الفرض مسح جميع الرأس ، فإن ترك شيئا منه كان كمن ترك غسل شيء ، من وجهه . هذا هو المعروف من مذهب مالك .
1244 - وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية . قال nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية : قد أمر الله تعالى بمسح الرأس في الوضوء كما أمر بمسح الوجه في التيمم ، وأمر بغسله في الوضوء .
1245 - وقد أجمعوا أنه لا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=34غسل بعض الوجه في الوضوء ولا مسح بعضه في التيمم .
1246 - وقد أجمعوا على أن الرأس يمسح كله ، ولم يقل أحد : إن مسح بعضه سنة ، وبعضه فريضة فدل على أن مسحه كله فريضة .
1249 - واختلف أصحاب مالك في ذلك : فقال أشهب : يجوز nindex.php?page=treesubj&link=56مسح بعض الرأس .
1250 - وذكر أبو الفرج ، قال : اختلف متأخرو أصحابنا في ذلك ، فقال بعضهم ، لا بد أن يمسح كل الرأس أو أكثره وإذا مسح أكثره أجزأه .
1251 - قال : وقال آخرون : إذا nindex.php?page=treesubj&link=56مسح الثلث فصاعدا أجزأه .
[ ص: 31 ] 1252 - قال : وهذا أشبه القولين عندي وأولاهما من قبل أن الثلث فما فوقه قد جعله مالك في حيز الكثير في غير موضع من كتبه ومذهبه .
1253 - وزعم الأبهري أنه لم يقل أحد من أصحاب مالك ما ذكره [ ص: 32 ] أبو الفرج عنهم ، فإن المعروف nindex.php?page=showalam&ids=17024لمحمد بن مسلمة ومن قال بقوله : أن الممسوح من الرأس إن كان المتروك الأقل جاز على أصل مالك في أن الثلث عنده قدر يسير في كثير من مسائله .
1254 - قال أبو عمر : ما ذكره أبو الفرج والأبهري عن محمد بن مسلمة كلاهما خارج عن أصول مالك في الثلث ، فمرة يجعله حدا في اليسير ، ومرة في الكثير .
1255 - وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فقال : nindex.php?page=treesubj&link=56الفرض مسح بعض الرأس . وقال : احتمل قوله عز وجل : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم " مسح بعض الرأس ومسح جميعه ، فدلت السنة على أن يجزئ .
[ ص: 33 ] 1256 - وقال في موضع آخر من كتابه : فإن قيل : مسح الوجه في التيمم يدل على عموم غسله ، فلا بد أن يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل منه . ومسح الرأس أصل فهذا فرق ما بينهما .
1257 - قال أبو عمر : السنة التي ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنها دلت على أن مسح بعض الرأس يجزئ هي مسحه بناصيته - عليه السلام - . والناصية مقدم الرأس فقط .
1258 - جاء ذلك في آثار كثيرة ، منها ما أخبرناه nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15396أحمد بن زهير قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل بن علية عن أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، عن عمرو بن وهب قال : كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951883مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بناصيته .
1259 - وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر المزني ، عن الحسن ، عن ابن المغيرة ، عن أبيه عن النبي - عليه السلام - مثله .
[ ص: 34 ] 1260 - ومن حديث أنس عن النبي - عليه السلام - مثله .
1261 - ذكرهما أبو داود . وقد ذكرتهما بإسنادهما في التمهيد .
1262 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : إن مسح المتوضئ بعض رأسه أجزأه ، ويبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخره .
1263 - واختلف أصحاب داود : فقال بعضهم : مسح الرأس كله واجب فرضا كقول مالك ، وقال بعضهم : المسح ليس شأنه الاستيعاب في لسان العرب والبعض يجزئ .
1263 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد : يجزئ مسح بعض الرأس ، ويمسح المقدم . وهو قول داود وأحمد .
1264 - وقد قدمنا عن جميعهم أن مسح جميع الرأس أحب إليهم .
1265 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=119وسلمة بن الأكوع يمسحان مقدم رءوسهما .
[ ص: 35 ] 1267 - وعن جماعة من التابعين إجازة مسح بعض الرأس ، ذكر ذلك عنه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة وعبد الرزاق .
1268 - وقال أبو حنيفة : إن nindex.php?page=treesubj&link=56مسح رأسه أو بعضه بثلاثة أصابع فيما زاد أجزأه ، وإن مسح بأقل من ذلك لم يجزه .
1269 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن مسح بإصبع واحد أجزأه ، وإن مسح بأقل من ذلك لم يجزئه .
1270 - واتفق مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأبو حنيفة على أن الرأس يجزئ مسحه إلا بماء جديد يأخذه له المتوضئ ، كما يأخذه لسائر الأعضاء .
1271 - ومن nindex.php?page=treesubj&link=53_25مسح رأسه بما فضل من البلل في يديه من غسل ذراعيه لم يجزه .
1272 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وجماعة من التابعين : يجزئه .
1273 - وذكر ابن حبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون أنه قال : إذا نفد الماء عنه مسح رأسه ببلل لحيته ، واختاره ابن حبيب .
1274 - nindex.php?page=treesubj&link=53والمرأة عند جميع الفقهاء في مسح رأسها كالرجل سواء ، كل مما أصله .
1275 - وأما غسل الرجلين ففي حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد هذا : " ثم غسل رجليه " ولم يجر .
[ ص: 36 ] 1276 - وفي حديث عثمان وعلي إذ وصفا وضوء رسول الله في بعض الروايات عنهما : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951884ثم غسل رجليه ثلاثا " ، وفي بعضها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951885ثم غسل رجليه حتى أنقاهما " ، وفي بعضها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951886ثم غسل رجليه " فقط .
1277 - وأجمع العلماء أن غسلة واحدة في الرجلين وسائر أعضاء الوضوء تجزئ إذا كانت سابغة . وإذا أجزأت المرة الواحدة في الوجه والذراعين فأحرى أن تجزئ في الرجلين ؛ لأنهما عند بعض العلماء ممسوحتان ، وهما في التيمم مع الرأس يسقطان .
1278 - والقول عند العلماء في دخول الكعبين في غسل الرجلين كهو في المرفقين مع الذراعين ، كل على أصله .
1279 - وسنبين ما في ذلك كله للعلماء في هذا الباب عند قوله ، عليه السلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951887ويل للأعقاب من النار " إن شاء الله .
1280 - ويأتي ذكر الأذنين وحكمهما في بابهما من هذا الكتاب بحول الله وعونه .