الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النائب إذا حج متمتعا فهل يلزمه دم التمتع

السؤال

أسعد الله أوقاتكم بكل خير.. سؤالي عن موضوع الحج بالنيابة، أنا من بغداد كلفني أحد الإخوة بالحج نيابة عن المتوفي (س)، أنا أريد أداء العمرة حال وصولي إلى مكة المكرمة، وعند بدء مناسك الحج أقوم بأداء الحج فقط نيابة عن (س) فهل على (س) هدي، وهل علي أنا هدي، فأجيبوني يرحمنا ويرحمكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كنت متطوعاً بالحج عن الميت وطُلِبَ منك أن تحج عنه إفراداً فاعتمرت عن نفسك وأحرمت بالحج عن الميت مفرداً فالهدي عليك، وعليك دم آخر عند جمهور أهل العلم لإحرامك بالحج عن الميت من مكة، وكان الواجب أن تحرم عنه من الميقات أي ترجع إلى الميقات فتحرم بالحج منه، ومن أهل العلم من يرى جواز الإحرام عنه من مكة.

وعلى هذا القول لا يلزم هذا الدم الآخر، والقول الأول أحوط، قال ابن قدامة في المغني: فأما النائب غير المستأجر، فما لزمه من الدماء بفعل محظور فعليه في ماله لأنه لم يؤذن له في الجناية، فكان موجباً عليه كما لو لم يكن نائباً، ودم المتعة والقران إن أذن له في ذلك، على المستنيب لأنه أذن في سببهما، وإن لم يؤذن له فعليه لأنه كجنايته. انتهى.

وإن كنت غير متطوع بالحج بل أخذت ممن كلفك النفقة وأُمِرتَ بالحج عنه مُفرِدا فأحرمت بالعمرة من الميقات عن نفسك، فإن رجعت إلى الميقات وأحرمت منه بالحج فلا شيء عليك، وإن أحرمت بالحج من مكة فعليك دم لترك الإحرام من الميقات كما قدمنا، وترد من النفقة بقدر المتروك من إحرام الحج فيما بين الميقات ومكة، قال ابن قدامة أيضاً: إذا أمره بحج فتمتع أو اعتمر لنفسه من الميقات، ثم حج نظرت، فإن خرج إلى الميقات فأحرم منه بالحج جاز ولا شيء عليه نص عليه أحمد وهو مذهب الشافعي، وإن أحرام بالحج من مكة فعليه دم لترك ميقاته، ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام الحج فيما بين الميقات ومكة، وقال القاضي: لا يقع فعله عن الآمر، ويرد جميع النفقة، لأنه أتى بغير ما أمر به، وهو مذهب أبي حنيفة، ولنا أنه إذا أحرم من الميقات فقد أتى بالحج صحيحاً من ميقاته، وإن أحرم به من مكة، فما أخل إلا بما يجبره الدم، فلم تسقط نفقته، كما لو تجاوز الميقات غير محرم، فأحرم دونه. انتهى.

وإن أُمِرتَ بالتمتع فأحرمت بالحج إفراداً فترد نصف النفقة للإخلال بالإحرام بالعمرة من الميقات، قال ابن قدامة أيضاً: وإن أفرد وقع عن المستنيب أيضاً، ويرد نصف النفقة، لأنه أخل بالإحرام بالعمرة من الميقات، وقد أمره به، وإحرامه بالحج من الميقات زيادة لا يستحق به شيئاً. انتهى.

وكذلك إذا حججت عنه مُفرِداً بعد أن أمرتَ بالقِران فإنك ترد من النفقة بقدر ما تركت من إحرام العمرة، قال ابن قدامة أيضاً: فإن أمره بالقِران فأفرد أو تمتع صح، ووقع النسكان عن الآمر، ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام النسك الذي تركه من الميقات. وفي جميع ذلك إذا أمره بالنسكين ففعل أحدهما دون الآخر، رد من النفقة بقدر ما ترك ووقع المفعول عن الآمر، وللنائب من النفقة بقدره. انتهى، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 32139، والفتوى رقم: 70915.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني