الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شهادة الزور بقصد التوصل إلى الحق

السؤال

كنت متزوجا من امرأة، وعند الزواج من المتعارف عليه في بلدنا التوقيع على قائمة منقولات الزوجية والذهب بأن الزوج قد استلم هذه الأشياء كاملة ويردها عند الطلب، وقد وقعت على تلك الورقة إلا أن الذهب لم أستلمه منها، ثم حدثت خلافات بعد ذلك بيننا وقامت زوجتي برفع دعوى علي بأني قد بددت القائمة وحكمت المحكمة علي وبعلمي بهذا الحكم في غيابي أعدت القائمة لها عن طريق القسم ما عدا الذهب لأنه ليس بحوزتي، وإنما بحوزتها وأتى القاضي وسألها فقالت لم أستلم منه الذهب.... سؤالي هو هل هذا يعتبر منها شهادة زور حيث إن الذهب معها وتريد أن ترغمني على دفع ثمنه. هل لي الحق في أن أستعين بشهود زور أنا أيضا لاسترداد حقي أم لا يحق لي ذلك.
أرجو الإفادة وتوضيح الحكم الشرعى حيث لا أريد أن أفعل ما يغضب الله .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما قامت به تلك المرأة لا يعد شهادة زور، ولكنه قول زور، وأكل للمال بغير حق. وهي بذلك تعتبر مخطئة خطأ كبيرا؛ لأن قول الزور من أكبر الكبائر كما هو الحال في شهادة الزور. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يقولها حتى قلت لا يسكت. متفق عليه.

وما حكم لها به القاضي لا يحل لها ذلك الذهب؛ لأن حكم القاضي لا يحل حراما، لما في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها.

وفيما يخص سؤالك عما إذا كان لك الحق في أن تستعين بشهود زور لاسترداد حقك منها، فجوابه أن ذلك لا يجوز لك؛ لما سبق من الحديث الشريف في أمر شهادة الزور وقول الزور.

وجاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية قوله: ... كما أن شهادة الزور والكذب حرام وإن قصد به التوصل إلى حقه. انتهى.

لكنك إذا كنت تريد إشهادهم على أنك قد أرجعت الذهب إليها، فإنه في إمكانك أن تصرح أمام القاضي بأنك قد أرجعته، ويكون قصدك أنك قد اشتريته أو بعته إذا كان قد حصل شيء من ذلك؛ لأن أرجع تأتي بمعنى اشترى وباع. أو تقول أرجأته بالهمزة بدل العين، وتقصد بذلك أنك أخرت قبضه منها. فهذا القدر من التورية يجوز.

وإذا أنكرت هي ذلك فسيستحلفها القاضي، وإذا امتنعت عن اليمين استحلفك أنت، وبإمكانك أن تحلف. فقد جاء في كشاف القناع: وإن كان الحالف مظلوما كالذي يستحلفه ظالم على شيء لو صدَقه أي أخبر به على وجه الصدق لظلمه أو ظلم غيره أو نال مسلما -قلت أو كافرا محترما- منه ضرر فهنا له تأويله. انتهى، والتأويل هو أن يريد الحالف بلفظه ما يخالف ظاهره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني