الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرجل الذي أخذ له رسول الله حقه من أبي جهل

السؤال

ما هي تفاصيل القصة التي ملخصها أن أحد الناس شكا للرسول صلى الله عليه وسلم أن أبا جهل يماطله في ديْن، فذهب معه الرسول صلى الله عليه و سلم و أخذ له حقه من أبي جهل، و هل قال الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء معينا وهو يخرج إلى أبي جهل في هذه المهمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقصة المسؤول عنها رواها ابن هشام بسنده في سيرته "قَالَ قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ إرَاشٍ بِإِبِلِ لَهُ مَكّةَ، فَابْتَاعَهَا مِنْهُ أَبُو جَهْل فَمَطَلَهُ بِأَثْمَانِهَا. فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى نَادٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ جَالِسٌ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَنْ رَجُلٌ يُؤَدّينِي عَلَى أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ، فَإِنّي رَجُلٌ غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ وَقَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقّي ؟ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَهْلُ ذَلِك الْمَجْلِسِ أَتَرَى ذَلِك الرّجُلَ الْجَالِسَ - لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُمْ يَهْزَءُونَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ مِنْ الْعَدَاوَةِ - اذْهَبْ إلَيْهِ فَإِنّهُ يُؤَدّيك عَلَيْهِ.

فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللّهِ إنّ أَبَا الْحَكَمِ بْنَ هِشَامٍ قَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقّ لِي قِبَلَهُ وَأَنَا (رَجُلٌ) غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ وَقَدْ سَأَلْت هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ عَنْ رَجُلٍ يُؤَدّينِي عَلَيْهِ يَأْخُذُ لِي حَقّي مِنْهُ فَأَشَارُوا لِي إلَيْك، فَخُذْ لِي حَقّي مِنْهُ يَرْحَمُك اللّهُ قَالَ انْطَلِقْ إلَيْهِ وَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمّا رَأَوْهُ قَامَ مَعَهُ قَالُوا لِرَجُلِ مِمّنْ مَعَهُمْ اتْبَعْهُ فَانْظُرْ مَاذَا يَصْنَعُ. قَالَ وَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى جَاءَهُ فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ مُحَمّدٌ فَاخْرُجْ إلَيّ فَخَرَجَ إلَيْهِ وَمَا فِي وَجْهِهِ مِنْ رَائِحَةٍ قَدْ اُنْتُقِعَ لَوْنُهُ فَقَالَ أَعْطِ هَذَا الرّجُلَ حَقّهُ قَالَ نَعَمْ لَا تَبْرَحْ حَتّى أُعْطِيَهُ الّذِي لَهُ قَالَ فَدَخَلَ فَخَرَجَ إلَيْهِ بِحَقّهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ. (قَالَ): ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ لِلْإِرَاشِيّ الْحَقْ بِشَأْنِك، فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَقَالَ جَزَاهُ اللّهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَاَللّهِ أَخَذَ لِي حَقّي

قَالَ وَجَاءَ الرّجُلُ الّذِي بَعَثُوا مَعَهُ فَقَالُوا: وَيْحَك مَاذَا رَأَيْت؟ قَالَ عَجَبًا مِنْ الْعَجَبِ وَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ وَمَا مَعَهُ رُوحُهُ فَقَالَ لَهُ أعْطِ هَذَا حَقّهُ فَقَالَ نَعَمْ لَا تَبْرَحْ حَتّى أُخْرِجَ إلَيْهِ حَقّهُ فَدَخَلَ فَخَرَجَ إلَيْهِ بِحَقّهِ فَأَعْطَاهُ إيّاهُ. قَالَ ثُمّ لَمْ يَلْبَثْ أَبُو جَهْلٍ أَنْ جَاءَ فَقَالُوا (لَهُ) وَيْلَك مَا لَك ؟ وَاَللّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَنَعْت قَطّ قَالَ وَيْحَكُمْ وَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيّ بَابِي، وَسَمِعْت صَوْتَهُ فَمُلِئَتْ رُعْبًا، ثُمّ خَرَجْتُ إلَيْهِ وَإِنّ فَوْقَ رَأْسِهِ لَفَحْلًا مِنْ الْإِبِلِ مَا رَأَيْت مِثْلَ هَامَتِهِ وَلَا قَصَرَتِهِ وَلَا أَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قَطّ، وَاَللّهِ لَوْ أَبَيْتُ لَأَكَلَنِي". وذكرها ابن كثير في البداية والنهاية.

ولم يذكر ابن هشام ولا ابن كثير أن النبي- صلى الله عليه وسلم- دعا بدعاء معين ولم نقف عليه عند غيرهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني