الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إجراء عقد النكاح في محاكم غير إسلامية

السؤال

أنوي الزواج من فتاة روسية ولكن المدينة التي أسكن فيها لا يوجد فيها أي شيخ ولا مسجد ويلزمني الزواج بها في المحكمة فهل يعتبر هذا صحيحا؟ فما ذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فينبغي للمسلم إذا أراد الزواج أن يختار المرأة الصالحة ، ذات الخلق ، والدين ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.
وصلاح المرأة يجلب السعادة الزوجية ، والطمأنينة النفسية ، ويكون سبباً في إيجاد جيل رشيد ، وقد حرم الشارع على المسلم الزواج بالمشركة ، فقال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن …) [البقرة:221] وحرم عليه الزواج بالزانية ، فقال تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين)[النور:3].
وأباح له الزواج بالمسلمة ، والكتابية إذا كانت عفيفة ، قال الله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن..)[المائدة:5] ويجب على من أراد الزواج من كتابية أن يكون قوي العقيدة ، راسخ الإيمان ، بحيث لا ينجر وراء ما قد تزينه له زوجته من دينها الباطل ، فيتبعها ، فيفقد بذلك دينه ، ويصبح في عداد المرتدين -الواجب قتلهم إن لم يتوبوا- وعليه أيضاً الاهتمام بتربية أولاده ، وتعليمهم حقيقة الإسلام ، حتى لا يتأثرو بما عليه أمهم ، فيتهودوا ، أو يتنصروا بسببها ، وعليه التأكد من بقائها على دينها ، فما أكثر الإلحاد في تلك البلاد.
وعلى ضوء ما سبق ، فإن كانت هذه الفتاة الروسية مسلمة جاز لك الزواج بها ، ويعقد لك بها وليها إن كان مسلماً، بحضور شاهدين عدلين ، فإن لم يوجد أو كان كافراً فالسلطان المسلم ، فإن لم يوجد فرجل من عامة المسلمين. قال ابن قدامة في المغني: (فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان ، فعن أحمد بن حنبل ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها) ولا يحل أن يعقد الكافر النكاح ، سواءً كان وليها ، أوالسلطان ، بإجماع أهل العلم ، حكاه ابن المنذر وابن قدامة، قال الله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً)[النساء:141] والمحكمة الروسية نصرانية كما هو معلوم ، فلا يصح أن تعقد نكاحك بهذه الفتاة.
وإن كانت هذه الفتاة من أهل الكتاب فيعقد النكاح وليها من أهل دينها ، فإن لم يوجد فالسلطان المسلم ، أو السلطان من أهل دينها ، فإن لم يوجد أو تعذر فرجل من عامة أهل دينها بإذنها ، ولا يعقده قريبها المسلم ، ولو كان أباها ، أو أخاها ، قال في المغني: (وأما المسلم فلا ولاية له على الكافرة ، غير السيد والسلطان... وذلك لقول الله تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض)[الأنفال:73] ولأن مختلفي الدين لا يرث أحدهما الآخر ، ولا يعقل عنه ، فلم يلِ عليه).
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني